الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

كيف نقيم ميزانية الشركات؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

تمثل الميزانية العمومية للشركة أحد الاعتبارات الهامة لمستثمري الأسهم عند رغبتهم بالاستثمار في أسهم هذه الشركة. فالميزانية العمومية هي انعكاس لما تملكه الشركة وما تدين به للآخرين. يمكن تقييم قوة الميزانية عن طريق ثلاث فئات من مقاييس جودة الاستثمار Investment-Quality Measurements وهي: كفاية رأس المال العامل، أداء الأصول وهيكل رأس المال.

سنتعرف في هذا المقال على أربعة وجهات نظر لتقييم أداء الأصول للشركة وهي: دورة تحويل النقد، معدل دوران الأصول الثابتة، معدل العائد على الأصول وتأثير الأصول غير الملموسة.

دورة تحويل النقد The Cash Conversion Cycle (CCC)

يشار إليها أيضاً باسم دورة التشغيل. تعتبر دورة تحويل النقد (CCC) مؤشراً رئيسياً لمدى كفاية رأس المال العامل في الشركة. كما لها أهمية كبيرة في قياس مدى كفاءة المنشأة في إدارة اثنين من الأصول الرئيسية هما الحسابات المدينة والمخزون.

يتم حساب دورة تحويل النقد بالأيام، وتمثل الفترة الزمنية التي تستغرقها شركة ما منذ صرف النقد لشراء المواد الأولية والخدمات حتى تحصيل النقد من المبيعات الناتجة عن هذه المواد الأولية والخدمات. كلما كان طول هذه الدورة أقصر كلما كان ذلك أفضل. فالنقدية هي المفتاح الذهبي للشركة، والمدير الناجح يعلم تماماً بأن الاستثمار في رأس مال عامل سريع الحركة يدر ربحية أعلى من تقييد رأس المال العامل بصورة غير منتجة في الأصول.

تحسب دورة تشغيل النقد (CCC) وفق المعادلة التالية: CCC = DIO + DSO – DPO

حيث أن:

DIO: أيام المخزون الموجود Days Inventory Outstanding

DSO: أيام المبيعات الآجلة الموجودة Days Sales Outstanding

DPO: أيام الحسابات الدائنة المستحقة Days Payable Outstanding

على سبيل المثال، إذا كان عدد أيام المخزون الموجود 30 يوم وأيام المبيعات الآجلة الموجودة 60 يوم وأيام الحسابات الدائنة المستحقة 45 يوم، ستصبح المعادلة كالتالي:

دورة النقد = 30 + 60 -45= 45 يوم. وهذا يعني أن الشركة بحاجة لمدة 45 يوم كي تتم الدورة وتستعيد النقدية التي دفعتها لشراء المواد الأولية الداخلة في تصنيع المنتجات المباعة.

لا يوجد قياس واحد أمثل لدورة تحويل النقد، حيث أنها تتأثر بشكل كبير بنوعية الخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة وخصائص الصناعة أيضاً.

يجب على المستثمرين الذين يبحثون عن جودة الاستثمار في ميزانيات الشركات أن يقوموا بتتبع دورة تشغيل النقد للشركة على فترات طويلة من الزمن (عشر سنوات مثلاً) ومقارنة أداء الشركة مع أداء المنافسين. هذا ويعد اتساق وانخفاض مدة دورة تشغيل النقد للشركة عن مثيلاتها من الشركات المنافسة بمثابة إشارة إيجابية للمستثمرين. وعلى العكس، عدم انتظام فترات التحصيل وارتفاع مدة الاحتفاظ بالمخزون يمثلان إشارات سلبية لجودة الاستثمار.

معدل دوران الأصول الثابتة The Fixed Asset Turnover Ratio

تمثل العقارات، الآلات والمباني Property، Plant and Equipment (PP&E) أو ما يعرف بالأصول الثابتة، رقماً كبيراً في ميزانيات الشركات، وغالباً ما تمثل بمفردها الحصة الأكبر من إجمالي أصول الشركة. لا بد أن يلاحظ القراء بأن مصطلح الأصول الثابتة هي الاختزال المالي لـ (PP&E)، على الرغم من أن أدبيات الاستثمار تشير أحياناً بمصطلح الأصول الثابتة إلى اجمالي الأصول غير الجارية.

يعتمد حجم استثمار الشركة في الأصول الثابتة بشكل كبير على طبيعة عمل هذه الشركة، فبعض خطوط الأعمال تتطلب كثافة رأسمالية أعلى من غيرها. على سبيل المثال: يحتاج منتجي المعدات الرأسمالية الكبيرة قدراً كبيراً من الاستثمارات في الأصول الثابتة، في حين أن شركات الخدمات ومنتجي البرمجيات يحتاجون قدراً صغيراً نسبياً من الأصول الثابتة.

عموماً، تشكل الأصول الثابتة ما نسبته 30%- 40% من أصول الصناعات السائدة. بناءً على ما سبق ذكره يتضح لنا بأن نسبة دوران الأصول الثابتة سوف تتباين بين الصناعات المختلفة.

ويتم حساب معدل دوران الأصول الثابتة بالمعادلة التالية:

Net Sales المبيعات صافي Average Fixed Assets الثابتة الأصول متوسط=الثابتة الأصول دوران معدلصول

ويمكن حساب متوسط الأصول الثابتة عن طريق جمع قيم الأصول الثابتة في نهاية الفترة لعدة فترات مالية وقسمة المجموع على عدد الفترات [على سبيل المثال: (قيمة الأصول الثابتة في نهاية عام 2006 + قيمة الأصول الثابتة في نهاية عام 2007) /2].

إن مقارنة مؤشر معدل دوران الأصول الثابتة لشركة ما مع قيمة هذا المؤشر في السنوات السابقة للشركة نفسها ومع الشركات المنافسة، يعطي للمستثمر فكرة عن مدى كفاءة الشركة في إدارة هذا الجزء الهام والكبير من أصولها. حيث يعتبر معدل دوران الأصول الثابتة مقياساً لإنتاجية الأصول الثابتة وقدرتها على توليد المبيعات. كلما ازداد عدد مرات دوران الأصول الثابتة كلما كان ذلك أفضل. بالتالي يجب على المستثمر أن ينظر إلى معدلات دوران الأصول الثابتة المرتفعة والمتسقة مع المنافسين كصفات إيجابية للاستثمار في ميزانية الشركات.

معدل العائد على الأصول (ROA) The Return on Assets Ratio

معدل العائد على الأصول (ROA) هو أحد نسب الربحية، حيث يظهر مقدار ربح الشركة على أصولها الإجمالية. بالتالي سيكون من المفيد النظر إلى هذه النسبة كمؤشر على أداء الأصول أيضاً.

يحسب معدل العائد على الأصول (ROA) كنسبة مئوية وفق المعادلة التالية:

Net Income الدخل صافي Average Total Assets الأصول إجمالي متوسط=(ROA) الأصول على العائد معدلصول

يمكن حساب متوسط إجمالي الأصول عن طريق جمع قيم إجمالي الأصول في نهاية الفترة لعدة فترات مالية وقسمة المجموع على عدد الفترات [على سبيل المثال: (قيمة إجمالي الأصول في نهاية عام 2006 + قيمة إجمالي الأصول في نهاية عام 2007) /2].

يتم التعبير عن معدل العائد على الأصول (ROA) بمقابلة الدخل الصافي الذي يظهر في الصف الأخير من قائمة الدخل، مع متوسط إجمالي الأصول. ارتفاع هذه النسبة يشير إلى ربحية عالية للشركة وكفاءة إدارة الأصول. كما أن أفضل توظيف وتحليل لهذه النسبة يكون بمقارنتها مع أداء الشركة نفسها خلال السنوات السابقة، ومع الشركات التي تعمل في نفس مجال الأعمال.

تأثير الأصول غير الملموسة The Impact of Intangible Assets

العديد من الأصول غير المادية تعتبر أصولاً غير ملموسة Intangible Assets، ويمكن تصنيفها بشكل رئيسي إلى ثلاثة أنواع من الأصول هي: الملكية الفكرية (مثل براءات الاختراع، حقوق النشر، العلامات التجارية والأسماء التجارية وغيرها)، الرسوم المؤجلة (مثل المصروفات الرأسمالية)، والشهرة المشتراة (تكلفة الاستثمارات الزائدة عن القيمة الدفترية).

لسوء الحظ، تختلف طريقة عرض الميزانيات العمومية للأصول غير الملموسة وتختلف المصطلحات المستخدمة في عنونة حسابات هذه الأصول. غالباً ما يتم إخفاء الأصول غير الملموسة في الأصول الأخرى والإفصاح عنها فقط في المذكرات الموجهة إلى الماليين.

إن الأموال التي تتضمنها الملكية الفكرية والرسوم المؤجلة عموماً ليست مادية، بالتالي فهي لا تتطلب تحليلاً تدقيقياً في معظم الحالات. إلا أن مبلغ الشهرة المشتراة الظاهر في ميزانيات الشركات يحتاج إلى نظرة دقيقة من قبل المستثمرين. بعض خبراء الاستثمار لا يرتاحون للمبالغ الضخمة للشهرة المشتراة، فالجمال الذي يتم شراؤه اليوم قد يتحول غداً إلى وحش قبيح. وحده الزمن كفيل بإخبارنا فيما إذا كان سعر الاستحواذ المدفوع من قبل الشركة المستحوذة عادلاً بالفعل. فعوائد الشركة المستحوذة لن تتحقق إلا إذا استطاعت تحويل هذا الاستحواذ إلى أرباح إيجابية في المستقبل.

يقوم المحللون المتحفظون بطرح قيمة الشهرة المشتراة من حقوق ملكية المساهمين للوصول إلى صافي القيمة المادية (الملموسة) للشركة. نظراً لعدم وجود أي قياس دقيق يسمح لنا بالحكم على أثر هذا الطرح، يجب علينا أن نحاول استخدام المنطق السليم للحكم على ذلك. إذا كان طرح الشهرة المشتراة له تأثير سلبي جوهري على موقف حقوق ملكية المساهمين للشركة، يجب على المستثمرين الحذر. على سبيل المثال، حتى إذا كانت نسبة الاستدانة في الميزانية العمومية لشركة ما معتدلة، فإن وضع الشركة سيكون سيئاً جداً في حال كانت متطلبات الديون تزيد بشكل كبير عن موقف حقوق الملكية الملموسة للشركة.

عند استحواذ الشركات على شركات أخرى تكون الشهرة المشتراة مسألة في غاية الأهمية في المحاسبة المالية. كما يجب على المستثمرين أن يكونوا بغاية الحرص في حال كانت قيمة الشهرة المشتراة الظاهرة في الميزانية العمومية مرتفعة نسبياً، حيث يتم الحكم على تأثير هذا الحساب على جودة الاستثمار في الميزانية العمومية عن طريق مقارنة حجمه مع حقوق ملكية المساهمين ومع معدل نجاح الشركة في الاستحواذات.

في النهاية فإن جانب الأصول في الميزانية يمثل ما تملكه الشركة من عناصر، سواء كانت بحوزتها أو تعود ملكيتها للشركة. وتعتبر الحسابات المدينة، المخزون، الأصول الثابتة والأصول غير الملموسة من أكثر حسابات الأصول أهميةً بالنسبة للمستثمر في الميزانية العمومية. بالتالي، تقوم الإدارة المالية الناجحة على إدارة كفؤة لهذه الحسابات الأربعة الرئيسية في الميزانية العمومية، وتقوم عملية بناء المحافظ القوية على معرفة كيفية قراءة وتحليل القوائم المالية بشكلٍ جيد.

المصادر

هنا