الطب > ‫‏كيف يعمل جسم الإنسان‬؟

سلسلة كيف يعمل جسم الانسان؟- الجهاز الهضمي: الأمعاء

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل تساءلتَ يوماً عن مصيرِ الطعامِ الذي تتناوله؟ كيفَ تتحولُ الأغذيةُ إلى موادّ بسيطةٍ تستفيدُ منها خلايا أجسادِنا في البناءِ وتوليدِ الطاقة؟

يتمُّ ذلك عبرَ عمليتي الهضمِ والامتصاصِ اللتين يعدُّ جهازُ الهضم مسؤولاً عنهما، سنسلطُ الضوءَ في هذا المقالِ على الأمعاء، والتي تشكلُ القسمَ الأكبرَ من جهازِ الهضم.

لقراءة مقالنا السابق عن الجهاز اله

تشريحياً :

تتألفُ الأمعاءُ من الأمعاءِ الدقيقةِ والغليظة.

 الأمعاء الدقيقة: عضوٌ مجوفٌ أنبوبيُّ الشكل، يتصلُ بالمعدةِ في

إحدى نهايتيه وبالأمعاءِ الغليظةِ في النهايةِ الأخرى، يشكلُ ثلاثةَ أرباعِ الجهازِ الهضمي، يبلغ طولُه 4.75-6 أمتارٍ ويبلغ متوسطُ قطرِهِ 2.5 سم. يمتدُّ بشكلِ عُرىً مجوفةٍ وملتفة، ويتألف من 3 أجزاء:

• العفج:

o القسمُ الأولُ (الداني) من الأمعاءِ الدقيقةِ الذي يتصلُ بالمعدة.

o أقصرُ وأعرضُ جزءٍ من الأمعاءِ الدقيقة.

o يبلغ طولُه 25 سم.

o يعتبرُ الجزءُ الذي تتمُّ فيه عمليةُ المزجِ وحيثُ تدخل معظمُ الأنزيمات الهاضمةِ الأمعاءَ الدقيقة (الأنزيمات هي بروتيناتٌ تسرِّعُ تفاعلاتٍ كيميائيةٍ محددةٍ في الجسم).

• الصائم:

o القسمُ الأوسطُ من الأمعاءِ الدقيقة، بين العفجِ واللفائفي.

o يبلغ طولُه حوالي 2.4 م.

o يتمُّ فيه معظمُ الهضمِ الكيميائي وامتصاصِ الأغذية.

• اللفائفي:

o القسمُ الأخيرُ (القاصي) من الأمعاءِ الدقيقةِ الذي يتصلُ بالأمعاءِ الغليظة.

o يبلغ طولُه حوالي 3.6 م.

تدعم الصائمَ واللفائفيَّ صفيحةٌ من المساريق Mesentery. المساريقُ غشاءٌ مضاعفٌ من البريتوان يعلقُ الأمعاءَ الدقيقةَ إلى الجدارِ الخلفيِّ لجوفِ البطن، ويدعم الأوعيةَ الدمويةَ والأعصابَ والأوعيةَ اللمفاويةَ التي تروي الأمعاءَ الدقيقة.

يتألفُ جدارُ الأمعاءِ الدقيقةِ من 4 طبقاتٍ: الغشاءُ المخاطي، وتحتُ المخاطية، والعضليةُ، والمصليةُ.

يعطي الغشاءُ المخاطيُّ للأمعاءِ الدقيقة استطالاتٍ إصبعيةِ الشكلِ تسمى الزغاباتِ المعوية Villi.

 الأمعاء الغليظة: تتألف من الأعورِ والكولون والمستقيم والشرج، ويبلغ طولها 1.5 م.

الأعور هو النهايةُ الدانيةُ (القريبة) للكولونِ الصاعد، يتوضعُ في الحفرةِ الحرقفيةِ اليمنى أسفل مستوى الوصلِ اللفائفي الأعوري، تنفتحُ نهايةُ اللفائفي على الجدارِ الأنسيِّ للأعور بوساطةِ الدسامِ اللفائفيِّ الأعوري.

الزائدةُ الدوديةُ بنيةٌ أنبوبيةٌ ترتكزُ قاعدتُها على الجدارِ الخلفيِّ الأنسيِّ للأعور.

يلي الأعورَالكولونُ الصاعد،حيث يصعدُ من أسفلِ وأيمنِ البطن (الحفرة الحرقفية اليمنى) عبرَ الخاصرةِ اليمنى إلى أعلى وأيمن البطن أسفل الكبدِ (المراق الأيمن)، ثم ينعطفُ ويتابعُ تحتَ اسمِ "الكولون المستعرض" الممتدِّ أفقياً، والذي يصلُ عبرَ الشرسوفِ إلى أعلى وأيسر البطنِ (المراق الأيسر) تحت الطحال، ثم ينعطفُ للأسفل مجدداً ويصل لأسفل وأيسر البطن (الحفرة الحرقفية اليسرى) تحتَ اسمِ "الكولون النازل"، يليه الكولونُ السينيُّ الذي يأخذُ شكلَ V مقلوبة، ثم المستقيمُ الذي ينتهي بالقناةِ الشرجية.

فيزيولوجياً:

الهضم: يتمُّ الهضمُ بآليتين ميكانيكيةٍ وكيميائية:

الهضمُ الميكانيكي: يتم بنوعين من الحركاتِ المعوية: التقلصات القطعية Segmentation Contractions وهي عبارةٌ عن تقلصاتٍ موضعيةٍ للعضلاتِ الدائريةِ في جدارِ الأمعاء، تقطع وتمزج الأغذيةَ في الأمعاءِ موضعياً، والحركات التمعجيّة Peristalsis التي هي عبارة عن تقلصاتٍ دوديّةٍ للعضلاتِ الطولانيةِ في جدارِ القناةِ الهضمية، تدفعُ الأغذيةَ ببطءٍ على طولِ الأمعاء.

الهضم الكيميائي:

يستقبلُ العفجُ الكيموس من المعدةِ عبر المصرةِ البوابية، كما يستقبل الصفراءَ من الكبدِ والأنزيمات الهاضمةَ البنكرياسيةَ استجابةً لهرمون الكوليسيستوكينين الذي تفرزه خلايا الأمعاء الدقيقة استجابةً لوجودِ الأغذية، كما تفرز هرموناً آخر هو السيكريتين الذي يحثّ إفرازَ شواردِ البيكربونات من البنكرياس لتعديلِ حموضةِ الكيموس.

تقوم الأنزيمات الهاضمةُ للبروتينات (التريبسين والكيموتريبسن والبيبتيداز وغيرها) بتفكيكِ البروتينات إلى ببتيداتٍ صغيرةٍ وحموضٍ أمينية.

يتم تفكيكُ الشحومِ بوساطةِ الليباز المعثكليِّ والأملاحِ الصفراويةِ إلى حموض دسمةٍ حرة ٍوغليسرول، أما الكربوهيدرات فتُفكَّك إلى سكرياتٍ أحاديةٍ أو قليلات سكاريد بوساطةِ الأنزيماتِ الهاضمةِ للسكاكرِ (مالتاز وسكراز ولاكتاز وغيرها).

الامتصاص:

تساعدُ بنيةُ الأمعاءِ الدقيقةِ في زيادةِ سطحِ التماسِّ مع الأغذية، هذه البنيةُ تتكون من ثلاث بنىً: الأولى هي ثنياتٌ في الغشاءِ المبطّنِ للأمعاءِ متبارزةٌ داخلَ اللمعة (حتى 8 ميليمتراً) تسمى "الثنيات الدائرية" أو ثنيات كيركرنغ Kerckring Folds، تزيد من سطحِ الأمعاءِ ثلاثةَ أضعاف.

البنيةُ الثانيةُ عبارةٌ عن نتوءاتٍ دقيقةٍ (1 ميليمتر) على امتدادِ السطحِ الداخلي للأمعاء تدعى الزغابات المعوية Villi، وتعتبر البنيةَ الرئيسيةَ للامتصاص، وهي تزيد من سطح الامتصاصِ 10 أضعافٍ أخرى. سطح هذه الزغابةِ يحتوي زغيباتٍ دقيقةً جداً Microvilli (1 ميكرومتر) تشكل ما يسمى بـ "حافة الفرشاة brush border" وهي البنيةُ الثالثةُ التي تزيد من سطحِ الامتصاص 20 ضعفاً. بالمجمل تساهم بنيةُ السطحِ الداخليِّ للأمعاء بزيادةِ سطحِ الامتصاصِ حوالي ألف ضعفٍ ليصبح معادلاً مساحةَ ملعبِ التنس (حوالي 250 م2).

هنا

في مركزِ كلِّ زغابةٍ معويةٍ شبكةٌ من الأوعيةِ الشعريةِ capillaries ووعاءٌ لمفي مركزي ذو نهايةٍ صماء يدعى الوعاءَ اللبني Central Lacteal. تنتقل المغذياتُ من اللمعةِ إلى الشعريات (الحموض الأمينية والكربوهيدرات) والوعاء اللبني (الشحوم).

يحدث معظمُ الامتصاص في الصائم، حيث يتم انتقالُ الموادّ المغذية المهضومة من اللمعة إلى الأوعيةِ الدموية واللمفية بوساطة الانتشار أو النقل الفعال، ليتم بعد ذلك انتقالُها لأنسجةِ الجسم الأخرى.

يتم امتصاصُ الحديد في العفج، بينما يتم امتصاصُ نواتجِ الهضمِ الرئيسية (السكريات والحموض الأمينية والحموض الدسمة) إلى الدورانِ الدموي في الصائم، أما امتصاصُ الفيتامين B12 والأحماضِ الصفراوية وبقيةِ الأغذية فيحدث في اللفائفي.

كما أن للأمعاء الدقيقة دوراً مناعياً من خلال فلورا الأمعاء (الجراثيم المفيدة) ولويحاتِ باير الموجودةِ في اللفائفي والتي تعد جزءاً من الجهاز اللمفاوي.

يمر الطعام الذي لم يهضم ولم يمتص إلى الأمعاء الغليظة.

تتم في الأمعاء الغليظة عمليةُ نزعِ الماءِ مما تبقى من المواد الطعاميةِ وامتصاص بعض الفيتامينات التي تنتجُها فلورا الأمعاء، كما يتم ضغطُ البراز وتخزينُه في المستقيم حتى يتم إخراجُه بعملية التغوط حيث تنفتح المصرةُ الشرجيةُ الخارجيةُ، كما تفرزُ الأمعاءُ الغليظةُ شواردَ البوتاسيوم والكلور.

أهم أمراض الأمعاء الدقيقة:

• العلوص الشللي Paralytic Ileus: أي انسدادُ الأمعاءِ الوظيفي (غير الميكانيكي) نتيجة توقفِ الحركاتِ التمعجية في جدارِ الأمعاء.

• الفتوق Hernias: خروجُ الأمعاءِ خارج جوفِ البطن، منها الفتق الإربي والسري، يشكل خطرَ انحشارِ الأمعاء عبر فوهةِ الفتق وتطور الانسداد المعوي.

• الانسدادات Mechanical Obstruction: قد تكونُ بسبب الضغطِ الخارجي أو بسبب جسمٍ غريبٍ أو حصاةٍ في الأمعاء.

• الإنتانات: بسبب العدوى بأحياء دقيقةٍ ممرضة قد تكون جراثيماً أو فيروساتٍ أو فطوراً أو ديدان، وهي شائعة.

• الأورام: السرطانة الغدية، الكارسينوئيد، اللمفوما، الميلانوما، الساركوما.

• رتج ميكل Meckel’s Diverticlum: هو بقايا للقناةِ السرية (السويقة المحية) عند الجنينِ التي تربط المشيمةَ بالقناة الهضمية وتزول عادةً بعد زوالِ الحبلِ السري، غالباً ما يكون لاعرضياً ويتواجد عند 2% من البشر، عندما يكونُ عرضياً فالعرضُ الأشيع هو النزوفُ المستقيميةُ غير المؤلمة.

• داء كرون Crohn’s Disease: أحد نوعي الداءِ المعوي الالتهابي IBD مجهولِ السبب، يتميز أنه قد يصيبُ أي جزءٍ من أجزاء جهاز الهضم

هنا

• الداء الزلاقي Celiac Disease: مرضٌ مناعيٌّ ذاتيٌّ يؤدي لالتهابٍ مزمنٍ وضمورٍ في الزغابات المعوية ينتج عنه حساسيةٌ وعدمُ تحمل ضد بروتين القمح (الغلوتين)

هنا

• الإقفار المساريقي Mesenteric Ischemia: هو نقصٌ في الترويةِ الدموية للأمعاء ناجمٌ عن أسباب عديدةٍ وقد يكون حادّاً أو مزمناً

هنا

• القرحات العفجية Duodenal Ulcers: المسببُ الأهمُّ لها هو جراثيمُ الملويات البوابية Helicobacter pylori تليه الأدويةُ وأهمها مضاداتُ الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs.

أهم أمراض الأمعاء الغليظة:

• متلازمةُ الأمعاءِ الهيوجة Irritable Bowel Syndrome: اضطرابٌ وظيفيٌّ شائعٌ عند 10-20% من البشر. يتجلى بتكرارِ ألمٍ بطنيٍّ واضرابِ عادةِ التغوط (بين إمساك وإسهال)، غالباً دون وجود آفةٍ مرضية محددة هنا

• التهاب الزائدة الدودية: هو التهابٌ يصيبُ منطقةَ من الأعور ينتجُ عن انسدادِ رأسِ منطقةِ الزائدة الدودية ببقايا برازٍ أو أي أجسامٍ غريبة، يعتبر التهاب الزائدة الدودية حالةً إسعافيةً تستدعي التدخلَ الجراحي السريعَ لمنعِ انفجارِها أو تكونِ الالتصاقات

هنا

• سرطان الكولون: أحد أشيع السرطانات عند الرجال والنساء

هنا

• التهاب الكولون القرحي Ulcerative Colitis: النوعُ الثاني للداءِ المعوي الالتهابي IBD مجهول السبب، ويقتصر على إصابةِ الأمعاء الغليظة

هنا

المقالات ذات الصلة:

الامساك: هنا

الاسهال: هنا

القرحات الهضمية: هنا

داء الأمعاء الالتهابي IBD: هنا

الزحار Dysentry: هنا

لماذا لا يهاجم الجهاز المناعي الفلورا الجرثومية في الأمعاء؟: هنا

لقراءة مقالاتنا الأخرى ضمن سلسلة كيف يعمل جسم الانسان: هنا

المصادر:

هنا

هنا

Elseviers: Gray’s Anatomy، 40th Edition