الموسيقا > الآلات الموسيقية

الناي... بين الأصالة والحداثة

استمع على ساوندكلاود 🎧

النّاي، أو القصبة كما يحلو للبعض أن يسمّيها، آلةٌ شرقيةٌ نفخية، تستخدمُ في التخت الموسيقيّ الشرقيّ، وهي من الآلات الأساسيّة في الموسيقى العربية. يعودُ استخدام هذه الآلة لأكثرَ من 4500-5000 سنة، مما يُكسِبها لقبَ "أول آلةٍ نفخيّةٍ عُرفت في تاريخ الموسيقى" بجدارة.

هنا

يعود أصلُ التسمية إلى اللّغة الفارسية، وهي تعني القصب، إذ أنّه وعلى الرُغم من تعدد أشكال هذه الآلة، إلّا أنّها في الأصلِ قصبةٌ مجوفةٌ مفتوحة الطرفين، طولها حوالي 45 سنتيمتراً، يتناقصُ قطرها تدريجياً من الأسفلِ وصولاً إلى الأعلى، ولها ستةُ ثقوبٍ على استقامة واحدة وثقبٌ سابعٌ في منتصف القصبة من الخلف يتحكم به الإبهام. تغيّرت إمكانياتُ هذه الآلةِ وأشكالُها كما تنوّعت أصواتها ونغماتها، حتى أصبحَ النايُ يصنع من المعدن أيضاً. ويُعتبر "كوش ناي Koş-Ney" أقدمَ آلةٍ موسيقيّةٍ في تركيا مستخدمةٍ حتى الآن، وتكون بشكل أنبوبين ملتصقين ببعضهما البعض.

هنا

استُخدِم الناي أولاً في بلاد ما بين النهرين (العراق) من قِبل السومريين في مدينة (أور)، كما يَرِدُ ذِكرُ الناي من قِبل المؤرّخين المصريين على أنّه الآلةُ المستخدمةُ في الاحتفالات الدينيةِ التي تقامُ للتقرّب من إله الآخرة عند الفراعنة والذي يُسمى (أوزيريس)، وذلك بحسب رسوماتٍ عُثر عليها في آثارَ مصرَ القديمة تُظهر طقوسَ العزفِ على آلةِ النّاي.

أخذَ الناي أهميةً في العالم الإسلامي بعد القرنِ الثالثِ عشر، إذ ارتبطَ بالصوفيّة ارتباطاً وثيقاً، ويعود الفضل الأكبرُ في ذلك للشاعرِ الشهير والحكيم جلالُ الدين الرومي. ثم انتقل إلى الأندلس بالتزامنِ مع وصولِ العربِ إلى تلك المنطقة، ليتّخذَ لنفسِهِ مكاناً بجانب أهم الآلات الوترية والإيقاعية هناك. كما استخدمت شعوب الـ Aztecs في المكسيك بعضَ الآلاتِ الموسيقيّةِ الشبيهةِ بالناي في الاحتفالات الخاصة بهم.

هنا

تتألف عائلة الناي من سبعِ آلاتٍ تختلفُ فيما بينها في في النغمات التي تستطيع عزفها بحيث يكونُ كلُ ناي متوافقاً مع طبقةٍ صوتية ومقامٍ خاصّ به. وبما أنه آلةٌ شرقية، يستطيعُ الناي أن يصدرَ النغماتِ بِبُعدٍ، ونصف البُعْد، وثلاثة أرباع البُعْد بدقةٍ عالية، وهو ما يميز النظام الموسيقيّ العربي عن الغربي. وهذا يعني أن عازفَ الناي الماهر يستطيع أن يعزِفَ مجالاً واسعاً من العلامات الموسيقية بمرونةٍ كبيرة، ولكنّ ناياً واحداً لن يكون كافياً على الأغلب لتغطيةِ ما تحتاجُه المقطوعةُ الموسيقية من نغماتٍ مختلفة، ولذلك فإننا كثيراً ما نجدُ أكثرَ من عازفٍ للناي في الأوركيسترا.

يعتبر مقام الراست Rast أطولُ المقامات المستخدمة في الناي وأخفضُها وهو المفضّل في الجلسات الصوفيّة، ويقابِلُهُ في النظام الغربي (C)، كما يوجد أيضاً ناي الدوكه Dukah (D)، والبوزاليك Busalik (E)، والجهاركا Jaharka (F)، والنَوى Nawa (G)، والحُسيني Hussayni (A)، والعجمي Ajam (B).

في الناي العربيّ والتركي، يوضعُ النايُ على زاويةِ الفم بصورةٍ مائلة، وعند النفخ بقوّة أو بخفّة تصدرُ الأصواتُ بطبقاتٍ مختلفة، كما يقوم العازفُ بسدّ ثقوبُ الناي أو فتحها لإصدار العلاماتِ الموسيقيّة وإخراجِ اللحنِ المطلوب، بينما في الناي الفارسي يعتمد العازفُ على وضعِ الناي في الفم بين أسنانِه ويستخدمُ اللسانُ لتوجيهِ الهواء.

يُحتفظُ حالياً باثنتين من أقدمِ آلاتِ الناي في متحفِ الآثار في جامعة بنسيلفانيا، ومن الجديرِ بالذكر أنّ الفارابي ورابعة العدوية هما أشهرُ من عزفَ على الناي في التاريخ.

نترككم الآن مع مقاطع موسيقية للناي:

المصادر:

هنا

هنا