الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

ما الذي يجعل العقارب تتوهج في الضوء؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

كما لو أن العقارب ليست مخيفةً بما فيه الكفاية، لكي تظهر بهيئةٍ أكثر رُعباً وتتَوهَّج في ضوء القمر!

تتَوهَّج العقارب تلك المخلوقات -التي تتبع لطائفة العنكبوتيات تصنيفياً arachnids بلون نيون أزرق غير طبيعي عندما تُضاء بالأشعة فوق البنفسجية بتسليط ضوء أسود* عليها.

تتحول الأشعة فوق البنفسجية إلى ضوء نيوني بتدرجات الأزرق، بواسطة البروتينات الموجودة في الهيكل الخارجي للعقرب، بشكل واضح للعين البشرية.

لكن.. بما أن العقارب مُزودة أصلاً بهيكل مُدرع، وكماشات، وإبر لاسعة مؤلمة وسامة، أليس جديراً أن نسأل؛ هل التَوهُّج في الظلام ضروري حقاً لهذه الكائنات؟

قضى عُلماء العنكبوتيات أوقاتاً طويلة في الواقع لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال بالذات، ما هي فائدة تَوهُّج العقارب؟

يدعي البعض أن التَوهُّج يساعد العقارب في إيجاد بعضها البعض، فلونها المتناغم مع لون الأرض يجعلها بطريقة ما صعبة الاكتشاف على الفور في الصحراء، بينما يعتقد آخرون أنها تفعل ذلك لإبهار الفريسة وإرباكها، ويذهب البعض إلى أن للضوء تأثيراً في كونه عامل وقاية من الشمس.

ولما كان العلم مبنياً على التجربة فقد أظهر التحقيق التجريبي، فشل التخمينات السابقة جميعاً، مما دفع بعض علماء العنكبوتيات إلى التكهن بأن تَوهُّج العقارب ليس لديه وظيفة على الإطلاق، وأنه لا يعدُ عن كونه مُجرد فعلٍ أَو اثر عشوائي للتطور.

كان لـ كارل كلوك -وهو باحث في مجال العنكبوتيات في جامعة ولاية كاليفورنيا- اعتقادٌ مخالف عندما بدأ مع زملاؤه بكشف سر التوهج الغامض خلال أشهرٍ من الدراسة

يعتقد كلوك أن العقارب قد تستخدم الأشعة فوق البنفسجية كوسيلة لتحديد ما إذا كان عليها أن تخرج إلى السطح للبحث عن فريسة أو لا، استناداً إلى مستويات الضوء، فالعقارب مخلوقات ليلية، تمقت الحرارة وتأثيرات التبخر الناتجة عن أشعة الشمس، واتضح أنها تتجنب تحديداً ضوء الأشعة فوق البنفسجية. وقد أفاد الباحثون أن العناكب تضبط مستوى نشاطها اعتماداً على كمية الأشعة فوق البنفسجية المسلـّــطة عليها. فعندما تُشبع بالأشعة فوق البنفسجية، يصبح نشاطها أقل مما كانت عليه في الأضواء الخافتة.

أظهرت بعض الدراسات والمراقبة السلوكية، أن استجابة العقارب للأشعة فوق البنفسجية، تظهر حتى في وجود بعض الأشعة فوق البنفسجية في ضوء القمر، إذ تخرج العقارب الجائعة لتطارد الفرائس، غير مبالية بمستويات الضوء. ولكنها تميل إلى الاختباء في الليالي المقمرة خاصةً عند اكتمال القمر لو كانت في حالة شبع. وقد يكون التَوهُّج جزء من الآلية التي تستجيب من خلالها العقارب لضوء القمر.

أما عن كيفية حدوث التوهج فهو عائدٌ لمادة نيتروجينية في قشرة هذه الكائنات تستطيع عكس الأشعة الساقطة عليها مع تغيير طول موجتها ناقلةً إياها من الطيف الغير مرئي إلى المرئي، ولم يعرف تركيبها الدقيق بعد.

على صعيد آخر، فإن هذا التَوهُّج سيسمح للناس الذين يعيشون في المناطق التي تكثر فيها الأنواع القاتلة من العقارب بتتبعها والقضاء عليها بسهولة بتسليط ضوء

قد ينتاب العلماء بعض الرضا لحصولهم على إجابةٍ لسؤالهم حول ماهية هذا التوهج وسببه تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية أخيراً، لكن السعادة الكبرى هي لمتتبعي هذه الكائنات والراغبين بالتخلص منها في منازلهم.

(*) الضوء الأسود: هو الضوء فوق البنفسجي ويتم إصداره من مصباح خاص يطلق أشعةً غالباً ما تكون في المنطقة القريبة من الطيف فوق البنفسجي إذ يمكن له أن يكون مرئياً جزئياً. قد تصمم مصادر الضوء الأسود من مصابيح فلورسنت أو مصابيح بخار الزئبق أو الصمامات الثنائية باعثة الضوء أو مصابيح التنجستين.

المصادر:

هنا

هنا