الفيزياء والفلك > علم الفلك

المركبة جونو تلتقط صوراً جديدة لشفق المشتري القطبي

استمع على ساوندكلاود 🎧

انتَشَرت على مواقعِ التواصُل الاجتماعيّ أخبارٌ عن رصدِ مقرابِ هابل لظاهرةِ الشّفق القُطبيّ على كوكبِ المُشتري، أكبرِ كواكب المجموعةِ الشّمسيّة.

فهل هي المرّةُ الأولى الّتي يرصُدُ فيها مِقرابُ هابل هذهِ الظاهرة؟ وما الجديدُ في هذا الرّصد؟

يَستخدِمُ فلكيّو وكالةِ الفضاءِ الأوروبيّة وناسا تِلسكوبَ الفضاء هابل حالياً لدراسةِ الشّفق الّذي يَظهرُ على هيئةِ ضوءٍ جميلٍ في الغلافِ الجويّ لكوكبِ المُشتري، الّذي يُعدُّ أضخمَ الكواكبِ في مجموعتنا الشّمسيّة. يَعتمدُ مِقرابُ هابل في دراستهِ هذهِ على المعلوماتِ والقياساتِ التي تُزوّدُها المركبةُ الفضائيّة جونو في رحلتها إلى كوكب المشتري.

اشتُهرَ كوكبُ المشتري بعواصِفهِ الملوّنة، ولعلّ أشهرها البقعةَ الحمراءَ الكبيرةَ الّتي تظهرُ في الصّور. أما اليوم واعتمادًا على قُدراتِ مقرابِ هابل فوق البنفسجيّة، فقد حصلَ العُلماءُ على ميزةٍ جميلةٍ أُخرى للكوكب، هي الشّفق القُطبيّ. فعندما تَدخُل جسيماتٌ عاليةُ الطّاقة الغِلافَ الجوّيّ للكوكبِ بالقُربِ مِن أحد قُطبيهِ المغناطيسيّين، وتتصادمُ مع ذرّات الغاز هناك، نحصَلُ على ظاهِرةِ الشّفقِ الجميلة.

تزامنَ هذا الرّصد الجديدُ مع دخولِ المركبةِ جونو مِنطقةَ تأثيرِ الرّياحِ الشّمسيّة بالقربِ من المُشتري، واقترابِها من المرورِ بمدارِ هذا الكوكبِ في شهرِ تمّوز (يوليو) الجاري 2016، فبينما يرصدُ "هابل" هذه الظّاهرة تقومُ جونو بدراسةِ خصائص هذه الرّياح الشّمسيّة بحدّ ذاتها.

يقول جوناثان نيكولز "Jonathan Nichols" من جامعة ليسِستر "Leicester" في المملكة المتّحدة والباحثُ الرئيسيّ في الدّراسة: "هذا الشّفقُ مثيرٌ للغاية وهو الأكثرُ نشاطاً بين كُلّ الشُّفُقُ الّتي رأيتها في حياتي. يبدو كما لو أنّ المُشتري يُقيمُ حفلةً بالألعابِ النّاريّة احتفالاً بِقُربِ وصولِ جونو." يقومُ مقرابُ هابل حالياً بمراقبةِ كوكبِ المُشتري يومياً لمدّةِ شهرٍ واحدٍ لتسليطِ الضّوءِ على التغيّرات في الشّفق القطبيّ، وسيتمكّنُ العلماءُ من إنشاء تسجيلاتِ فيديو تُظهِرُ حركةَ الشّفق الّذي يُغطّي مساحةً أكبرَ من مساحةِ الأرضِ، وذلك باستخدامِ سلسلة الصّورِ الّتي يلتقِطُها.

ضخامةُ شفقِ المُشتري ليست ميزته الوحيدة، فهو يفوقُ شفقَ كوكبِ الأرض نشاطاً بِمِئاتِ المرّات، وعلى العكسِ من ظاهِرةِ الشّفق الأرضيّ، فهو لا يتوقف. فالشّفقُ الأرضيّ يَنجُمُ عَنِ العَواصِفِ الشّمسيّة حين تُمطِرُ الجُسيماتُ المَشحونةٌ المُنبعثةُ من الشّمس الغلاف الجويّ العلويّ مؤدّيةً لاستثارِة غازاتِهِ في تلك المنطقة، الأمرُ الّذي يؤدّي إلى توهُّجها باللون الأحمرِ والأخضرِ والأرجوانيّ. لكنْ لشفقِ المشتري سببٌ آخرُ غيرُ العواصفِ الشّمسيّة.

يقومُ المجالُ المغناطيسيُّ القويُّ لتكتّلات الغازِ العملاقةِ في الغلافِ الجويّ للمُشتري بالتقاطِ عددٍ كبيرٍ من الجُسيماتِ المشحونةِ من المناطقِ المحيطةِ بهذه الغازات والّتي تأتي ليسَ فقط من الرّياحُ الشّمسيّة ولكن أيضًا تلك الّتي يُلقيها قمرُ كوكبِ المُشتري أيو "IO"، و الّذي يُعَرَفُ بكثرةِ براكينهِ وضخامتها.

ستُمكّنُ المُلاحظاتُ والقياساتُ الجديدةُ الّتي رصدها مقرابُ هابل ومِسبارُ جونو العُلماءَ من فهمِ كيفيّة تأثيرِ الشّمس والعواملِ الأخرى على الشّفق. وفي حينِ أنّ هابل ما زالَ يرصُدُ هذه الظّاهرة، فإنّ تحليلَ البياناتِ سيستغرِقُ عدّةَ أشهُرٍ أخرى. لكنّ الصّورَ الأولى وتسجيلاتِ الفيديو مُتاحةٌ بالفِعلِ، وتُظهِرُ الشّفقَ في القُطبِ الشّماليّ لكوكبِ المشتري بشكلٍ خلّاب.

بالعودة إلى سؤالنا الأساسيّ، هل هي المرّةُ الأولى الّتي يرصدُ العلماءُ فيها الشّفق القطبيّ للمُشتري؟

الجواب: لا. فقد اكتشَفَت المَركبةُ الفضائيّة فوياجر 1 ظاهرةَ الشّفقِ في الغلافِ الجويّ لكوكبِ المُشتري للمرّةِ الأولى في عام 1979. ظهرَ الشّفقُ حينئذٍ على شكلِ حلقةٍ رقيقةٍ من الضّوء في الجانب المُظلمِ للكوكب، وبدا مشابهًا إلى حدٍ كبيرٍ للشّفق الخاص بكوكبنا الأرض.

حالياً هنالك تعاوُنٌ تامٌّ بين المِقراب هابل والمِسبارِ الفضائي جونو، فهل هي المرّةُ الأولى الّتي يرصدُ فيها مقرابُ هابل صوراً للمُشتري اعتماداً على بياناتِ مسبارٍ فضائي؟ كلّا إنّها ليستِ المرّةَ الأولى الّتي يتعاونُ فيها هابل مع مسبارٍ فضائيّ. ففي عام 2000 قامت المركبةُ الفضائيّةُ التّابعةُ لناسا NASA/ESA/ASI Cassini بالاقترابِ من كوكبِ المشتري، واستغلَّ العلماءُ هذهِ الفرصةَ لجمعِ البياناتِ والصُّورِ عن الشّفق وذلك بالتّزامنِ مع ما جمعهُ مقراب هابل حينها.

وفي عام 2007 حصل هابل على صورٍ تُظهرُ الشّفقَ القُطبيّ لكوكبِ المُشتري بمُساعدةِ بعثةِ" New Horizons" الّتي استغلّت جاذبيّةَ كوكبِ المشتري للمناورةِ في طريقها إلى كوكبِ بلوتو.

إذاً ما الجديد اليوم؟ وجدَ العُلماءُ حديثًا أنّ رؤيةَ هذا الشّفقِ بشكلٍ أفضلَ تتطلّبُ الاعتمادَ على الأشعّةِ فوقَ البنفسجية، وهذا ما اعتمدَ عليه مقرابُ هابل هذه المرّة لالتقاطِ أجملِ و أدقِّ الصُور لهذهِ الظاهرةِ الرائعة.

للمزيد حول بعثة جونو : هنا

المصدر: هنا