الكيمياء والصيدلة > كيمياء

كيمياء الألعاب النارية | الجزء الثاني

استمع على ساوندكلاود 🎧

يمكنك تذكّرُ الجزءِ الأولِ من المقال عبرَ الرابطِ التالي:

هنا

ما نراه ونسمعه عن مشاهدةِ الألعابِ النّاريةِ ما هو إلّا نتيجةٌ لعدّةِ تفاعلاتٍ كيميائيةٍ (أكسدةٍ وإرجاعٍ) تجري داخل هذه الألعابِ ومن ثَمَّ تصعد إلى السماء. تُنتِجُ المؤكسِداتُ غازَ الأوكسجين اللازمَ لحرقِ الوسائطِ المُرْجِعةِ ولإثارةِ ذراتِ المركباتِ التي ينبعث منها ضوء. وتُستخدم المؤكسِداتُ المختلفةُ في مسحوق البارودِ والنجومِ التي تكون داخلَ عبوةِ الألعابِ النارية. وأكثرُ المؤكسِداتِ استخداماً هي النتراتُ والكلوراتُ وفوقَ الكلورات. أمّا المُرجِعاتُ فأكثرُها استخداماً هي الكبريتُ والكربون، حيث يتّحد مع الأوكسجين في المؤكسِدات لإنتاج الطاقةِ من الانفجار.

وكما ذكرنا فإنّ أكثرَ المؤكسِداتِ شيوعاً هو النتراتُ الذي يُعتبَر عنصراً رئيساً في مسحوقِ البارود؛ حيث تتكون النتراتُ من أيونات (NO3-) وأيونِ المعدن. والمركبُ الأكثرُ شيوعاً هو نتراتُ البوتاسيوم الذي يتفكك إلى غازِ النتروجين وغازِ الأوكسجين كما يلي:

عندما يتم التفاعلُ تطلق النتراتُ ذرّتي أكسجين من الذرات الثلاثِ، وذلك بسبب أن الأكسدةَ لا تؤدي إلى إطلاق جميعِ ذرّاتِ الأوكسجين الموجودةِ في النترات. والتفاعلُ في هذه الحالة ليس نشطاً بما يكفي كما في المؤكسِداتِ الأخرى التي تُعتبر أكثرَ دقةً في التفاعل. وهذا السببُ الذي جعل من النتراتِ عنصراً أساسياً في مسحوق البارودِ الذي يُستخدم في الألعابِ النارية.

فالغرض الرئيسُ في الألعاب الناريةِ هو توفيرُ قوةِ دفعٍ أوليةٍ لإطلاق حُزمةِ الألعابِ في السماءِ وكذلك إشعالِ حُزمةِ النجومِ الموجودةِ ضمن الألعابِ الناريةِ، أمّا فيما يخصّ الانفجاراتِ فلا علاقةَ للنتراتِ في ذلك، لأنّ تفاعلَ النتراتِ لا يُنتِج حرارةً عاليةً بما يكفي لتنشيط العديدِ من الفِلِزّاتِ الساخنة.

في عام 1830 وجد صانعو الألعابِ النّاريةِ في إيطاليا مجموعةً من المؤكسِداتِ الأكثرِ تفجيراً والتي تُنتج حرارةً تُراوِح بين 1700- 2000 درجةً مئويةً، والتي من الممكن أن تُنتجَ ألواناً أكثرَ وضوحاً وقوةً أيضاً. هذه المؤكسِداتُ هي الكْلوراتُ والتي تحتوي على الأيون ClO3- والتي بدورها تُعطي أثناءَ التفاعل كلَّ ذراتِ الأوكسجين التي تملكها.

هذه النتائجُ أكثرُ بكثيرٍ من مجردِ تفاعلٍ شديدٍ ومذهل.

إنّ لهذه الكلُوراتِ بعضَ المَساوئِ؛ إذ تبدو أقلَّ استقراراً ميكانيكياً من النترات، وبالتالي أكثرَ خطورة في التعامل معها.

فمركّباتُ الكلور في بعض الأحيانِ يمكن أن تنفجرَ فقط لمجرّدِ إفلاتِها على الأرض. وعدمُ الاستقرارِ هذا يأتي من حقيقةِ أنّه على الرغم من أنّ ذرةَ الكلورِ لديها القدرةُ على الارتباط بأربعِ ذراتِ أكسجين، لكن في الحقيقة يكون الارتباطُ مع ثلاثِ ذراتٍ فقط وتبقى بذلك ذرةُ الكلور غيرَ مشبَعة.

إنّ إطلاقَ كافةِ ذراتِ الاوكسجين في التفاعل يجعل الكلوراتِ عاملاً مؤكسِداً أفضلَ من النترات. وبخلاف مركّباتِ النتراتِ التي تحقق معدّلَ حرقٍ بطيئاً نسبياً، فإنّ الأكسدة بالكلورات تحقق فرقعةً وانفجاراً أكثر بكثير من النترات. تَستخدم قليلٌ من الشركات المصنِّعةِ للألعابِ الناريةِ الكلورات. وفي الوقت الحالي يُستخدم فوق الكلورات عوضاً عنها بسبب ازديادِ استقرارِها وإطلاقِها للأكسجين.

يحتوي فوق الكلورات على الأيون ClO4- الذي ترتبط به ذرةُ الكلور مع أربعِ ذراتِ أكسجين. يرتبط الكلورُ بأقصى حدٍّ من روابطِه مع الأكسجين، ولذلك فإنّ فوق الكلوراتِ أكثرُ استقراراً من الكلورات وكذلك أيضاً فإن فوق الكلورات لديها قدرةٌ على إطلاق ذراتِ الأكسجين الأربعةِ جميعها:

وكذلك فإنّ فوق الكلوراتِ ليست فقط أكثرَ استقراراً من الكلوراتِ بل أكثرَ غنىً بالأكسجين أيضاً. وهي كالكلورات تفاعلُها أشدُّ قوةً من النترات.

يرتبط الأكسجينُ الناتجُ عن النترات والكلورات وفوق الكلورات في حجراتِ النجوم في الألعاب النّارية على الفورِ مع عواملِ الإرجاعِ لإعطاء طاقةِ الانفجار والغازاتِ التي تنتشر بسرعة. عواملُ الإرجاعِ الأكثرُ شيوعاً واستخداماً هي الكبريتُ والكربونُ (الفحم)، وهي المكوِّناتُ الأساسيةُ للبارود الأسودِ الذي يتفاعل مع الأكسجين ليعطيَ غازَ ثنائي أكسيدِ الكبريت و ثنائي أكسيدِ الكربون على التوالي:

تَنتُج عن التفاعلاتِ التي تُطلِق هذه الغازاتِ طاقةٌ حراريةٌ كبيرةٌ؛ تلك الغازاتُ لا تُطلَقُ بسرعة وحسْب وإنّما الطاقةُ والانتشارُ السريعُ للغازات، وذلك ما يزيد من قوة الانفجارِ أثناء التفاعل.

المصدر:

هنا