الهندسة والآليات > الالكترونيات

الصمام الثنائي الأصغر في العالم - جزيئات DNA مقومة للتيار الكهربائي

استمع على ساوندكلاود 🎧

تكلمنا في مقال سابق عن ترانزستورات تأثير التداخل الكمي وكيف استطاع العلماء أن يستفيدوا من مفاهيم فيزياء نظرية الكم لتحويل جزيئات الأنولينات إلى ترانزستورات صغيرة جداً، والآن يتمكن العلماء مرةً أخرى من الاستفادة من التطور الكبير في مجال علم الوراثة والفهم الدقيق لمكونات الأحماض النووية من صناعة صمامات ثنائية Diodes هي الأصغر على الإطلاق، صغيرة لدرجةٍ يصعب رؤيتها حتى باستخدام المايكروسكوب التقليدي.

تابعوا معنا في هذا المقال كيف يمكن تحويل الأحماض النووية منقوصة الأوكسجين DNA إلى صمامات ثنائية مقومة للتيار الكهربائي:

تسمح الصمامات الثنائية والتي تعرف أيضاً باسم المقومات للتيار الكهربائي بالتدفق في اتجاه واحد فقط دون الآخر، وهي المسؤولة عن نقل التيار الكهربائي في الكثير من الأجهزة الإلكترونية الشائعة اليوم. يمكن التعرف عليها اكثر في المقال الذي سبق وتناولناه "بالباحثون السوريون" . كانت هذه الصمامات الثنائية كبيرة نسبياً فيما مضى مقارنة مع حجمها هذه الأيام، حيث أصبح بالإمكان تضمين الملايين منها على شريحة واحدة، ولكن الحاجة ما زالت متنامية نحو التصغير المستمر لهذه العناصر الإلكترونية بهدف زيادة قوة المعالجة لهذه الشرائح، الشيء الذي تعتريه العديد من الصعوبات إذا ما التزم العلماء بالأساس السيلكوني في تصنيع هذه الصمامات الثنائية وغيرها من المكونات الإلكترونية.

يقول قائد فريق البحث (Bingqian Xu) من جامعة جورجيا: "لمدة خمسين عاماً، كنا قادرين على زيادة قوة الحوسبة أكثر وأكثر مع التصغير المستمر للشرائح الإلكترونية، و لكننا الآن مضطرون لتجاوز الحدود المادية للسيلكون"، ويضيف: "اكتشافنا يمكن أن يؤدي إلى التقدم في تصميم وبناء العناصر الإلكترونية النانوية حتى تصبح أصغر بما لا يقل عن 1000 مرة مقارنة بالمكونات الحالية".

وقد اقترح العلماء منذ أكثر من أربعين سنة ماضية إمكانية تصغير الصمامات الثنائية والمكونات الإلكترونية الأخرى حتى الوصول بها إلى حجم الجزيئات الأحادية، حيث أن الجزيئات الأحادية هي أصغر بنية مستقرة يمكن تخيلها. وهي الفكرة التي ساعدت في النهاية على خلق مجال جديد وهو الإلكترونيات الجزيئية، المجال الذي يمكن أن يساعد في دفع مجال الحوسبة نحو تجاوز حدود أجهزة السيلكون التقليدية.

واستمراراً على نفس الخط من التفكير فقد وجد (Bingqian Xu) وزملاؤه أن جزيء الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين (DNA) هو أحد أبرز العناصر المرشحة للاستخدام في الإلكترونات الجزيئية، وذلك نتيجة للتقدمات الكبيرة في مجال علم الوراثة التي سهلت نسبياً من إمكانية التعامل مع هذا الجزيء وتصنيعه بدقة.

وحقاً فقد تمكنوا من تصنيع صمام ثنائي اعتماداً على جزيء (DNA) هو الأصغر في العالم كما يقولون.

يتألف جزيء (DNA) من سلسلتين من النيوكليوتيدات تلتفان حول بعضهما بشكل حلزوني، تتألف هذه السلاسل من جديلات مقترنة زوجياً مكونة من جزيئات تعرف باسم القواعد (bases). وقد تم تصنيع الصمام الثنائي الجديد فقط من 11 زوج قاعدة (base-pair)، ويمكنك تخيل مقدار صغر هذا الصمام الثنائي إذا عرفت أن في كل خلية من خلايا جسمنا يوجد ما يقارب 3 مليارات زوج قاعدة.

إن جزيء DNA بحد ذاته لا يتصرف كالصمام الثنائي، ولكن عندما قام الباحثون بدمج جزيئات صغيرة تدعى الكورالاين (coralyne) مع نقاط محددة من الحمض النووي (DNA) وطبقوا جهداً بقيمة 1.1 فولت، تدفق التيار الكهربائي عبر الصمام الثنائي المصنوع من (DNA) في أحد الاتجاهين بقوة أكبر من الاتجاه الآخر بخمسة عشر مرة. وقد كشفت النماذج النظرية للصمام الثنائي أن هذا التقويم لموجة التيار الكهربائي ناتج عن التوزيع غير المتوازن للإلكترونات نتيجة لتضمين جزيئات الكورالاين في الحمض النووي (DNA).

يظهر الشكل التالي رسماً توضيحياً لدارة هذا الصمام الثنائي. تُعبّر الكرات باللون الأصفر عن جسيمات الذهب النانوية قطبي الصمام الثنائي، و المركب الناتج عن دمج جزيئين من الكورالاين (coralyne) مع إحدى عشر زوج قاعدة.

ولكن برغم النتائج الرائعة _نوعاً ما_ لصمام (DNA) الثنائي، فإن فعاليته لا تعادل فعالية الثنائيات المصنوعة من جزيئات أحادية أخرى، وتبقى ميزة أنه الثنائي الأصغر بين جميع الثنائيات الموجودة اليوم هي الميزة الأكثر الأهمية، خاصةً وأن القائمون على هذا العمل يقترحون أنهم قادرون على مواصلة تحسين هذا الثنائي حتى يصبح من الممكن تصنيع أجهزة جزيئية وظيفية اعتماداّ عليه.

للتعرف على الترانزستورات من الألف إلى الياء www.syr-res.com/subcat/237.html

المصادر:

هنا

هنا