الهندسة والآليات > الاتصالات والشبكات

تحويل الشبكة اللاسلكية WIFI ضمن مبنى إلى نظام لتحديد المواقع GPS

استمع على ساوندكلاود 🎧

نسمع في كثير من الأحيان في الأخبار أن دولة ما قامت ببناء نظاماً دفاعياً قادراً على تعقب الصواريخ أو أن شركة سيارات ما طورت نظاماً يساعدك على اتباع أفضل الطرقات بسيارتك للوصول إلى هدفك، إن كلا الحدثين تعقب الصواريخ وإرشادك إلى أقصر الطرق يعتمد على نظام تحديد مواقع (GPS - Global Positioning System)، ورغم أهمية هذه الخدمات لكن بمجرد دخولك المطار أو المتحف أو السوق ستنتهي إلى سؤال شخص ما عن الاتجاهات أو تصفح أحد خرائط المكان. قامت بعض الأبحاث بحل هذه المُعضلة من خلال تحويل أي شبكة لاسلكية إلى نظام تحديد الاتجاهات والمواقع داخل المباني. تابعوا معنا المقال التالي:

يوجد العديد من أنظمة تحديد المواقع التي صُممت للأماكن المغلقة لكنها تعتمد على إشارات راديوية أو حتى مغناطيسية، أو تعتمد على رسم خرائط لأي إزاحة تحدث لنقاط وصول Wifi، لكن هذه الطرق تعدّ مكلفة التطبيق وصعبة عند الحاجة لتغيير المقياس (scale)، يضاف إلى ذلك أن أنظمة (GPS) الداخلية ليست دقيقة بشكل كافي لتقوم بأشياء ممتعة كأن يقوم روبوت بملاحقتك أو تجنبك.

لقد قام باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد الذكاء الصنعي (CSAIL Computer Science and Artificial Intelligence Laboratory) بتطوير طريقة لربط أجهزة(wifi) بما فيها الأجهزة الذكية بحيث تستطيع تحديد مواقع بعضها بدقة تصل حتى السنتيمترات، إن هذه التقنية التي أُطلق عليها (Chronos) تعتمد على جعل الأجهزة تصدر أمواج راديوية بعرض حزمة متعدد من مرتبة غيغاهرتز.

تبدأ هذه التقنية بوجود جهازين متصلين عن طريق شبكة لاسلكية، أحدهما يعد المرسل والآخر هو المستقبل، يتنقّل الجهازان معاً بين جميع حزم الترددات ضمن مجال من 2.4 غيغا هرتز وحتى 5.8 غيغاهرتز وعددها 35 حزمة ترددية. بالتالي سيتغيّر بشكل طبيعي معدل الإرسال (السرعة) الذي تقوم عنده الإشارة بمراكمة الطور عند كل تردد، حيث يقوم المرسل بالانتقال بين الحزم الترددية كل 2 حتى 3 ميكرو ثانية ويقوم المستقبل بمقارنة فروق الأطوار عند كل تردد، بالتالي تستطيع التقنية حساب زمن إرسال الإشارة ومنه المسافة بين الجهازين.

في حال كان أحد الأجهزة يملك أكثر من هوائي لاسلكي كما في أغلب الأجهزة الذكية الحديثة والحواسيب المحمولة، تستطيع هذه التقنية حساب فرق الزاوية بين الجهازين وتحديد موقع كل منهما في الفضاء، في تجارب الحياة اليومية كما في شقة أو مقهى استطاعت تحديد مواقع الأجهزة ضمن 65 سنتيمتر أي حوالي عشرة أضعاف دقة (GPS) باستخدام بطاقات (WIFI) جاهزة.

يرى الباحثون من معهد ماساتشوستس أن هذه التقنية يمكن استخدامها في المنازل الذكية لحساب عدد الأشخاص في غرفة ما وللتحكم بالإضاءة ولتوفير شبكات مفتوحة بلا كلمة سر في مقاهي الانترنت (حيث يستطيع استخدام الشبكة فقط الأشخاص المتواجدين داخل المقهى ويتم حجبها عن الأشخاص خارج المقهى)، وأيضاً لجعل الروبوتات تتحرك بأمان بالقرب من الإنسان.

تقول البروفسورة (katabi): "لأن الـwifi مستخدمة بشكل واسع وتوجد في كل هاتف نقال، سيكون من الجيد استخدام هذه التقنية المذهلة في أكبر عدد ممكن من التطبيقات".

إن لهذه التقنية قيود لكن رغم ذلك تستطيع العمل على أي جهاز wifi متوافر بمجرد استخدام تطبيق أو تحديث برمجيات نقطة الوصول، يجب إخضاع الجهاز أولاً لمعايرة المسافة لمرة واحدة فقط، ذلك لأن (Chronos) تأخذ حوالي عُشْر الثانية للانتقال بين الحزم الترددية، فستنخفض دقتها في حال كانت الأجهزة تتحرك خلال عملية التهيئة الأولية.

تقول (Katabi): "إن التجول جيد مع هذه التقنية ولكن لسنا نتحدث عن التجوّل بالسيارةفقط ، بل من أجل الطائرات بدون طيار (drones) ستكون هذه التقنية رائعة، لأن تحركات هذه الطائرات يتم التحكم بها وبمعرفتك للسرعة والموقع (عبر هذه التقنية) ويمكنك إدخال هذه المعلومات بحلقة تغذية عكسية وتعزيز نتائجك".

قام الباحثان (Vasisht) و (Katabi) بتجربة هذه التقنية على طائرة رباعية المحاور من نوع (AscTec Hummingbird quadcopter) تتضمن شريحة لاسلكية من نوع (Inel 5300) وكاميرا (Go-Pro)، وضُبطت الطائرة للبقاء على بعد 1.4 متر من نقطة الشبكة مع التقاط الصور أثناء حركتها، استطاعت التقنية إبقاء الطائرة مع مجال خطأ لا يتجاوز 4 سنتمترات عن المسافة التي بُرْمجت عليها.

ستكون الخطوة التالية للباحثين هي العمل على تطوير دقة هذه التقنية والبدء ببناء مهام أعلى كالقيام بعملية مسح ووضع حدود افتراضية لأراضي أو مساحات جغرافية وغيرها من المهام.

يحاول الباحثون معرفة الجدوى الاقتصادية لهذه التقنية وتتم مناقشة واقع لاستثمار التجاري لها، إن سارت الأمور بشكل جيد ستستطيع في المستقبل القريب استخدام هاتفك لإيجاد بوابة الخروج أو ستستطيع جعل الطائرة أو الروبوت الذي قمت بصنعه يتبعك أينما ذهبت.

المصدر: هنا