الطب > ‫‏كيف يعمل جسم الإنسان‬؟

جهاز القلب والدوران - القلب

استمع على ساوندكلاود 🎧

لقراءة مقالاتنا الأخرى ضمن سلسلة كيف يعمل جسم الانسان: هنا

يشكُّلُ القلبُ عضلةً صغيرةً بحجم قبضةِ اليدِ، ويقع أعلى الحجاب الحاجز، ضمنَ القفص الصدري، خلفَ عظمِ القص، ويأخذُ مكانَه بين الرئتين، إلَّا أنَّه ليس في المنتصفِ تماماً، وإنَّما يقعُ قربَ الرئةِ اليسرى، وهو ذو شكلٍ هرميٍّ مقلوب، تستند ذروتُهُ إلى الحجابِ الحاجزِ (وإلى اليسار قليلاً)، في حين تتجه قاعدتُه إلى الجهةِ العلوية.

بعض الحقائق عن القلب:

• يعدُّ القلبُ أولَ الأعضاءِ التي تعملُ لدى الجنين، وذلك خلالَ الأسبوعِ الثالث أو الرابع من الحمل.

• يعملُ القلبُ بشكلٍ دائمٍ، لكنَّه لا يتعب، ذلك أنَّه يعملُ ويستريحُ بفتراتٍ متساوية.

• رغم تكوّنه من عددٍ كبيرٍ جداً من الخلايا، إلا أنَّ القلبَ يتنبَّه ويعملُ كخلية واحدة.

• كلُّ خليةٍ من خلايا القلبِ قادرةٌ على أنْ تقودَ نَظْمَ القلبِ في حالِ حدوثِ مشكلةٍ ما وفقدانِ عملِ الخليةِ الناظمة.

• تعدُّ أورامُ القلبِ نادرةَ الحدوث.

سنتناولُ في هذه الدراسة:

1. لمحةٌ جنينية.

2. لمحةٌ نسيجية.

3. لمحةٌ تشريحية.

4. أجزاءُ القلب الرئيسية.

5. لمحةٌ فيزيولوجية.

لمحة جنينية:

يتطوُّر الجنينُ البشريُّ بَدءاً من اجتماعِ نطفةٍ ذكريةٍ مع بويضةٍ أنثوية، وخلال الأشهر التسعِ اللاحقة، تمرُّ العضويةُ الصغيرةُ تلك بسلسلةٍ من التطوراتِ المتعاقِبة التي تُلخِّص بفترةٍ زمنيةٍ قصيرة جداً كاملَ التطوراتِ التي تمرُّ بها الفقارياتُ كافة. تنقسمُ البيضةُ الملقَّحةُ لاحقاً إلى خليتين، ثمَّ 4 فـ 8، 16، 32 ومن ثَمَّ تشكّلُ ما يُسمَّى بالكيسة الأريمية أو blastocyst.

يتطورُ الجنينُ بعدها في 3 طبقات: الأَديمُ الباطن Endoderm، الأَديمُ المتوسطMesoderm ، والأَديمُ الظاهرEctoderm.

يتكوَّن القلبُ بَدءاً من الأَديمِ المتوسّط Mesoderm- الطبقةُ ذاتُها التي ستعطي أيضاً العظامَ والعضلاتِ والكليةَ والجهازَ التناسليّ - من أنبوبين متجاورين في الناحيةِ الرأسيةِ للأديمِ المتوسّط، وذلك خلال اليوم الـ 18 تقريباً بعد الإخصاب، يندمجُ هذان الأنبوبان معاً لاحقاً ليكونا أنبوباً قلبياً بدائياً يحوي بداياتِ الأوعيةِ وأذينةً وبطيناً بدائيين، ليتطوَّرَ الأنبوبُ لاحقاً ويعطي القلبَ كما نعرفُه.

لمحة نسيجية:

يُقسَم القلبُ تشريحياً "كما سنرى بعدَ قليل" إلى 3 طبقاتٍ، وكلُّ طبقةٍ منها لها بنيةٌ نسيجيةٌ مختلفة عن الأخرى، وهي من الخارج إلى الداخل:

النِّخَاب "الجزءُ الملتصقُ بالقلبِ من التامور"Epicardium– عضلة القلب Myocardium– شغافُ القلب Endocardium

النِّخَاب: يحوي نسيجاً ضاماً وأليافاً مرنة، وأوعيةً دمويةً، ونسيجاً شحمياً وآخرَ لمفياً.

العضلةُ القلبية: أكبرُ الطبقاتِ الثلاثةِ وتحوي أليافاً عضليةً قلبية، ونسيجاً ليفياً مرناً غنياً بالشعرياتِ الدَّموية.

الشِّغاف: يشكُّلُ بِطانةَ الأذيناتِ والبطيناتِ والصماماتِ، ويحوي إضافةً إلى الغشاء القاعدي طبقةً صغيرةً من نسيجٍ ضامٍ مرنٍ ونسيجٍ ليفي.

أجزاء القلب:

يتكوَّنُ القلبُ من العضلةِ القلبيةِ التي تستقبلُ وتضخُّ الدَّم، والشرايينِ والأوردةِ التي تنقلُ الدَّم من العضلةِ وإليها.

• تتكوَّنُ العضلةُ القلبيةُ من 4 حجراتٍ عضليةٍ هي: أذينتان يمنى ويسرى، وبطينان أيمن وأيسر.

• تصبُّ الأوردةُ الكبرى في الأُذينات: الأوردةُ الرئويةُ في الأذينة اليسرى، والوريدان الأجوفان في الأُذينة اليمنى.

• تصدرُ الشرايينُ الكبرى عن البُطينات: الشريانُ الأبهرُ من البطينِ الأيسر، والشريانُ الرئويُّ من البطينِ الأيمن.

لمحة تشريحية:

ذكرنا أنَّ القلبَ يسكنُ القفصَ الصدريَّ، ونظراً لأنَّه ينبضُ باستمرارٍ فاحتمالُ ارتطامِهِ بأضلاعِنا وارد، فهل يحدث هذا حقاً أم أنَّه محضُ خيال؟

- يحاطُ القلبُ خارجياً بمحفظةٍ تدعى التَّامور Pericardium، وتُقسَمُ تلك المحفظةُ تشريحياً إلى طبقتين:

1. التَّامورُ الليفي fibrous pericardium من الخارج: يحيطُ بالقلبِ دونَ أنْ يلتصقَ به، يتكوَّنُ من نسيجٍ ضامٍ قاسٍ يحمي القلب.

2. التَّامورُ المصلي serosal pericardium من الدَّاخل: يتكوَّنُ بدوره من طبقتين:

• طبقةٌ جدارية Parietal: تلتصقُ على الوجه الداخليِّ للتَّامورِ الليفي.

• طبقةٌ حشوية Visceral: تلتصقُ بقوةٍ على العضلةِ القلبيةِ، وهي النِّخاب كما ذكرنا سابقاً.

تنفصلُ الطبقتان الجداريةُ والحشويةُ عن بعضهما بمسافةٍ بسيطةٍ تُسمّى الجوفَ التاموري، مملوءةٍ بسائلٍ يُسهّلُ انزلاقَ الوريقتين على بعضِهما ويحمي القلبَ من الصدماتِ ويعطيه حريةَ الحركة.

ما يعني أنَّ القلبَ محميٌّ تماماً ولا مجالَ لارتطامِه بالقفصِ الصدريِّ وأضلاعه.

- أمَّا العضلةُ القلبيةُ فتقسمُ تشريحياً إلى قسمين:

قلبٌ أيمن: يتكوَّنُ من الأذينةِ اليمنى والبطين الأيمن، وينفصلان عن بعضِهما بالصمَّامِ ثلاثي الشُّرَف Tricuspid Valve.

قلبٌ أيسر: يتكوَّنُ من الأذينةِ اليسرى والبطين الأيسر، ينفصلان عن بعضِهما بالصمَّام التاجي Mitral Valve.

الأذينات: مسؤولةٌ عن تلقّي الدَّم من الأوردةِ ونقلِه إلى البُطينات، وتتميَّزُ بجدارٍ رقيقٍ نسبياً، فهي لا تحتاجُ أنْ تضخَّ الدَّمَ بقوة، ذلك أنَّ معظمَ الدَّم فيها يَنتقلُ إلى البُطيناتِ بتأثيرِ الجاذبية الأرضيةً.

البُطينات: مسؤولةٌ عن ضخِّ الدَّم إلى الجسم، وتتمتَّعُ بجُدُرٍ ثخينة، إلَّا أنَّ جدارَ البطينِ الأيسرِ أثخنُ من جدارِ البُطينِ الأيمن، لأنَّ البطينَ الأيسرَ يَضخُّ الدَّم إلى الشريان الأبهر الذي ينقلُ الدَّمَ إلى جميعِ أنحاءِ الجسمِ "الدَّورةُ الدَّموية الكبرى"، في حين يَضخُّ البطينُ الأيمنُ الدَّمَ إلى الرئتين فقط "الدورة الدَّموية الصغرى".

الصمامان التاجيّ وثلاثي الشرف: يُمرّرانِ الدَّمَ من الأذيناتِ إلى البطيناتِ ويَمنعانِه من العودةِ في الاتجاهِ المعاكس. وكذلك يسمحُ كلٌّ من الصمامَين: الأبهري (بين البطينِ الأيسرِ والشريان الأبهر)، والرئوي (بين البطين الأيمن والشريان الرئوي) للدمِ بالمرورِ من البطينِ إلى الشريانِ، ويمنعانِه من العودة بالجهة المُعاكسة.

لمحة فيزيولوجية:

الانقباض والانبساط القلبيان:

الانقباضُ القلبي: تتقلَّصُ حجراتُ العضلةِ القلبيةِ دافعةً الدَّم ضمنَ الشرايين إلى أنحاءِ الجسمِ المختلفة، مع ارتفاعِ ضغطِ الدَّمِ ضمنَ الشرايين الكبرى.

الانبساطُ القلبي: تسترخي الحجراتُ ويُعادُ امتلاءُ الأذيناتِ بالدَّم عبر الأوردة، مع انخفاضِ ضغط الدَّم في الشرايين الكبرى.

ما يعني أنَّنا نملكُ قيمتَيْن للضغطِ الدَّموي؛ قيمةٌ أثناءَ الانقباض، وأخرى أثناءَ الانبساط، وهذا ما نعنيه عندما نقول أنَّ ضغطَ الدَّم "110/80" أو باللغةِ العاميةِ "10/8" مثلاً.

الدورة القلبية:

ما الذي يحدثُ خلالَ ضربةٍ قلبيةٍ واحدة؟ تتكوَّنُ تلك الضربةُ التي لا تدومُ أكثرَ من 0.8 ثانية من 3 مراحلَ: الانقباضُ الأذيني – الانقباضُ البُطيني – الاسترخاء.

• الانقباضُ الأذيني: تضخُّ الأذيناتُ الدَّمَ الموجودَ فيها باتجاه البُطيناتِ عبر الصمَّاماتِ المفتوحة "التاجي وثلاثي الشُّرَف"، لتملأّ حوالي 25% من كلّ بطينٍ بالدَّم. وفي هذا الطورِ يكونُ الصمامانِ الأبهريُّ والرئويُّ مغلَقَين.

يدومُ هذا الطورُ مدَّةَ 0.1 ثانية.

• الانقباضُ البطيني: تضخُّ البطيناتُ الدَّمَ الموجودَ فيها باتجاهِ الشريانين الأبهري والرئوي عبر صماماتهما المفتوحة، في حين ينغلقُ الصمامان التَّاجي وثلاثي الشُّرَف.

يدومُ هذا الطوُر مدَّةَ 0.3 ثانية.

• الاسترخاء: تسترخي الأذيناتُ والبطيناتُ على نحوٍ كامل، تمتلئُ الأذيناتُ بالدَّم الوريدي، ويمتلئُ 75% من البطينين بالدَّم، ليمتلئا بشكلٍ كاملٍ خلالَ الدورةِ القلبيةِ التالية مع الـ 25% القادمة، ما يعني أنَّ الصمَّامَين التَّاجي وثلاثي الشُّرَف مفتوحان خلالَ هذا الطَّور أيضاً.

يدومُ هذا الطورُ لمدة 0.8 ثانية.

أمَّا معدَّلُ الدَّورةِ القلبيةِ الطبيعيُّ فهو 60-70 ضربةً/دقيقة لدى البالغ، تتغيَّرُ بحسب العمر والجنس طبعاً.

الدورة الدَّموية:

كيف يُلبي القلبُ حاجاتِ الجسمِ من الدَّم؟ يتمُّ ذلك بدورتين دمويتين كبرى وصغرى:

الدَّورة الصغرى: يصلُ الدَّمُ الوريديُّ من أنحاءِ الجسمِ المختلفةِ إلى الأذينةِ اليمنى عبرَ الوريدين الأجوفَين العلوي والسُّفلي، وتنقلُه الأذينةُ بدورِها إلى البطينِ الأيمن الذي يضخُّهُ عبر الشريانِ الرئوي إلى الرئتينِ لتعملا على تنقيتِه من CO2 والفضلات.

الدَّورة الكبرى: بعدَ أنْ تقومَ الرئتان بعملِهما، تنقلانِ الدَّمَ المؤكسجَ النظيفَ إلى الأذينةِ اليسرى عبرَ الأوردة الرئوية، ومن ثَمَّ إلى البطينِ الأيسرِ الذي يضخُّ الدَّم إلى الجسمِ كاملاً عبر الشريان الأبهر.

مخطط القلب الكهربائي ECG:

تقلصاتُ العضلةِ القلبيةِ ليست نشاطاً عضلياً فقط، وإنَّما نشاطٌ كهربائيٌّ أيضاً يُمكنُ قياسُهُ عبرَ أجهزةٍ خاصةٍ على سطحِ الجلدِ مصمَّمةٍ لالتقاطِ ذلك النشاطِ الكهربائي لحجراتِ القلب وتشكيلِ مخططٍ بيانيّ منها.

يوجدُ مخططٌ طبيعيٌّ معروفٌ لنشاطِ القلبِ السليم، وأيُّ تغيرٍ فيه يحملُ معنىً يدفع الأطباءَ للبحثِ عن سبِبِه، سواءٌ كان هذا التغيرُ مرضياً أم عابراً أو سليماً. يتكوَّن تخطيطُ القلبِ الطبيعي من:

موجة P صغيرة: تمثّلُ انقباضَ (نزع استقطاب) الأذيناتِ، وتتمثَّلُ بارتفاعٍ بسيطٍ في المُخطَّطِ قبل موجةٍ كبيرة.

مركب QRS كبير: يُمثّلُ انقباضَ البُطينات، ويتكوَّنُ من موجةٍ كبرى هي R وموجتين صغيرتين هما S وQ.

موجة T صغيرة: أكبرُ من P وتأتي بعدَ QRS لتمثّلَ استرخاءَ العضلةِ القلبيةِ (عودة الاستقطاب)، والبُطينات بشكلٍ خاص.

من المُهمّ لنا أنْ نعلمَ أنَّ معظمَ الاضطراباتِ والاعتلالاتِ القلبيةِ تحملُ دلائلَ محددةً على الـ ECG، ما يُعطي أهميةً كبيرةً لتخطيطِ القلبِ الكهربائي في الكشفِ عن الأمراض القلبية.

أصوات القلب:

عندما نضعُ أذنَنا على صدرِ أحدِ ما فإنَّنا نسمعُ ضربتين واضحتين ولحظةٍ توقفٍ بسيطة، ليُعادَ هذا التكرار بشكلٍ منتظَمٍ غالباً، فما الذي نسمعُه تماماً؟

الضربة الأولى: ضربةٌ قويةٌ وواضحةٌ وأطولُ قليلاً من الثانية، تنتجُ عن انغلاقِ الصماماتِ الأذينيةِ البطينيةِ تمهيداً لانقباضِ البطينات.

أمَّا الضربةُ الثانية فهي أقلُّ وضوحاً وأقصرُ، وتنتجُ عن انغلاقِ الصماماتِ الشريانيةِ نصفِ الهلالية في نهايةِ الانقباض البطيني.

هذه الدَّورةُ الصوتيةُ منتظمةٌ وطبيعيةٌ، وأيُّ صوتٍ إضافيٍّ أو اختلالٍ بهذا النَّظْمِ له مدلولاتٌ طبيةٌ مختلفةٌ لا بدَّ من تقصّيها.

نتاج القلب:

هو كميةُ الدَّم التي يُمكنُ أنْ يضخَّها القلبُ في الدقيقةِ الواحدة، ويُمكنُ حسابُه بمعادلةٍ رياضيةٍ تُمثلُّ حاصلَ ضربِ حجمِ الضَّربةِ القلبيةِ الواحدةِ بعددٍ ضرباتِ القلبِ بالدقيقة، أي:

نتاجُ القلب CO = حجم الضربة القلبية × عدد ضربات القلب بالدقيقة.

والنتاج الطبيعي غالباً هو حوالي 5 لتراتٍ إلى 5 لتراتٍ ونصف كلَّ دقيقة!

تظهرُ العيوبُ الخلقية في القلبِ منذ الولادةِ نتيجةَ قصورٍ في تطورِ القلبِ خلالَ الحياة الجنينية، إذ يولد 1% من الأطفال بعيبٍ واحدٍ أو أكثر، ولا يوجد في الواقع سببٌ محددٌ لشذوذات القلبِ ولكن هناك عواملُ خطرٍ قد تزيدُ احتمالَ المرض، ولمعرفة المزيد عن ذلك، يُمكنكم الاطلاع على مقالنا السابق بعنوان عيوب القلب الخلقية: هنا

اذا كنت تريد التعرّف على بعض الحالات والأمراض التي تصيب القلب فكل ماعليك هو الضغط على الروابط التالية:

القلب اليميني: هنا

أمراض القلب: هنا

هنا

عيوب القلب الخلقية: هنا

ارتفاع الضغط الشبابي وتأثيره على القلب: هنا

الحزن وتأثره على القلب: هنا

التغذية وصحة القلب: هنا

هنا

عملية زرع القلب: هنا

هل قلوبنا مُمنَّعة من الإصابة بالسرطان؟!: هنا

هبوط الضفط الانتصابي: هنا

الحمى الرثوية RF: هنا

متلازمة القلب المكسور: هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا

Grey's Anatomy 3rd Edition، Section 7، Chapter 65