الكيمياء والصيدلة > كيمياء

كيمياء الألعاب النارية | الجزء الأول

استمع على ساوندكلاود 🎧

يستمتع جميعُ الناسِ وفي كلّ أنحاءِ العالمِ بالعروض الرائعةِ للألعاب الناريّةِ، لكن هذه المشاهدَ هي أكثرُ بكثيرٍ من مجرّدِ عروضٍ ترفيهيةٍ وحسب. إن الألعابَ النّارية التي تطلَق في السماء عبارةٌ عن موادَّ كيميائيةٍ ووقودٍ، جُمّعت بشكل دقيق ومتوازنٍ لتشكيلِ هذه الألعابِ وإحداث تأثيراتٍ خاصةٍ من الرشّات الملونةِ؛ حمراءَ أو زرقاءَ باهِرةٍ ومضيئةٍ وغيرِها من الألوان التي ترافقها انفجاراتٌ قويةٌ أيضاً.

ولفهم كيف يمكن لهذه المواد الموجودةِ في الألعاب النّاريةِ أن تُنتِجَ تشكيلةً رائعةً من الألوان والأشكالِ المختلفة وكذلك الأصواتِ، لا يتطلب سوى فهمٍ بسيطٍ للتفاعلات الكيميائية.

تولِّد الألعابُ النّاريةُ ثلاثةَ أشكالٍ من الطاقة، وهي واضحةٌ جداً: إصدارَ صوتٍ قويٍّ، وشراراتٍ لامعةً، وكذلك الحرارة.

فالانفجاراتُ القويةُ التي تُسمع على مستوى سطحِ الأرضِ قد نتجت عن الإطلاق والتحريرِ السريعِ للطاقة في الهواءِ مما يتسبب بنشرِها في الهواء أسرعَ من سرعة الصوتِ وهذا ما يُنتج موجةً اهتزازيةً عنيفةً ودويّاً قوياً.

أمّا عن الألوان فيتمّ إنتاجُها عن طريق تسخينِ بعضِ الأملاحِ المعدنية مثلَ كلوريدِ الكالسيوم أو نتراتِ الصوديوم، التي تنبعث منها هذه الألوانُ المميزة، فتقوم ذراتُ كلِّ عنصرٍ بامتصاص الطاقةِ واطلاقِها على شكل أضواءٍ لألوانٍ معينة، حيث تقوم الذرّةُ بامتصاص طاقةٍ تؤدي إلى عملياتِ إعادةِ ترتيبٍ للإلكترونات داخلَ الذرة من السَّوِيّاتِ الطاقِيّةِ الأدنى إلى السوِيّاتِ الطاقيةِ الأعلى، وتدعى تلك الحالةُ بالحالةِ المُثارة. فتتحرر الطاقةُ من السويّة المثارةِ على شكل ضوءٍ وكذلك تنتقل الإلكتروناتُ إلى السَّوِيّةِ الطاقيةِ الأدنى، وهكذا إلى أن تعودَ في النهاية إلى السويّة الطاقيةِ الأساسية. يكون معدّلُ وكميةُ الطاقةِ المحرَّرةِ محدَّدَين لكل عنصرٍ، وهذه الكميةُ تحدد لونَ الضوءِ المنبعث. على سبيل المثال: عندما يتم تسخينُ نتراتِ الصوديوم فإن إلكتروناتِ ذرّاتِ الصوديوم تمتصّ الطاقةَ الحراريةَ وتصبح مُثارة. وهذه الحالةُ المُثارةُ للإلكترونات ذاتِ الطاقةِ العاليةِ لا تدوم لفترةٍ طويلة، وتُطْلِق الإلكتروناتُ المثارة لذرة الصوديوم الطاقةَ بسرعةِ حوالي 200 كيلو جول/ مول، وهي طاقةُ الضوءِ الأصفر.

تختلف كميةُ الطاقةِ المنطلقةِ من عنصر إلى آخر وتتميز بطولٍ مَوْجِيٍّ معيّنٍ من الضوء. فالطاقاتُ الأعلى تتوافق مع الأطوال الموجية القصيرةِ للضوء، التي تقع في منطقة البنفسجي / الأزرق للطيف المرئي . أمّا الطاقات الأقل فهي تتوافق مع الأطوال الموجية الطويلة للضوء التي تقع في منطقةِ البرتقالي/ الأحمر من الطيف المَرئيّ.

يتم إنتاجُ هذه الألوانِ المميّزةِ للألعاب النّاريةِ عن طريق انبعاثاتٍ مميزةٍ للعناصر موضَّحة في الجدولِ التالي:

عند صُنعِ الألعابِ الناريةِ توضَع الأملاحُ المعدنيةُ في قوالبَ طينيةٍ صغيرةٍ نجميةِ الشكلِ أو تشكَّل ككتَلِ العجينِ أو كمكعّباتٍ قطرُها 3 – 4 سم . تتكون هذه النجومُ من مزيجٍ من: عاملٍ مؤكسِدٍ وعاملٍ مختزِلٍ وعاملٍ ملوِّنٍ (ملح معدني)، وكذلك من غلافٍ مناسب. عندما نقوم بإشعال تلك النجومَ ينطلق كلٌّ من الصوتِ والمؤثّراتِ الضوئيةِ المتلألئة. يحدَّدُ مظهرُ الألعاب الناريةِ كما نراها من خلال تلك الأشكالِ التي تشبه النجومَ والتي عُبِّئت بعنايةٍ داخل أقسامٍ وغرفٍ محدّدةٍ من الورق المقوّى ضمنَ عبوةِ الألعاب النّاريةِ، فلا يتم إشعالُهم إلّا عن طريق الفتيلِ وبالوقت الذي نريد.

من الانطلاق عبر الفتيلِ إلى ظهورِ الألوانِ في السماءِ هناك سلسلةٌ من الأحداث التي صُمِّمت بعناية حتى تُظهِر لنا هذه التأثيراتِ المطلوبة. يتم توفير الطاقةِ اللازمة لإطلاق الألعابِ النارية في الهواء عن طريق تفاعلِ احتراقٍ لمسحوق البارودِ الأسودِ الذي يطلِق حرارةً عاليةً، هو احتراقٌ بطيءٌ لمزيج من: 75% من نترات البوتاسيوم، 15% من الفحم، 10% كبريت. وقد قيل أنّها قد استُخدمت لأول مرةٍ في الصين منذ حوالي 1000 عامٍ، ويُذكَر أنّ مسحوقَ البارودِ الأسودِ قد شهد عدةَ تغيّراتٍ منذ ذلك الحين.

عندما يتم الاحتراقُ في الهواء الطلقِ فإنّ حرارةَ البارود والغازِ تتبدد بسرعة. الشرطُ الأساسيُّ في نجاح الألعابِ النّاريةِ هي حُجرةُ الغازِ والحرارةِ للمسحوق في الجزء السفليِّ من العبوة، التي وُضعت في غرفة الانطلاقِ أو مدفعِ الهاونِ، حتى يُنشِئَ ضغطُ الغازِ المحصورِ قوةً كهذه، عندما تنطلق فإنها تقذف الألعابَ الناريةَ عالياً في الهواء.

نُشعل الألعابَ النّاريةَ عن طريق الفتيلِ الرئيسِ الذي يشتعل بسرعة مع الفتيلِ بأكملِه ليصلَ بشكل تصاعدي إلى الغرف داخل الورقِ المقوّى لعبوة الألعابِ الناريةِ التي تحتوي على النجوم وكلّ الألعابِ والتأثيراتِ التي تنطلق وتندفع نحو السماء.

هناك أصنافٌ من الألعاب الناريةِ منخفضةِ الانفجارِ وأخرى شديدةِ الانفجار. في الألعاب الناريةِ منخفضةِ الانفجارِ تكون المادةُ المتفجرةُ المنطلقةُ أخفضَ منها في الألعاب الناريةِ شديدةِ الانفجار، وكذلك تكون أقلَّ سرعةً في الانطلاقِ منها.

عندما تنفجر الألعابُ الناريةُ الجوّيةُ فإنّ النجومَ التي في داخلها تتطاير في السماء في كافةِ الاتجاهات. عند مشاهدةِ الألعابِ النّاريةِ فإننا نراها بشكل أسرعَ من سماع صوتِها. يحدث ذلك لأنّ الضوءَ ينتقل بشكلٍ أسرعَ بمليونِ مرةٍ من الصوت، فسرعةُ الضوءِ هي 300 ألفِ مترٍ في الثانية، أمّا الصوتُ فسرعتُه فقط حوالي 340 متراً في الثانية.

فإذا كنتَ تشاهد الألعابَ النّاريةَ على بُعدِ كيلو متر (1000 متر) فإن الضوءَ يحتاج حوالي 3 ملايين جزءٍ من الثانيةِ، في حين يحتاج الصوتُ حوالي 3 ثوانٍ ليصلَ إليك، حيث يمكنُك حسابُ المسافةِ التي تفصلُك عن الألعاب الناريةِ عن طريقِ البَدءِ بحساب عددِ الثواني عند رؤيةِ الألعابِ إلى حينِ سماعِك لصوتِ انفجارِ هذه الألعابِ، ثم تقسيمِ عددِ الثواني على 3 لتحصلَ بالنتيجةِ على المسافةِ التي تفصلُك عن الألعاب الناريةِ بالكيلومتر.

المصدر:

هنا