الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

وداعاً لسحب الدم المؤلم

كتير من الأحيان منسمع بأشخاص انضرب عندون الوريد خلال عملية تبرّع بالدم! أو أشخاص عندون فوبيا الدم أو فوبيا الإبر، ولهالسبب بواجهوا صعوبة كبيرة إنو يعطوا عينة دم للتحليل. ويمكن كلنا بصغرنا كنا نخاف من الروحة عالدكتور لما نمرض لأنو ما بدنا ناخد إبرة.. وحتى بعد التقدم بالعمر في ناس ما بتعمل الفحوصات الدوريّة بسبب الخوف من فحص الدم!

بعد التطوّر الهائل بالعلم هلأ، صارت معظم الفحوصات ما تحتاج إبرة ولا شي، حتى فحوصات الـ DNA بعيّنة بسيطة من اللعاب ممكن تنعمل، وفحوصات السرطان بالأشعّة (غالباً)... بس يا ترى في حدا وصل لطريقة لأخذ عينات الدم بدون ألم الإبرة والخوف منها؟

قامت شركة SEVENTH SENSE BIOSYSTEMS (الحاسة السابعة للأنظمة الحيوية) بابتكار جهاز يقوم بسحب الدم بدون ألم، باستخدام تقنيات الموائع الميكروية*، وأطلقوا على هذه الطريقة اسم الفصد* باللمس (-Touch Activated Phlebotomy -TAP)، حيث تعتمد هذه الطريقة على عشرات الإبر الصغيرة جداً (إبر ميكروية)* التي تسحب الدم من الشعيرات الدموية الأكثر قرباً لسطح الجلد عوضاً عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على الإدخال العميق لإبرة كبيرة في الوريد مباشرةً.

وعلى عكس الفحوصات التقليدية التي قد يؤخذ فيها كميات إضافية غير لازمة من الدم، فإنّ هذا الجهاز الذي يستخدم تقنيات الموائع الدقيقة يسحب أحجام صغيرة من العينات لا تتجاوز 20 ميكرو ليتر (ميكروليتر= 1 من مليون من الليتر) من الدم الكامل (عينة تحوي كريات حمر+ بلاسما+ صفيحات دموية +عوامل تخثّر)، وهي كمية كافية لإجراء مُعظم الفحوصات الروتينية، بغضّ النظر عن الفحوصات لأمراض معينة مثل فحوصات التهاب الكبد ومتلازمة العَوز المناعي المكتسب (الإيدز) التي تتطلّب كميات كبيرة من الدم. يُخزَّن الدم المُستخرج داخل الجهاز نفسه، ولا يستدعي وجود أنابيب السَّحب الملتوية وقوارير المختبرات للتخزين، كما أنّ هذا الجهاز يحتوي مؤشّراً لتنبيه الطبيب عند سحب كمية كافية من الدم.

يرى مُصنّعوا الجهاز أنه سيحلّ مكان الطريقة التقليدية الحالية لسحب الدم وسيصبح الطريقة المفضّلة، بسبب التقليل من الألم وعمق الوخز، ممّا سيجعل المرضى أكثر تقبّلاً له. وبحسب ما صرّح المدير التنفيذي، فقد حصلت الشركة على علامة الموافقة الأوروبية (CE)*، وبذلك تستطيع الآن الانتقال بتقنيتها للموائع الدقيقة إلى التجارب السريرية، خاصّة أن تجربة المريض هي الشيء الأهمّ في هذا المجال، حيث أثبتت التجارب أنّ المرضى الذين لديهم تجارب إيجابية مع سحب الدم يلتزمون أكثر بتعاليم الطبيب الخاصة بسحب الدم. أمّا اختبارات الدم المؤلمة فإنّها تردع الناس من التخطيط للفحوصات الذاتية، وحتى للمرضى فغالباً ما يكون التذكير بحقن إبرة جديدة في ذراعه يُشعره بألم أكثر من الأعراض الجانبية للمرض نفسه.

ولكن بوجود هذا الجهاز سيسهل الأمر على المرضى كثيراً، خاصة أنه غير نافذ لداخل الجلد ويخفي الدم المسحوب تلقائياً. وفي حال تمكّنت الشركة من الحصول على موافقة إدارة ال (FDA)* في الولايات المتحدة خلال الأشهر الأولى من عام 2014، سيزداد تصنيع هذه التقنية لتشمل ميزات موسّعة غير سحب الدم قد تشمل فصل العيّنات أو بقع الدم الجافة أو قدرات تشخيصية، ومن الممكن أن يشمل الجهاز مضادّاً لتخثّر الدم للحفاظ على استقرار العيّنة خلال عملية السحب.

بالنهاية وخلاصة الحكي؛ بكتير من الأحيان بتكون الفكرة العظيمة قدامنا بس ما عم نشوفا! كل اللي عملتو هالشركة إنو انتبهت لمبدأ عمل الطابعة اللي كلنا بنعرفا.. اي اي لا تستغربوا.. الطابعة! الرؤوس النافثة للحبر بالطابعة هي إبر مكروية بينزل منها الحبر عالورق... هالشركة طلعت بفكرة العكس لآليّة عمل الطابعة، وصمّمت جهاز صغير فيه الإبر الصغار بتسحب الدم من الشعيرات الدموية بالجلد.

-------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

*علم الموائع الميكروية (Microfluidics) مجال واسع من العلم نشأ عام 1980 يختصّ بالتعامل مع الموائع وسلوكها، وتلتقي فيه العديد من العلوم والخبرات كالهندسة والكيمياء والفيزياء وعلوم أُخرى. استُخدم في البداية لتطوير الرؤوس النافثة للحبر في الطابعات ثم اتّسع ليشمل استخدامات في العلوم الحيوية والتقنية وغيرها.

*الفَصْد أو بَضْع الوريد Phlebotomy: هو فتح أحد الأوردة الرئيسية بقصد إخراج الدم.

*الإبر الميكروية: هي إبر صغيرة جداً يُقاس طولها بواحدة الميكرو متر (µm) وهو جزء من المليون من المتر.

*علامة الموافقة الأوربية (CE mark) : علامة نراها على الكثير من المنتجات، وهي اختصار للكلمتين الفرنسيتين "Conformité Européene" وتعني الموافقة الأوربية على المُنتج.

*FDA : إدارة الغذاء والدواء الأمريكية Food and Drug Administration.

المصدر : هنا