علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

قدرة الفن على الشفاء: تقدير الأعمال الإبداعية يمكن أن يحارب المرض.

استمع على ساوندكلاود 🎧

يمكن للقدرةِ الشفائية للفن والطبيعة أن تكون حقيقةً فعلاً بعد أن كشف العلماء عن قدرتهما على تعزيز عملِ الجهاز المناعي. إن رؤيتَك للروائع الطبيعية مثل الأخدود العظيم Grand Canyon (أخدودٌ بالغُ العمق والاتساع يقع في ولاية أريزونا الأمريكية) أو تلك المعمارية ككنيسةِ سيستينا (أكبر كنائس القصر البابوي في الفاتيكان)، أو سماعَك لإحدى روائع المقطوعات الموسيقية يمكن أن تساعد في الشفاء من الأمراض كما يقول الباحثون.

تعملُ الروائعُ الطبيعية والفنية على تعزيز جهاز المناعة عن طريق خفضِ مستويات المواد الكيميائية المسببة للالتهاب، والتي يُمكن بدورها أن تحفّز نشوء داء السكري والنوبات القلبية وغيرها من الأمراض.

لقد قام الباحثون بتجربتين منفصلتين على أكثر من مئتي بالغٍ يافع، دوّنوا خلالهما في يوم معين ما شعر به الأفراد قيد التجربة من مشاعرٍ إيجابيةٍ مثل: التسلية والانبهار والتعاطف والرضا والفرح والحب والفخر. ثم قاموا بعد ذلك -وفي نفس اليوم- بأخذ عيّناتِ رشحٍ مخاطيّ من أنسجة اللثة وبطانة الخد الداخلية، ووجدوا أنّ الأشخاص الذين اختبروا مشاعرَ أقوى (خاصة تلك المتعلقة بالإعجاب والاندهاش) انخفضت لديهم مستويات الإنترلوكين 6 (Interleukin 6) وهو عاملٌ التهابيٌّ هام.

يقول عالم النفس الدكتور داشر كيلتنر (Dacher Keltner) من جامعة كاليفورينا في بيركلي: "إنّ مشاعرَ الدّهشة والإعجاب والجمال تلك تؤدّي إلى مستوياتٍ صحيةٍ أكثرَ من السايتوكينات، الأمر الذي يقترح أن النشاطات التي نقوم بها لنشعر بهذه المشاعر –كنزهة على الأقدام في الطبيعة أو الاستغراق في الموسيقى أو ممارسة الفنون– ذاتُ تأثيرٍ مباشرٍ على صحتنا ومتوسط أعمارنا المتوقع." تُعرَف السايتوكينات بأنها موادٌ كيميائية ضرورية لتوجيه الخلايا إلى أرضِ المعركة لمكافحة الإنتانات والأمراض والإصابات، لكنّ زيادةَ مستوياتها عن الحدود الطبيعية ترتبطُ بأمراضٍ كالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والتهاب المفاصل والزهايمر. حيث قالت الدكتورة جنيفر ستيلر Jennifer Stellar من جامعة تورونتو: "تشير النتائج التي حصلنا عليها إلى ارتباط العواطف الإيجابية بعلامات (جزيئات كيماوية) وبالتالي الصحة الجيدة".

ولا يقتصر ارتباط زيادة مستويات السايتوكينات بأمراض المناعة الذاتية فقط، بل يتعدّاها إلى حالات الاكتئاب أيضاً، فقد وجدت إحدى الدراسات الحديثة أنّ المرضى المصابين بالاكتئاب كانت لديهم مستويات أعلى من سايتوكاين مسبب للالتهاب يُعرف بعامل النخر الورمي ألفا (TNF-alpha) مقارنةً بأشخاص غيرِ مصابين بالمرض. يُعتقد أن السايتوكينات –عن طريق حثّها للدماغ على إنتاج جزيئات التهابية– تثبّطُ عملَ هرموناتٍ أساسية وموصلاتٍ عصبية تتحكّم بالمزاج والشهية والنوم والذاكرة، وهما السيروتونين والدوبامين.

ولطالما تمَّ التأكيد على أنّ الحميةَ الصحيةَ والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم وممارسة التمارين الرياضية تعزّز من دفاعات الجسم ضدَّ الأمراض العضوية والنفسية، لكنّ دراستَنا هذه المنشورة في مجلة (Emotion) هي واحدة ٌمن أوائل الأبحاث التي تَدرسُ دورَ العواطف الإيجابية في هذا المجال.

ختاماً، تضيف الدكتورة ستيلر: "إن الشعورَ بالدهشة مرتبطٌ بالفضول الإنساني وبالرغبةِ العميقة للاستكشاف، ما قد يثبّط الالتهاب حيث يكون للأشخاص نزعةٌ للانسحاب من رفقة الآخرين في بيئتهم المحيطة". وحول أيّهما يسبق الآخر حدوثاً، انخفاضُ مستويات السايتوكينات أو المشاعر الإيجابية، تقول: " يمكن أن يكون انخفاض مستوى السايتوكينات هو ما يجعل الناس يشعرون بالعواطف الإيجابية، كما يمكن أن تكون العلاقة ثنائية الاتجاه (يعني أن العكس ربّما يكون صحيحاً)".

المصادر: هنا

هنا

هنا