الكيمياء والصيدلة > صيدلة

تعلم كيفية مكافحة الحساسية الموسمية باستخدام الأدوية

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعتبر العطاس وحرقة العيون والانزعاج الناجم عنهما أهم ما يميز موسم التحسس. ولا تقتصر الحساسية الموسمية على كونها مزعجة، بل يمكن أن توصف بأنها مرضٌ يمكن أن يؤثر سلباً على سير الحياة اليومية في العمل والمدرسة وغيرها من النشاطات الحياتية، حيث تتراوح أعراضها بين معتدلة وشديدة.

تمت الموافقة مؤخراً على العديد من الخيارات العلاجية للتحسس من قبل إدارة الغذاء والدواء FDA، ومنها ثلاثة أدوية تُعطى بطريق تحت اللسان (sublingual) لعلاج حمى القش أو ما يدعى بالتهاب الأنف التحسسي المترافق أو غير المترافق مع التهاب العين أو التهاب الملتحمة التحسسي. يعود السبب في معظم الأحيان إلى غبار طلع بعض النباتات، ويمكن للمريض أن يتناول هذه الأدوية الجديدة في المنزل شريطة أن تُؤخذ الجرعة الأولى في عيادة الطبيب وتحت إشرافه.

ما هي الحالة التحسسية؟

تُعرف الحساسية بأنها رد فعلٍ مناعيٍّ مبالغٌ به، يقوم به الجهاز المناعي ضد مادةٍ معينةٍ يتعرف عليها الجسم على أنها مادةٌ غريبةٌ خارجية المنشأ. لذلك إذا كنت تعاني من حالةٍ تحسسيةٍ، فإن جسدك سيحارب المادة المسببة لها بتشكيل أجسامٍ ضديةٍ تتحد معها وتحرض إطلاق موادَّ كيميائيةٍ من الجسم تُدعى الهيستامينات. تُعتبر الهيستامينات مسؤولةً عن الأعرض الشائعة للتحسس كالعطاس المتكرر وحرقة ودماع العينين. لقد بينت الإحصاءات أن التهاب الأنف التحسسي يصيب أكثر من 500 مليون شخص نحو العالم بمختلف الأعمار بشكلٍ موسميٍّ أو على مدار العام. تظهر الحساسية الموسمية عادةً أو ما يُدعى بحمى القش في الربيع أو الخريف أو الصيف. فإذا كنت مصاباً بهذه الحساسية، يمكن أن تعاني من العطاس، احتقان الأنف أو سيلانه، شعورٌ حارقٌ في الأنف أو العينين أو الحلق. يمكن أن يتظاهر التهاب العين بشعور بالحكة والحرقة واحمرار وتورم العين الملتهبة.

بالإضافة إلى ما سبق، تسبّب حباتُ الطلع نباتيةُ المنشأ الحساسيةَ الموسمية، فوفقاً للمركز الوطني للتحسس والأمراض المعدية تُعتبر حالات التحسس الناتجة عن حبات الطلع شائعةً جداً، وتُعدُّ الأعشاب الخضراء والأشجار المسؤول الأهم عن حالات التحسس في الربيع، في حين تلعب كل من عشبة الرجيد الأقحوانية والحشائش الأخرى الدور الأكبر في التسبب بالتحسس في نهاية الصيف وبداية الخريف. في المقابل، المواد الموجودة ضمن المنزل كالغبار وعث الفراش هي المسؤولة عن حالات التحسس المستمرة على مدار العام. كما يمكن للفطور والخمائر أن تسبب التحسس موسمياً أو على مدار العام.

فحوص التحسس:

إذا كنت تعتقد أنك مصابٌ بحالةٍ تحسسيةٍ، فإنه من الأفضل أن تراجع طبيبك، حيث أن الحالة التحسسية يمكن أن تتظاهر بأعراضٍ مشابهةٍ لحالاتٍ طبيةٍ أخرى، مثل إنتانات الطرق التنفسية العليا وإنتانات الجيوب، والعين.

وفقاً للطبيب جاي سلاتر المختص بأمراض التحسس ومدير قسم مراقبة المنتجات المحسسة التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية: "يُعتبر الفحص الدقيق لتحديد المادة المحسسة الخطوة الأولى والأهم في تدبير حالات التحسس". حيث يقوم الطبيب بإجراء اختبار التحسس للمريض باستخدام خلاصاتٍ من المواد المحسسة عقيمةٍ (خالية من الجراثيم) وقابلةٍ للحقن، تُحضّر بدءاً من موادَّ طبيعية المنشأ كحبات الطلع والفطور وشعر الحيوانات، يتم استخدامها في اختبارات التحسس بعد حصولها على موافقة الهيئات المختصة.

يمكن القيام باختبار التحسس بإحدى الطرق التالية:

• اختبار وخز الجلد: يتضمن الاختبار وضع خلاصة المادة المحسسة المدروسة على الجلد، ومن ثم إيصالها إلى طبقة تحت الجلد بواسطة الوخز. يتم بعد ذلك مراقبة الجلد في منطقة الوخز والتحري عن أي علامة من علائم التفاعل التحسسي في المنطقة كالاحمرار مثلاً، والتي تظهر عادةً بعد 15 دقيقة من الوخز، فإذا ظهرت هذه العلامات بعد المدة الزمنية المذكورة، دلَّ ذلك على أن الشخص الذي جرى عليه الاختبار يتحسس أو يبدي جسمه تفاعلاً تحسسياً ضد المادة المدروسة.

• حقن كمية صغيرة محددة من خلاصة المادة المحسسة.

• اختبارات دموية للتحري عن وجود وقياس مستوى بعض الأضداد التي يشكلها الجسم استجابةً لبعض المواد المحسسة.

الأدوية المستخدمة لعلاج التحسس:

بعد ظهور نتائج اختبار التحسس، يجب مناقشة وفهم النتائج بشكلٍ جيدٍ مع الطبيب ومراجعة الأعراض جيداً من حيث زمان ومكان ظهورها بهدف تحديد الإجراءات الأمثل وخطة العلاج الأفضل. فعلى سبيل المثال، إذا كنت مشخّصاً بحساسيةٍ ربيعيةٍ لأشجار البلوط، يمكنك الحدّ من التماس مع المادة المحسسة بتقليل النشاطات الخارجية في الأيام التي يكثر فيها تعداد حبوب الطلع (تيارات هوائية) وإغلاق النوافذ. بالمقابل، في بعض الحالات لا يمكن تفادي التماس مع غبار الطلع الشائع الذي يتشكل تلقائياً في الجو، عندها يمكن للطبيب أن يصفَ أحد مضادات الهيستامين عبر وصفةٍ طبيةٍ أو البيع المباشر من قبل الصيدلاني بهدف تخفيف الأعراض التحسسية.

تعمل مضادات الهيستامين على تقليل أو منع ظهور الأعراض الناتجة عن تحرر الهيستامين في الجسم، وهي متوفرةٌ بأشكالٍ صيدلانيةٍ عديدةٍ من ضمنها المضغوطات والسوائل.

يوضح الطبيب نارايان نير، أحد موظفي القسم الطبي في الـ FDA: "يوجد العديد من مضادات الهيستامين، حيث يتوفر الجيل الأول منها تحت أسماءٍ تجاريةٍ عديدةٍ ومن دون وصفةٍ طبيةٍ، ومثالها مادة الديفنهيدرامين تحت الاسم التجاري البينادريل Benadryl® ، في حين تتوفر مضادات الهيستامين الجديدة المنتمية للجيل الثاني فقط بوصفةٍ طبيةٍ ومن أمثلتها مادتي الفيكسوفينادين واللوراتادين تحت الأسماء التجارية أليغرا Allegra® و الكلاريتين Claritin® على الترتيب".

عند اختيار أحد مضادات الهيستامين المباعة دون وصفةٍ طبيةٍ يجب على المرضى قراءة النشرة المرفقة بحذر واتباع تعليمات الجرعة المنصوح بها. يوضح نير: "يمكن أن تسبب بعض مضادات الهيستامين دواراً وتؤثر سلباً على قدرة المريض على القيادة والتحكم بالآلات الضخمة، كما أن الدوار والتركين يمكن أن يتفاقم باستهلاك الكحول والأدوية المنومة. ويُفضّل استشارة الأخصائي في حالة المصابين بالأمراض المزمنة كالغلوكوما (الزرَق أو ارتفاع ضغط العين) وتضخم البروستات قبل تناول أي نوع من مضادات الهيستامين".

إضافةً لاستخدام مضادات الهيستامين، يمكن للقطورات العينية والبخاخات الأنفية أن تساعد في تحسين بعض أعراض التحسس الموضعية، حيث تُعتبر الأخيرة أداةً فعالةً للتخفيف من الأعراض الأنفية شريطة أن تُؤخذ لفترةٍ قصيرةٍ ومحددةٍ إذا ما تم أخذها دون استشارة الطبيب، لأن استخدامها لفتراتٍ طويلةٍ قد يؤدي إلى مفاقمة الاحتقان بدلاً من تخفيفه.

الأدوية المخففة للاستجابة التحسسية:

إذا أخفقت الأدوية السابقة في تخفيف الأعراض التحسسية، يعتبر عندها المريض مرشحاً للعلاج المناعي ضد المادة المحسسة والتي تُعطى عادةً باستخدام حُقَن المادة المحسسة نفسها الحاوية في تركيبها على كمياتٍ قليلةٍ من المادة المحسسة والقادرة على تخفيف الاستجابة المناعية للمحسسات المستنشقة من قبل المريض.

في هذا النظام العلاجي، يتلقى المريض حُقَناً أسبوعيةً من المادة المحسسة بجرعاتٍ متزايدةٍ مدروسة الكمية على مدى 2-3 أشهر. بعد الوصول للجرعة العظمى في نهاية هذه المدة، يتابع المريض تلقي هذه الحقن بمعدلٍ شهريٍ لمدة تتراوح بين 3-5 سنوات.

إضافةً لذلك، فإن الأدوية المناعية التي حصلت على الموافقة للتسويق مؤخراً، والتي تُعطى بطريق تحت اللسان، تُعتبر من الخيارات العلاجية المتاحة وهي: أورالير Oralair®، راغويتيك Ragwitek® وغراستيك Grastek® . لهذه الأدوية القدرة على تخفيف الاستجابة المناعية التحسسية إلى حدودها الدنيا وليس فقط التخفيف من الأعراض، ويُنصح بالمباشرة بالنظام العلاجي المنصوح به لهذه الأدوية قبل بداية موسم التحسس بـ3-4 أشهر حسب المنطقة الجغرافية والمادة المحرضة للتحسس عند المريض.

يمكن للعلاج بالأدوية المخففة للاستجابة التحسسية أن يؤدي إلى عدة تفاعلاتٍ وآثارٍ جانبيةٍ أهمها التورم والتحسس الموضعي مكان تطبيق الدواء. لا يعتبر التورّم الناجم عن الحقن أثراً جانبياً مهدداً للحياة، في حين يمكن أن يسبب العلاج بالأشكال الموصوفة تحت اللسان آثاراً خطيرة، لذلك يُنصح بأخذ الجرعة الأولى منها في عيادة الطبيب وتحت إشرافه، ثم متابعة الجرعات اللاحقة منزلياً.

في المقابل، تُشكّل قلة توافر الأدوية المتناولة تحت اللسان وقلة تنوع مكوناتها مشكلةً كبيرة، حيث يتوفر حتى الآن ثلاثة أدوية فقط لثلاثة أنواع من محرضات التحسس، مما يجعل الطبيب حتى اليوم يفضل العلاج بالأشكال الحُقنية المتوفرة لعدد كبير ومجال واسع من محرضات التحسس.

المصدر:

هنا