الرياضيات > الرياضيات

تُحِبُّ أمواجَ البحر؟.. فاستمع لما تحدثك بهِ الرّياضيات عنها!

استمع على ساوندكلاود 🎧

نشر اثنين من علماء الرّياضيات بحثاً جديداً في تطوير فن وصف الموجة - أو بعبارة أخرى رياضيات وصف الموجة - هذا وتستكشف الدّراسة ما يحدث إذا امتلك نمط موجة نظامية شذوذات صغيرة.

التّطور الجديد مبني على قرون من البحث المكرس لاستخدام الرّياضيات في وصف العالم المادي.

يقول جينو بيونديني Gino Biondini - عالم الرّياضيات في جامعة بوفالو: "إحدى الأمور الّتي تثير الفرح في داخلنا هي قدرتنا على استخدام الرّياضيات في وصف ظاهرة مرئية في عالَمِنا المحيط."

وقد قام بيونديني Biondini مع ديونيسيوس مانتزافينوس Dionyssios Mantzavinos، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة بوفالو، بنشر بحثٍ جديدٍ في تطوير فن وصف الموجة أو رياضيات وصف الموجة.

ويُعتَقَد أنَّ النّتائج التي نُشرت في 27 كانون الثاني/يناير في مجلة "أوراق مراجعة فيزيائية Physical Review Letters" الصّادرة عن الجمعية الفيزيائية الأمريكية يمكن أن تنطبق على أشكال موجة تتراوح ما بين أمواج الضّوء في الألياف البصريّة إلى أمواج المياه في البحار.

تستكشف الدِّراسة ما يحدث عندما يمتلك نمط موجة نظامي شذوذات صغيرة، وهو السّؤال الذي حاول العلماء الإجابة عنه على مدى خمسين عاماً الماضية.

هذا وقد عرف الباحثون منذ وقت طويل أنَّه في كثيرٍ من الحالات فإن مثل هذه العيوب والشّذوذات البسيطة تنمو في نهاية المطاف وتشوه تماماً الموجة الأصلية بينما تنتقل عبر مسافات طويلة وهي ظاهرة تُعرَف باسم "عدم استقرار التّضمين modulational instability".

ولكنّ فريق جامعة بوفالو أضاف لهذه القصة من خلال البرهان رياضياً، أنّ العديد من الأنواع المختلفة من الاضطرابات تتطور لإنتاج أشكال موجة تنتمي إلى فئة واحدة، يُشار إليها بـ "حالتها المقاربة الفريدة their identical asymptotic state".

يقول بيونديني Biondini ، أستاذ الرِّياضيات في كلية الفنون والعلوم في جامعة بوفالو وعضو هيئة التّدريس المساعد في قسم الفيزياء أنّه: "منذ أن استخدم إسحاق نيوتن الرّياضيات لوصف الجاذبية، قام علماء الرّياضيات التّطبيقية باختراع رياضيات جديدة أو استخدام نماذج مسبّقةٍ لوصف الظّواهر الطّبيعيّة. وبحثنا هو، بطريقةٍ ما، امتدادٌ لجميع الأعمال الّتي سبقتنا."

ويُضيف أنّ أول نجاحٍ كبيرٍ لاستخدام الرّياضيات في تمثيلِ الأمواجِ جاء في القرن الثّامن عشر. حيث اكتشف لورن دالمبير Jean le Rond d'Alembert ما يسمى بمعادلة الموجة، والّتي استُخدمت لوصف انتشارِ الأمواج كموجات الضّوء والصّوت والمياه في منتصف ذلك القرن. ولكنّه كان نموذجاً محدوداً، حيث يقول بيونديني Biondini: "كانت معادلة الموجة أول تقديرٍ تقريبيٍّ كبيرٍ، لكنَّ هذا التّقدير ينهارُ عندما تصبح الموجات كبيرةً جداً - و بلغة تقنية يمكننا القول أنّ المعادلة تصبح غير خطية -."

"وهكذا، على سبيل المثال، وفي الألياف البصرية، فإنّ معادلة الموجة رائعة للمسافات المتوسطة، ولكن إذا قمت بإرسال نبضة ليزر (والتي هي موجة كهرومغناطيسية) عن طريق ليفٍ بصري عبر المحيط أو عبر الولايات الأمريكية المتجاورة، فإنّ معادلة الموجة لا تعود تقديراً تقريبياً جيداً أبداً. وبالمثل، عندما تُزبِد موجة ماء وتنقلب، فإنّ معادلة الموجة لا تعود وصفاً جيداً للفيزياء بأي حال."

وعلى مدى 250 عاماً التّالية، واصل العلماء والرّياضيّون تطوير طرقٍ جديدةٍ تكون أفضل لوصف الأمواج. واحد من هذه النماذج التي اشتقّها الباحثون في منتصف القرن العشرين كانت "معادلة شرودنغر غير الخطيّة nonlinear Schrödinger equation’’"، والّتي تُساعد على وصف قطارات الأمواج في مجموعة متنوعة من السّياقات الفيزيائيّة، بما في ذلك في مجالَيّ البصريّات غير الخطيّة والمياه العميقة.

لكنَّ العديد من الأسئلة ظلت بدون إجابة، بما في ذلك عند محاولة وصف ما يحدث إذا كان لدى الموجة عيوب صغيرة في أصل تكوينها.

وهذا كان عنوان البحث الّذي قام به بيونديني Biondini ومانتزافينوس Mantzavinos.

يقول بيونديني Biondini : "تم التّعرف على ظاهرة "عدم استقرار التّضمين Modulational instability " منذ ستينات القرن العشرين. فعندما يكون لديك اضطرابات صغيرة في مدخل ما، فستحصل على تغيرات كبيرة في المخرج. لكن هل هناك من طريقة ما لوصف ما يحدث بالضّبط؟".

"وبعدما قمنا بوضع الأسس في بحثيتين سابقين، استغرقنا سنة من العمل للحصول على وصف رياضيّ للحلول. قمنا بعدها باستخدام أجهزة الحاسب لاختبار ما إذا كانت الرّياضيات التي توصّلنا إليها صحيحة، وكانت نتائج المحاكاة جيدة على نحو حسن – وقد أظهرت أننا قمنا بالتقاط جوهر هذه الظاهرة."

وعن الخطوة التّالية، يقول بيونديني Biondini، هو عمل شراكة مع باحثين تجريبيين لمعرفة فيما إذا كان يمكننا الاستمرار باستخدام النّتائج النّظرية عند تطبيقها على أمواج فيزيائية حقيقية. وقد بدأ التّعاون مع مجموعات بحثيّة في مجال البصريّات، بالإضافة إلى أمواج المياه، كما يأمل في أنه سيكون من الممكن قريباً اختبار التّنبؤات النّظرية على تجارب حقيقية.

المصدر:

هنا