الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

Polydactyly عندما تتعدد الأصابع

استمع على ساوندكلاود 🎧

كم عدد أصابع اليد أو القدم؟

هذا ليس بالسؤال الصعب أبداً، فقد تعلمنا إجابته منذ نعومة أظفارنا، لكن، لا بد وأن كلّ واحدٍ منا قد رأى ولو لمرةٍ في حياته شخصاً بإصبعٍ إضافية. ما هو سبب هذه الحالة؟ بل ما هي هذه الحالة أساساً؟ ما نتائجها وكيف يمكننا أن نعالجها؟ سنتعرف على كلّ هذا في المقال الآتي:

تعدد الأصابع:

تعدد الأصابع أو Polydactyly هي كلمة مشتقة من اليونانية " polus وتعني عديد و daktulas تعني أصابع". يشير المصطلح الطبي بشكلٍ أساسي إلى زيادة إصبعٍ أو أكثر في أصابع اليد أو القدم، ويمكن تقسيم هذه الحالة إلى ثلاثة أقسامٍ رئيسة هي:

1-زيادة إصبعٍ في الجانب الموافق للخنصر وتُسمى هذه الحالة بالـ postaxial أوulnar polydactyly (و ulnar تعني عظم الزند وهو أحد عظمي الساعد ويقع على امتداد البنصر ومن هنا جاءت هذه التسمية).

2-زيادة إصبعٍ في الجانب الموافق للإبهام وتُسمى هذه الحالة بالـ preaxial أو radial polydactyly (وradial تعني عظم الكعبرة وهو أحد عظمي الساعد ويقع على امتداد الإبهام ومن هنا جاءت التسمية).

3- النوع الأخير يمثل زيادة إصبعٍ في المنتصف ويُسمى بـ central polydactyly وهذا النوع هو الأندر بين الأنواع الثلاثة.

في الأعلى، صورة لتعدد أصابع من نمط preaxial وفي الأسفل من نمط postaxial

لكن، ومما يجدر بنا الإشارة إليه، فإن مصطلح "إصبع زائدة" قد يكون مضللاً إلى حدٍ ما، وما يُقصد هنا، أنه وفي بعض الحالات تكون لدينا فعلاً إصبعٌ زائدٌ مؤلفٌ من الجلد والأعصاب والعضلات والعظم والمفاصل، وفي حالاتٍ أخرى قد يغيب المفصل فقط، لكننا قد نشاهد أيضاً حالاتٍ مقتصرةً على الجلد والأنسجة الرخوة دون أية عظام، ولهذا التصنيف أهميةٌ من الناحية الجراحية العلاجية وسنتطرق له فيما بعد.

الانتشار والعوامل المؤهبة:

هناك 1.7 حالة لكل 1000 مولود حي، و80% من هذه الحالات هي من النوع الأول الذي ذكرناه أي postaxial أما النوع الثالث الذي يتمثل بزيادة إصبعٍ في المنتصف فهو الأقل شيوعاً، ونصف هذه الحالات تكون ثنائية الجانب (كأن يكون هناك تعدد أصابع في كلتا اليدين). حالة تعدد الأصابع منتشرة لدى السود أكثر من البيض، وهناك ميل طفيف لدى الذكور (أي أنهم يصابون أكثر من الإناث)، ومما يؤهب للإصابة بهذه الحالة وجود تاريخٍ عائلي، ونقصد بهذا الكلام أن وجود أفرادٍ في العائلة والأقارب مصابين بهذه الحالة، يعزز نسبة الإصابة بها لدى الآخرين، والجدير بالملاحظة أننا قد نجد في بعض العائلات إصابةً بتعدد الأصابع في كل جيلٍ من أجيالها.

الأسباب:

لكي نعرف السبب يجب أن نعرف الآلية الطبيعية التي يتم بمقتضاها تشكيل خمس أصابع فقط؛ ولذلك علينا الرجوع إلى مرحلة الحياة الجنينية، ففي بداية تشكل اليد، تكون على شكل برعمٍ صغير، وفي الأسبوع السادس أو السابع من الحمل، يبدأ انفصالها على شكل أصابع، أما في حالة تعدد الأصابع، فإن الأمور لا تسير على ما يرام، حيث تنقسم إحدى الأصابع إلى قسمين معطيةً الإصبع الإضافية.

سبب هذا الخلل يمكن أن يكون جيناً طافراً، فكما نعلم جميعاً، فإن نوى خلايا الجسم تحوي المادة الوراثية على شكل مورثات (جينات) تشرف على تصنيع بروتينات الجسم ذات الأهمية البنائية والوظيفية، فالجينات الطبيعية تكون مسؤولةً عن تشكيل خمس أصابع، أما الطافرة فهي قد تؤدي إلى تشكل الإصبع الزائدة.

وهذا النمط الطافر من الجينات هو جينٌ سائدautosomal! قد لا تبدو كلمة "سائد" مفهومة؛ فنحن نرث معظم جيناتنا على شكل ثنائياتٍ أو أزواج، جينٌ من الأب وآخر من الأم، وفي الحالة السليمة يكون كلا الجينين سليمين غير طافرين، لكن وفي بعض الأمراض الوراثية، يرث الفرد نسخةً معيبةً (طافرةً) من الجين من أحد أبويه وأخرى سليمةً من الأب الآخر*، لكن لا يتظاهر لديه المرض سريرياً (ومعنى هذا أن علامات وأعراض المرض لا تظهر)، وهنا نقول أن الجين متنحٍrecessive، أي أنه تنحى للجين الآخر السليم، فلا يعمل الجين الطافر (وبالتالي لا يتظاهر المرض سريرياً) ويعمل الجين السليم؛ ولن يظهر المرض إن لم يملك الإنسان نسختين معيبتين من هذا الجين. لكن وفي بعض الأمراض، فإن وراثة الإنسان لجينٍ معيب واحدٍ يؤدي إلى ظهور المرض وهنا نسمي الجين بالسائد، وهذا هو الحال في تعدد الأصابع، الجين الطافر هو جينٌ سائد.

ما تحدثنا عنه توّاً، هو حالة تعدد أصابع منفردة، لكن قد يكون تعدد الأصابع موجوداً في سياق متلازمة**. والمتلازمات التي قد تتضمن تعدد الأصابع كثيرةٌ لا يتسع المقال لذكرها وشرحها، لكن ذلك لا يمنع ذكر بعضها:

-تثلث الصبغي 13أو متلازمة باتو (الصبغيات كما ذكرنا تكون ثنائية وفي هذه الحالة المرضية يكون الصبغي ذو الرقم 13 ثلاثياً)

-متلازمة Bradet-Biedl

-متلازمة Carpenter

-متلازمة Joubertوغيرها.

لكن وقبل أن ننتقل إلى العلاج، يجدر بنا أن نشير إلى أن الجينات المسؤولة عن تعدد الأصابع في حالة المتلازمات (وهي عكس الحالة الفردية) هي جينات متنحية.كما تجدر الإشارة إلى أنه هناك حالات معزولة، أي من دون قصة عائلية، أو وراثية.

متى يصاب الإنسان بهذه الحالة؟

في معظم الحالات، فإن تعدد الأصابع تشوهٌ خلقي (أي يولد الطفل وهو مصابٌ بهذه الحالة)، ولحسن الحظ، فإن الطفل لا يشعر بألمٍ في الإصبع الزائدة(3)، كما يمكن تشخيص الحالة خلال الحمل بواسطة الأمواج فوق الصوتية (الإيكو).

في بعض الحالات قد يظهر تعدد الأصابع في مرحلةٍ متأخرةٍ عن الولادة، وهنا، فإن المريض غالباً ما يراجع الطبيب نتيجة شكوى من ألمٍ في القدم عند ارتداء الحذاء (إذا كانت الإصبع الزائدة في القدم طبعاً).

العلاج:

كيف نعالج هذه الحالة؟

العلاج هو كما قد يتوارد إلى ذهن القارئ، ببساطة التخلص من الإصبع الزائدة، فالعلاج هو البتر في معظم الأحيان، لكن مدى تعقيد هذا العمل والفترة العمرية التي يُجرى بها يعتمدان على طبيعة الإصبع الزائدة. إذا كان إصبعاً كاملةً (مؤلفةً من العظام والمفاصل والأعصاب) فعلاجها صعب، أما الإصبع المؤلفة من النسج الرخوة فقط (أي دون عظام) فعلاجها سهل ويمكن أن يتم في الأسابيع الأولى من عمر الطفل في عيادة الطبيب.

الإصبع الكاملة التي تنشأ في طرف الإبهام هي الأصعب علاجاً، حيث تحتاج إلى عمل جراحي بين الشهر 12 و 18 من عمر الطفل.

الحاشية:

*عندما نتحدث في علم الوراثة فإن الأب قد يعني: الأب –الذكر أو الأم –الأنثى أي أحد الوالدين.

**المتلازمة: مجموعة من الأعراض والعلامات التي تشير مجتمعةً إلى حالة مرضية معينة، ولا تشير إلى هذه الحالة عندما تكون منفردة.

إ

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا