الهندسة والآليات > الطاقة

عَنَفة بِحجمِ طاولةٍ صغيرةٍ قادرةٌ على توليدِ الكهرباءِ لِبلدةٍ كاملةٍ

استمع على ساوندكلاود 🎧

نُعاني هذهِ الأيام من نقصٍ حادٍ في التيارِ الكهربائي، ونُحاولْ تعويض ذلك بكل الطرق الممكنة. فمن المعروف أَنّ الكهرباء والغاز يشكلان المصدر الرئيس للطاقة المطلوبة للاستخدامات المنزلية مثل التكييف والتدفئة والأجهزة الكهربائية المختلفة. فهل هناك طرق يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة ضمن نطاق صغير في بلدة أو مدينة صغيرة، كيف يكون ذلك؟ وأين وصلت التطبيقات العملية في هذا المجال؟

التفاصيل في المقال التالي :

قامَ مركزُ الأبحاث والتطوير التابع لشركة جنيرال إلكتريك (GE Global Research) باختبار عنفة بحجم مكتب صغير، قادرة على توليد الكهرباء لبلدة مكونة من عشرة آلاف منزل، إن الوسيط العامل في وحدة التوليد هذه هو الحالة السائلة لثاني أوكسيد الكربون (Supercritical Carbon Dioxide). حيث يتمُ الحصولُ على هذه الحالة من غاز ثنائي أوكسيد الكربون برفع ضغط الغاز بشكل كبير جداً، ودرجة حرارة عالية تصل إلى 700 درجة مئويّة، وهذه الحالة لا تكون بشكل غاز ولا بشكل سائل. وبعد مرور ثنائي أكسيد الكربون عبر العنفة يُبرَّد ثم يُعاد ضغطه قبل تحويله لمسار آخر.

إن الحجمَ الصغيرَ لِوحدةِ التوليدِ والقدرةِ على تشغيلِ وإيقافِ العنفة بسرعة، جعلها مفيدة في تخزين الطاقة في الشبكة، كما أن هذه العنفة تَشغَلْ حجماً يعادل 10% من حجم عنفة بخارية تعطي نفس إنتاج الطاقة. كما يَصِلُ مردودها الحراري (مردود تحويل الحرارة إلى طاقة كهربائية) إلى 50%، بينما يكون مردود العنفات البخاريّة في حدود 40 %، وهذا الناتج الجيد في المردود يعتمد على تحسين خصائص انتقال الحرارة، وتقليل الحاجة للضغط في نظام يستخدم ثنائي أوكسيد الكربون في حالته السائلة مقارنةً مع نظام آخر يستخدم البخار. يولّد النموذج الحالي 10 ميغاوات ولكن تأمل الشركة الوصول إلى 33 ميغاوات.

بالإضافة إلى كونها أكثر كفاءة، يُمكن لهذه التكنولوجيا أنّ تكون أكثر مرونة في تخزين الحرارة من الطاقة الشمسية، أو الطاقة النووية، أو الاحتراق العادي كالملح المنصهر. (وهو أحد أنماط تخزين الطاقة الحرارية) (1) ثم تُستَخدم هذه الحرارة لاحقاً لتشغيلِ هذه العنفة عند بداية الإقلاع. في حين أن الخزانات الحرارية يُمكن أن تستخدم لِغليّ المياه لتشغيل العنفات البخارية وتستغرق تقريباً 30 دقيقة، تستغرق عنفات ثنائي أوكسيد الكربون دقيقة أو دقيقتين للإقلاع ما يجعلها مناسبةً لتغطية احتياجات الطلب على الطاقة خلال فترات الذروة.

يقول دوغ هوفر وهو المهندس المسؤول عن المشروع في شركة جنيرال إلكتريك "إن أنظمةَ تخزينِ الطاقةِ من جنيرال إلكتريك يمكن أن تكونَ أفضل بكثير من الاعتماد على عدد كبير من مصفوفات البطاريات، وإضافة المزيد من ساعات العمل يعني ببساطة وجود خزان أكبر أو أكثر سخونة من الملح المصهور. وهذا أفضل من إضافة أعداد إضافية من البطاريات العملاقة". كما يؤكد أن هناك الكثير من العمل في انتظار فريق المشروع لكنهم يؤكدون أن فكرتهم أكثر اقتصادية بالمقارنة مع طريقة التخزين في البطاريات.

يجبُ الإشارةُ إلى أن التقنية التي وردت في هذا المقال قد لا تحصل على اهتمام من قِبَل الدول المنتجة للنفط، حيث إن فاتورة الغاز والكهرباء المنزلية وكلفة تأمين الطاقة لا تشكل عبئاً ثقيلاً كالذي يقع على كاهل البلديات والأشخاص في الدول الأخرى، ولكن مع تغيرات أسعار النفط الحالية والضغوط الدولية بشأن تقليص الغازات الحرارية فإن هذه التقنيات قد تصبح يوماً من أهم الوسائل لتغطية الاحتياجات من الطاقة.

يمكن توظيف الملح المصهور كطريقة لتخزين الطاقة الحرارية؛ للاحتفاظ بالطاقة المجمَّعة من برج شمسي أو حوض شمسي بحيث يمكن استخدامها لتوليد الكهرباء في الظروف الجوية السيئة أو أثناء الليل. يتنوع خليط الملح المصهور ومن الخلطات الأوسع انتشاراً تلك تحتوي على نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم ونترات الكالسيوم. وهي خليط غير قابل للاشتعال وغير سام، كما أنه مستخدم فعلاً في الصناعات الكيميائية والمعدنية لنقل الحرارة.

المصدر: هنا