الرياضيات > الرياضيات

نظرية الألعاب في فيلم ألعاب الجوع

استمع على ساوندكلاود 🎧

التطبيق الأول: نظرية الاحتمالات:

يتم اختيار الولد والبنت اللَّذَين سيُرسلان إلى العاصمة بشكلٍ عشوائيٍّ، حيث أنَّ التَّفاصيل لم ترد في الفيلم، ولكن توضيحات أكثر أوردتها الكاتبة سوزان كولين ( Suzanne Collins) مؤلفة رواية ألعاب الجوع.

يدخل اسم الطفلِ أو الطفلةِ في القرعة ابتداءً من عمر الثانية عشرة، فإذا ما تمَّ اختيار الاسم مرَّةً فإنَّه لن يتكرر في السُّحوبات المقبلة، فإما أن يخسر أو يفوز وفي كلا الحالتين لن يظهر الاسم مرَّة أخرى.

أمَّا من لم يتُّم اختيارُه فسيزدادُ عددُ البطاقاتِ التي تحملُ اسمَه في السَّحبِ المُقبلِ عندما يبلغُ مِنَ العمر ثلاث عشرة سنة إلى بطاقتين، فإن لم يتم اختياره فسيُكتبُ اسمه على ثلاثِ بطاقاتٍ في السَّنةِ التَّالية، وهكذا يتُّمُ حساب عدد مرات تكرار الاسم كمتسلسلة حسابيَّةٍ وفقاً للعلاقةِ التَّالية:

𝑎𝑛=𝑎1+(𝑛−1)𝑑

قد يتطوع الأطفال بأن يضعوا أسماءهم أكثر من مرة في القرعة في مقابل حصولهم على مؤنةِ سنةٍ كاملةٍ من الدقيقِ والزَّيتِ لشخصٍ من أفرادِ العائلة. فإنْ كانت العائلةُ مؤلفةً من والدين وولدٍ واحدٍ وقد بلغ الثانية عشرة فإنَّه سيضطرُّ لوضعِ اسمه في القرعة أربع مرات، إحداها هي الإجبارية وثلاث مرات لكي يحصل على غذاء له ولأبويه لمدة سنة. وعندما يبلغ السادسة عشرة فإنَّ اسمَّه سيكون قد أُدرج في القرعة ما مجموعه ثلاثون مرة.

هل تعتقد أنَّ احتماليَّة اختيارِ الأشخاص تزداد مع العمر؟ إن الأمر أعقد من ذلك. فمع أنَّ تكرار الاسم يزداد ولكننا لا نمتلك معلوماتٍ كافية لحساب احتمالات اختيارها بشكلٍ دقيقٍ. وحيث تقف نظرية الاحتمالات عاجزة فيمكننا الاستعانة بنظرية الألعاب و اتخاذ القرار لدراسة ما قد يقرره السكان حول المشاركة وحول عدد المشاركين وما إذا كان عدد أفراد الأسرة كافٍ لإعالتهم. لذا يبدو أن سكان القطاعات لا يزالون يظنون أن نجاتهم ممكنة رغم هذه الشروط الصعبة.

أما التطبيق الثاني فهو نظرية الألعاب:

هو تطبيق رياضياتيٌّ آخر في الفيلم، يمكن فهمه اعتماداً على نظرية الألعاب ـ وهي فرع من فروع الرِّياضيات يساعد في عملية اتخاذ القرارـ وقد ورد توضيح لها في مقال سابق (للاطلاع على المقال هنا)

من الأمثلة الشائعة في هذه النظرية هي معضلة السجينين. لنتخيل حالة سجينين شريكين في جريمة وبعد إلقاء القبض عليهما وبالتحقيق معهما عَرض المحقق عليهما التعاون في القضية مقابل تخفيف العقوبة على المتعاونِ منهُما. في حالِ تعاوُنِ أحدِهما وإنكارِ الآخر فإن المُعترِف سيلْبَثُ في السِّجنِ سنةً مقابلَ ثلاثِ سنواتٍ لمن لم يعترف، وفي حال تعاون كلاهما سيُسْجَنُ الاثنين مدةَ سنةٍ واحدةٍ، أما عند إنكارِ السَّجنين معاً فإن مصيرَهُما السِّجنُ سنتين لكلٍ منهما.

الرَّابطُ التَّالي يذكرُ هذه المعضلة مع بعضِ الأمثلةِ التَّطبيقيَّةِ لهذا المبدأ : هنا

بالطَّبع فإنَّ الحلَّ الأمثلَّ أن يتعاونا ويحصُلَ كلاً منهُما على حكمٍ مُخففٍ.

كما تذكر روايةُ ألعاب الجوع، فما أن تبدأ اللعبة حتى يبدأ اللاعبون بالتَّحالف، وتهاجم الجماعاتُ الأفرادَ للقضاء عليهم. ما أن تستوعب نظرية الألعاب حتى يتضح لك أنَّ هذا التَّحالف هو الخيارُ الأفضلُ للمتحالفين على الرَّغم من الدَّافع القويِّ الذي يُحتمُ عليهم الإجهازَ على بعضهم البعض. ولكن لننظر مبدئياً على جزئيةٍ مهمةٍ في هذا التَّحالفِ، كيف يمكنُ لأعضاءِ التَّحالفِ أن يَغْمَضَ لهم جَفْنٌ وخاصةً أنَّ المتحالفين معهم سينقضُّون عليهم في حال غَفْلَتِهم.

إنَّ دراسة المصلحةِ الفرديَّةِ تقتضي ألّا ينامَ أيٌّ منهم٬ ولكن لنحاولَ فهمَ الأمرِ بمُقتضى التَّحالف ولذلكَ لننظرإلى الجدولِ التَّالي الذي يوضحُ الخياراتِ المتاحةِ أمام فردٍ ما ضمن جماعة:

على الرَّغم من أن خيار النَّوم للجميع قد يبدو صعباً في ظروف لعبة الجوع ولكنه رياضياتيَّاًّ هو أفضلُ الخيارات التي يمكن للتَّحالف الاتفاق عليها.

إن معضلة السَّجين قد أخذت حيزاً واسعاً من البحث الرِّياضياتيِّ والاقتصادي. فمعرفة ما هو القرار الأفضل قد يُخالف الحدْسَ في بعض الأحيان، كما أنَّ اتخاذ القرار الصَّحيح لايحدث دوماً بالضَّرورة.

بالنَّتيجة ممَّا لاشك فيه أنَّ قرارَ النَّومِ من عدمِه ضمن تحالفٍ دمويٍّ هو مسألةٌ ليست بالسَّهلة، ولكنَّها مشوقةٌ بالنِّسبة لنا نحن المشاهدين.

أرجو أنّ ما ذكرتُه من تطبيقات مهمة لنظريَّة الاحتمالِ ونظريَّةِ الألعابِ لم يُفسِد مُتعةَ متابعة سلسلة الأفلام أومطالعة أكثر الكتب مبيعاً، بل أن تكون الرِّياضيات المذكورة قد أضافت نكهةً جديدةً لما قد تعتبره مُسليّاً.

المصدر:

هنا