الطبيعة والعلوم البيئية > الطاقات المتجددة

آســـــــــــــــــــــــــيــــــا نحو طاقةٍ متجددة 100% خلال 15 عاماً

استمع على ساوندكلاود 🎧

يمكن للطاقة المتجددة أن توفر لروسيا ودول آسيا الوسطى 100% من احتياجاتها من الكهرباء خلال عام 2030، الأمر الذي سيساعد في خفض التكاليف إلى حد كبير مقارنة بالطاقة النووية والوقود الأحفوري. تظهر دراسة جديدة أن روسيا وبلدان آسيا الوسطى يمكن أن تصبح مناطق شديدة التنافسية على الطاقة عن طريق حصولهم على احتياجاتهم من الكهرباء من مصادر متجددة في غضون السنوات ال 15 المقبلة، لكن معظم حكومات هذه المناطق حتى الآن، لا تظهر الإرادة الحقيقة لتحقيق هذه الإمكانيات الضخمة.

احتسب الباحثون في جامعة "لابينرانتا" للتكنولوجيا في فنلندا كلفة إنتاج الكهرباء كلياَ من مصادر الطاقة المتجددة فوجدوا أنها ستكون نصف سعر التكنولوجيا النووية الحديثة وحرق الوقود الأحفوري. من شأن ذلك أن يجعل جميع البلدان أكثر قدرة على المنافسة من خلال خفض التكاليف، ولكن ذلك سيتطلب بناء شبكة فائقة للسماح للدول بتبادل الفوائد من مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع.

إن المنطقة الجغرافية للبحث -الذي لا يشمل بالمناسبة النقل والتدفئة- تغطي جزءاَ كبيراَ من نصف الكرة الشمالي، حيث أن العديد من دول هذه المنطقة تعتمد في الصناعة على إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري والطاقة النووية، فبالإضافة إلى روسيا تشمل منطقة البحث كلّاً من بيلاروس وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان، وكذلك مناطق القوقاز وبامير Pamir بما في ذلك أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وقيرغيزستان وطاجيكستان.

يستند نظام الطاقة على الرياح، والطاقة المائية والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية وبعض الطاقة الحرارية الأرضية. تشكل الرياح حوالي 60% من الإنتاج، في حين أن الطاقة الشمسية والكتلة الحيوية والطاقة المائية تشكل معظم البقية. إن إجمالي القدرة المركبة الناتجة عن الطاقة المتجددة في النظام خلال عام 2030 قد تكون حوالي 550 (جيجاوات)، بحيث يكون أكثر من نصفها بقليل ناتجاً عن طاقة الرياح، وسوف يكون خمسها ناتجاً من الطاقة الشمسية؛ أما البقية فهي من المائية والكتلة الحيوية، مدعومة أيضاَ بتقنية "تحويل الطاقة لغاز" وبتخزين الطاقة المائية التي يتم ضخها، وبالبطاريات. تبلغ القدرة الإجمالية الحالية الـ 388 جيجا وات؛ تشكل طاقة الرياح والشمس منها 1.5 جيجا وات فقط، حيث لا يضم النظام الحالي تحويل الطاقة إلى غاز ولا تخزيناً بالبطاريات.

لكن لحظة.... ماذا نقصد بتحويل الطاقة إلى غاز أو Power to gas التي يرمز لها بـ P2G؟

هي تقنية تحويل الطاقة الكهربائية إلى وقود ولها بشكل أساسي ثلاث طرق؛ استخدام الكهرباء لفصل الماء إلى عنصريه الأوكسجين والهيدروجين بالتحليل الكهربائي ليحقن الهيدروجين الناتج في شبكة الغاز. الطريقة الثانية تتمثل بجمع الهيدروجين بثاني أوكسيد الكربون لتحويلهما لميثان، أما الطريقة الثالثة فتتضمن استخدام الغاز الناتج عن محطات الوقود الحيوي مع الهيدروجين لرفع جودة هذا الغاز.

بالعودة إلى بحثنا الواعد فإن الفكرة الرئيسية له؛ هي تكامل قطاعات الطاقة لتخفيض كلفة الكهرباء بنسبة 20% في كلٍّ من روسيا وآسيا الوسطى؛ فعند التحرك نحو نظام طاقة متجدد؛ مثل استبدال الغاز الطبيعي بتقنية P2G فإن ذلك يجعل من استخدام الطاقة الكهربائية المتجددة يفيض ليستخدم في الاحتياجات المستعجلة. لكن تبقى الحاجة للمزيد من الطاقة المتجددة الأولية قائمةً باستمرار بسبب الفاقد في تحويل الطاقة إلى غاز ثم استخدامها ثانيةً؛ وقد يفسر ذلك سبب النسبة المنخفضة (الـ 20%).

باختصار؛ كلما تمّ بناء قدرة للطاقة المتجددة كلما أصبح بإمكاننا استخدامها في مختلف القطاعات: كالتدفئة والنقل والصناعة، كما تقلل مرونة هذا النظام من الحاجة للتخزين ومن تكاليف الطاقة بشكل عام. ستكون هذه المرة الأولى التي يكون فيها نموذج نظام الطاقة المتجددة مطبقاً 100% في روسيا وآسيا الوسطى لو نجح تطبيق الفكرة.. ليس ذلك فقط بل ستصبح المنطقة واحدة من المناطق الأكثر تنافسية على الطاقة في العالم.

اقتصاد اسيا الوسطى الأخضر .

تمتلك البلدان المشمولة بالدراسة عدة مقومات مشجعة لتطبيق المشروع إلا أنها تعاني من عدم وجود شفافية لدى الحكومات وضعف الضغط من الجماعات البيئة والذي غالباً ما يكون مفيداً في تعزيز التعاون الدولي.

لا تزال حصة المنطقة في مجال توليد الطاقة الكهربائية (باستثناء الطاقة الكهرومائية الكبيرة) منخفضة جداً. وهي تتراوح بين أقل من 1% في كازاخستان وتركمانستان إلى حوالي 3% في أوزبكستان وطاجيكستان.

توضح هذه الدراسة كيف يمكن لمناطق مختلفة من العالم أن تتحول إلى مصادر للطاقة المتجددة؛ إذ أنه وبالرغم من ندرة ذكر آسيا الوسطى في محادثات المناخ في باريس الشهر الماضي (اقرأ مقالنا السابق عن الموضوع هنا )، إلا أن آثار الحرارة واضحة بالفعل في المنطقة، والحكومات تعي مخاطر التغير المناخي وفوائد الطاقة المتجددة.

المصدر:

هنا