الاقتصاد والعلوم الإدارية > موارد بشريّة

استراتيجيات التفاوض على الراتب التي قد تأتي بنتائج عكسية

يعتبر الاتفاق على الراتب جزءاً حاسماً من مفاوضات القبول بمنصبٍ جديد، ولكن إذا ما أفسد المتقدم هذه الخطوة، فقد يكلفه ذلك ضياع فرصة العمل، وحتى لو لم يصل الأمر لهذا الحد قد تتشكل لدى الشركة شكوكٌ دائمةٌ حول هذا الموظف مما يعرقل تقدمه في الشركة ويؤثرعلى نجاحه.

يعتقد معظم الأشخاص الذين يتقدمون للوظائف أن لديهم مهارة عالية في فنون التفاوض، ولكن وفقاً ل Dennis Theodorou نائب رئيس مؤسسة JMJ للبحث التنفيذي، ديترويت، ميشغن، فإن هذه الثقة ليست في محلها.

يقول Theodorou "يبحث الناس عن وظيفة جديدة كل ثلاث سنوات في المتوسط، مما يعني أنهم يقومون بالمفاوضة على الراتب مرة أو مرتين كل ثلاث سنوات، وهذا بالطبع لا يجعلهم خبراء في فن التفاوض".

قد يؤدي نقص الخبرة في فنون التفاوض لتعثر المفاوضات وضياع الفرصة الوظيفية، وفيما يلي سنعرض بعض استراتيجيات التفاوض التي قد تأتي بنتائج عكسية.

مناقشة الأمور المادية منذ البداية

أول خطأٍ قد يقع فيه المتقدمون للوظيفة هو محاولة التفاوض على الراتب قبل حتى أن تقدم الشركة عرض العمل.

يقول Steven Rothberg رئيس ومؤسس مجمع التوظيف في مينيابوليس، مينيسوتا، "أفضل وقت لبدء المفاوضات على الراتب المبدئي وباقي التعويضات، هو بعد تلقي عرض العمل من الشركة، لكن قبل قبوله".

إن النقاش المبكر في هذا الموضوع قد يتسبب بإفساد المقابلة وتضييع فرصة الحصول على العمل.

استغلال عرضٍ آخر لديك للحصول على مبتغاك

قد تكون أجريت مقابلات مع أكثر من شركة، وحصلت على عروض متفاوتة، مع ذلك لا تظن أن الشركة على استعداد لتغيير عرضها ليتطابق مع عروض أخرى، ولا تعتمد على الراتب في تقييم عروض العمل المقدمة. تحذر Kristin Scarth مديرة الخدمات المهنية في مركز دعم التوظيف في ديترويت ميشغن، القراء من محاولة استغلال أحد العروض المقدمة ضد عرض آخر، حيث أنها قد تكون سياسة قصيرة النظر.

"لا يمكن مطابقة فرص العمل مع بعضها وإذا كنت تحاول الضغط على شركة ما لرفع راتبك فقط لأن لديك عرضاً أعلى فهذا لا يعني أنك ستحصل على طلبك. ( لا يعني أنهم سيستجيبون لك) ولا يعني أيضاً أن عليك اختيار الوظيفة ذات الراتب الأعلى".

وتنصح Scarth المرشحين بالمقارنة بين إيجابيات وسلبيات كل شركة، واختيار الشركة التي توفر بيئة العمل الأفضل بشكلٍ عام.

الفشل بالقيام بواجبك

إحدى السلوكيات المنتشرة والتي قد تسبب نتائج عكسية، هي محاولة التفاوض قبل القيام بمهامك.

يقول Theodorou أن العديد من الناس قد يطلبون مبلغاً معيناُ لأن موقعاً الكترونياً ما مختصاً بالرواتب قد بين لهم أنهم يستحقون الحصول على مبلغ معين لقاء جهودهم.

ويحذر Theodorou من هذا بقوله "هذا لا ينجح أبداً، إذا كنت مرشحاً لوظيفة تعرض عليك راتباً معيناً وكان ردك أن غوغل قرر أنك تستحق راتباً أعلى من ذلك، فغالباً سينتهي الأمر بشكل سيئ وستخسر الوظيفة".

إن أبحاث السوق عامل مهم، ولكن هناك العديد من العوامل الأخرى المؤثرة في تحديد الراتب، مثل سنوات الخبرة، وحجم الشركة، ونوع الصناعة، والمكان.

وبحسب Katie Weigel مديرة أحد الأقسام في شركة رينو و Robert Half للتمويل والمحاسبة، "فإنه عليك أن تكون مدركاً فيما إذا كان ما تطلبه مماثلا للتعويضات التي يتقاضاها منافسوك في ذات المنصب أم أكبر بكثير".

وتضيف Weigel بأنه إذا كانت طلباتك غير منطقية بالنسبة لأصحاب العمل، فإن ذلك قد يكلفك ضياع الفرصة المتاحة، خصوصاً في حال كان صاحب العمل قد أجرى مقابلات مع مرشحين آخرين لديهم مؤهلاتُ جيدة.

وفيما يتعلق بمدى زيادة الرواتب يحذر Theodorou من أن طلب زيادة في الراتب أكثر من 5% إلى 10% عند التفاوض على عملٍ جديد، لا يأتي غالبا بالنتيجة المرجوة. ويقول "نحن غالباً نرى زيادة بحوالي 3% إلى 5% عند الحصول على عملٍ محليٍ جديد، وزيادة بنحو 5% إلى 10% عند الانتقال لمكان آخر".

ومع ذلك ( والكلام لـ Theodorou) تكون هناك استثناءات، فمثلاً إذا كنت بحكم عملك مسؤولا عن ثلاثة أشخاص، وأصبحت مسؤولاً عن خمسين شخصأ في الوظيفة الجديدة، فمن البديهي أن تتوقع زيادةً أكبر في الراتب.

التفاوض فقط لأجل المال

إذا لم تكن زيادة الراتب واردة في النقاش، ينصح Rothberg بمناقشة الجوانب الأخرى من العمل التي تساعدك على تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة.

فبدلاً من أن تطلب إجازة لأيام الجمعة ظهراً، من الأفضل أن تسأل إذا كان بإمكانك العمل لساعة إضافية يوميا في الأيام الأربعة المتبقية، بحيث تكون قد تمكنت من تحقيق 40 ساعة عمل المطلوبة منك أسبوعياً.

الموافقة المبدأية كطعم لأصحاب العمل ثم تغيير الرأي لاحقاً

إحدى أسوأ سياسات التفاوض على الراتب هي الموافقة على العرض الشفهي وثم طلب راتب أعلى عندما يأتي دور العرض المكتوب وتوقيع العقود.

فبحسب Steven Lindner الشريك التنفيذي لمجموعة The WorkPlace في نيويورك "إن الموافقة على أي راتب مطروح في البداية كمحاولة لتثبيت أقدامك في الشركة آملاً أنهم بعد أن يجروا معك المقابلة ويروا براعتك سيوافقون على أي رقمٍ تطلبه، هو فعلياً تضييع لوقت الجميع"

ويقول Lindner إن هذه هي الطريقة المضمونة لسحب عرض العمل وتضييع الفرصة.

أخطاء الموظفين

أحياناً يحاول الموظفون الحصول على زيادة في رواتبهم عبر التهديد بترك العمل في حال لم يتم تحقيق مطالبهم. يقول Lindner هذه الطريقة بالتأكيد ستقودك للإنضمام لصفوف العاطلين عن العمل. "يفضل المدراء التمسك بالوظفين الملتزمين والشغوفين والمخلصين لعملهم ولمدرائهم".

يضيف Lindner: إذا أظهرت أن المال هو أهم ما يشغل بالك، سيتوقع مديرك أنك ستترك العمل حالما يأتيك عرض أعلى من شركات أخرى.

إن الموظفين الذين لم ينجحوا بفهم واتباع سياسة شركتهم للترقيات والعلاوات، قد يغامرون بفقد أعمالهم.

يقول Lindner "بالطبع قد تحصل على الزيادة التي طلبتها من مديرك الحالي (بأسلوب التهديد بترك الوظيفة) ولكن بحسب معظم الشركات المشاركة في الاستطلاع، فإن هذه الحادثة ستبقى نقطة في سجلك وسيتذكرونها دائماً وغالباً سيبدؤون بالبحث عن بديلٍ لك".

النتيجة النهائية

صحيحٌ أن الراتب يشكل جزءاً هاماً من التفكير بالوظيفة الجديدة ودافعاً لقبولها، ولكن لا تجعله يصبح عائقاً يمنعك من رؤية الصورة الكلية.

فبينما من البديهي أننا جميعا نريد وظيفةً براتبٍ جيد، إلا أن عدم معرفة الطريقة والتوقيت المناسبين للتفاوض على الراتب قد يجعل الشركة تبحث عن مرشحين جدد وتغض النظر عن ملفنا.

أخيراً، ابق على اطلاع على أحدث تحليلات الخبراء ودراسات السوق، واطلع دوما على أهم التطورات.

المصادر

هنا