الهندسة والآليات > الروبوتات

روبوتات تَكتَسِبْ خبرةً من بَعْضِها

استمع على ساوندكلاود 🎧

مَنْ منا لم يُتابعْ برنامجاً وثائقياً يَتكلم عن المصانعِ العملاقةِ التي تُديرها الروبوتات؟ وكيفَ احتلتْ هذه الآلات مكانَ البشرِ في العديدِ من الوظائفِ، في حين حافظَ البشرُ على الوظائفِ التي تتطلب خبرةً كبيرةً في تمييزِ العديدِ من الأشياءِ والتعاملِ معها، والتي لم تستطع الروبوتات القيامَ بها مثل التعامل مع المرضى وكبار السن، وكذلك مساعدة الجنود على الجبهات. لا يجدُ البشرُ صعوباتٍ كبيرة في طيّ الملابس، أو حمل كأس من الماء بسببِ مرحلةٍ كبيرة جداً من جمع المعلومات تُسمى الطفولة، ولكن مثل هذه الأمور البسيطة تسبب عقدة للروبوتات. عادةً يستطيع الروبوت التعامل مع الأشياء وفقاً لبرنامج مخزن مسبقاً، وتكون مهمة هذا البرنامج تحديد المهام التي يمكنه القيام بها وهذا ما يحد من إمكانية الروبوتات، لكن ماذا لو استطاعت الروبوتات التعلم بشكل ذاتي بالاستفادة من تجارب وخبرات روبوتات أخرى قامت بالتعلم قبلها؟ هذا ما سيتم مناقشته في المقال التالي، تابعونا:

تحتاجُ الروبوتات لكي تستطيعَ القيامَ بالمهامِ ذاتها التي يقوم بها البشر إلى بيانات كثيرة جداً، مثل تلك التي جمعها البشر طوال فترة حياتهم، لكن من أين ستأتي هذه البيانات؟

وفقاً لأستاذة علومِ الحاسب في جامعة براون (Stefanie Tellex) فإنّه يُمْكنُ للروبوتات تَحصيل المعلومات من بعضها البعض وتشاركها، وتمثل هذه الفكرة محور (Million Object Challenge) الذي بدأتهُ بنفسها. يقومُ هذا التحدي على تعليمِ الروبوتات كيف تتعاملُ مع أغراض بسيطة مثل الصحون والأكواب والألعاب الصغيرة وغيرها الكثير. وبالتالي تَكتَسب هذه الروبوتات خبرة في التعامل مع غرض معين، وفي المرحلة الثانية يتم تحميلُ المعلومات والبيانات التي تَصِفُ هذه الخبرة إلى شبكة الانترنت، وحفظها عن طريق التخزينِ السحابي. وفي المرحلة الأخيرة يتم السماح للروبوتات الأخرى بالحصول على هذه الخبرات؛ لتستطيع لاحقاً تحليلها ومن ثُمَّ استخدامها.

يُمَّثِل الروبوت باكستر (Baxter robot) نموذجاً لروبوتات المستقبل التي من الممكن أنْ تتعلم ذاتياً، وتُبيَّن الخطوات اللاحقة كيفية تَعّلمِ الروبوت التعامل مع غرضٍ جديدٍ ألا وهو فرشاة الشعر. في البداية قام الروبوت بعمليةِ مسحٍ لفرشاةِ الشعر، ثم تحريك ذراعه حتى يَصِل َ للفرشاة، بعد ذلك قام بالتقاط عدة صور لها. في المرحلة الثانية قام الروبوت بقياس بعد المسافة عن الفرشاة، عن طريقِ استخدامِ حساسات الأشعة تحت الحمراء. وفي المرحلة الأخيرة يتمُ التقاط الفرشاة وتحريك ذراعه بسرعة ليتأكد من متانة الالتقاط. وبهذه الخطوات يكون الروبوت قد تعلم التعامل مع أغراضٍ وخبراتٍ جديدة، يستطيع الآن تحميل بياناتها وخطوات العمل على شبكة الإنترنت.

في سبيل جمع معلومات وبيانات لمليون غرض استطاعت (Tellex) بمساعدة أحد طلابها جمع بيانات أكثر من 200 غرض، منها حذاء للأطفال، وبطة مطاطية، والعديد من أدوات المطبخ، ولكن هذا لا يكفي حالياً. فلذلك يجب على الباحثين في مجال الروبوتات في مختلف مناطق العالم المساهمة في إثراء خبرات باكستر والعمل على محاولة جمع بيانات لمليون غرض يستطيع الروبوت التعامل معها، وحينها ستستطيع الروبوتات التعامل مع رف مزدحم من الأشياء والبيانات، على سبيل المثال تمييز القلم ومن ثم التقاطه.

تُعتبر عملية جمع بيانات مليون غرض عن طريق باحثين في مختلف مناطق العالم أمراً من الممكن حدوثه، وذلك لأن الباحثين يستخدمون نفس منصة العمل لبرمجة هكذا روبوتات، وتُسمى هذه المنصة (ROS)، وبالتالي عندما يتعلم أحد الروبوتات إحدى المهام يستطيع نقل خبرته إلى روبوتات أُخرى وتستطيع هذه الروبوتات تحميل البيانات على الشبكة. حيث ستُشَّكل هذه البيانات ما يشبه المكتبة الإلكترونية أو قاعدة مَعرِفية تستطيع كل الروبوتات الاطلاع عليها واستخدامها.

وفي محاولة لتنفيذِ عمليةِ نقلِ البياناتِ، والاستفادة منها قامت الباحثة (Ashutosh Saxena) في جامعة كورتل بتعليم الروبوت(RP2) كيفية التعامل مع أكواب صغيرة، وموضَعَتِها على الطاولة، ومن ثم تحميل هذه الخبرة وتخزينها سحابياً. استطاعت (Tellex) بدورها تحميل المعلومات، ومن ثم استخدامها في تعليم باكستر نفس الخبرة مع الاختلاف في تصميم الروبوتين وكذلك الاختلاف في البيئة.

وفي النهاية تبين لنا أن تعليم أحد الروبوتات التعامل مع شيء ما، يكسبه خبرةً في ذلك الشيء. حيث يقومُ بجمع البيانات حول هذه الخبرة، وتحميلها على الشبكة وحفظها، فيقوم عندها روبوت آخر بتحميل هذه البيانات، وبذلك يكتسب هذه الخبرة، وهو بدوره يقوم بنفس الشيء. عندها يكون تعلم روبوتين خبرتين في نفس الوقت الذي يلزم لتعلم خبرة واحدة وما عليك الآن سوى الضرب بمليون مرة وهكذا.

المصدر:

هنا