الفيزياء والفلك > فيزياء

طريقةٌ جديدةٌ لتحديد مكان الكوكب التّاسع، في حال وجودِه.

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعتقد علماء الفيزياء أنهم توصلوا إلى طريقة تمكنهم من تحديد مكان الكوكب التّاسع.

لطالما كانت فكرة وجود كوكب تاسع في نظامنا الشمسي المعروف فكرة تتراود في أذهان الكثير، ويحاول العديد العلماء إثباتها أو نفيها، وقد تم الإعلان في بداية هذا العام عن وجود أدلة قوية تشير إلى وجود مثل هذا الكوكب حيث استدلّ العلماء على وجودهِ من طريقةِ تحرُّكِ عددٍ من أجرامِ حزامِ كويبر.

وبعد أن كان اكتشاف الأمواج الثقالية أكبر حدث مر في هذا العام، ربما يكون اكتشاف وفهم الكوكب التاسع "في حالة وجوده" أهم إنجازات العام القادم.

يحمل الكوكب التاسع الاسم فاتّيْ Phattie بشكلٍ غيرِ رسميّ، وهو كوكبٌ جليديّ لهُ طبقةٌ خارجيةٌ غازيةٌ ويُحتَمل أنّهُ يصغُرُ نبتون قليلًا، وقد يكونُ التأثيرُ الثقاليّ لكوكبي أورانوس ونبتون قد رمى بهِ إلى البعيدِ خلال ثلاثةِ ملايين سنةٍ الأولى من عمرِ المجموعةِ الشّمسيّة. ولكن المشكلة التي تواجه العلماء هي كيفية الكشف عن مثل هذا الكوكب؟

يتم اكتشاف الكواكب والكويكبات عادةً عن طريق رصد أشعّة الشّمس المنعكسة عن سطحها، حيث ترسل الشّمس أشعّتها في جميع الإتّجاهات. يرتدُّ جزءٌ ضئيلٌ من هذه الأشعّة عن سطح الكوكب أو الكويكب، ويصل جزءٌ صغيرٌ من هذا الضّوء المرتد إلى الأرض فيرصده العلماء، وهنا تكمن المشكلة حيث يقدّر العلماء أنه في حال وجود الكوكب التّاسع فإنه سيتلقى ضوءاً من الشمس أقل من الضّوء الذي يتلقاه كوكب الأرض بنصف مليون مرة، مما يجعلُ من عمليّة رصده بالطريقة السابقة أمرا مستبعداً.

ولكن وفقاً لدراستين جديدتين يمكن العثور على هذا الكوكب من خلال رصد الضّوء القادم من الكوكب نفسه وليس من ضوء الشّمس المنعكس عن سطحه، حيث يصدر كل شيء في الكون إشعاعاً يسمى (إشعاع الجسم الأسود). كلّما كان الجسم أكثر سخونة كلّما أصدر طاقة ضوئيّة أكبر، والعكس بالعكس كلّما كان الجسم أبرد كلّما أصدر كمية أقل من هذه الطاقة، وهذا هو السبب في توهُّج المعدن باللون الأحمر أو البرتقالي عندما يتمُّ تسخينُه.

وفي الواقع تصدر كل الأجسام أشعّة مهما كانت درجة حرارتها، لكن نوعيّة هذه الأشعّة تختلف بازدياد درجة حرارة الأجسام. فحالما يتجاوز الجسم درجة حرارة معينة يصبح الضّوء الصّادر عنه أقوى من الضّوء الذي نراه في العادة، فيبدو لنا أنه يتوهّج باللون الأحمر.

وعندما يبرد الجسم فإن الضّوء (أو إشعاع الجسم الأسود) الصّادر عنه يصبح ضعيفاً ولا تستطيع العين البشريّة رصده، ويطغى عليه الضّوء الذي نراه في الحالة العادية. أي أن إشعاع الجسم الأسود يصبح ضعيفاً جداً لكنّه لا يختفي أبداً بل يبقى موجوداً.

وهذا مبدأُ عملِ نظّارات الأشعّة تحت الحمراء في رصد الأشخاص، حيث يتوهج الجسم البشري بالأشعّة تحت الحمراء، وتتوهّج الأجزاء الدّافئة من جسدنا (كالوجه والجذع) بأشعّة ضوئيّة مختلفة قليلاً عن الأجزاء ذات درجات الحرارة الأخفض.

سيقودنا إشعاعُ الجسم الأسود إلى رصد الكوكب التّاسع، حيث يقدِّر العلماء أن الكوكب التّاسع يصدر أشعّة ضوئيّة تتراوح بين الأشعّة تحت الحمراء والأشعة الميكروية، ومن حسن حظنا أننا نملك التلسكوبات القادرة على رصد مثل هذه الأشعّة.

هذه هي الفكرة العامة التي قدّمها فريقان منفصلان من الفيزيائيين وذلك من أجلِ الكشفِ عن الكوكب التّاسع بدايةً، ثم معرفة المزيد عنه لاحقاً.

يترأس الفريق الأول العالِم نيكولاس ب كوان Nicolas B. Cowan من جامعة McGill في كندا. وقد بدأ هذا الفريق عمله بالسّؤال التالي:

هل تستطيع تلسكوباتنا الحاليّة رصد الأشعّة القادمة من جسمٍ باردٍ و بطيء وبعيد كما هو الحال بالنسبة للكوكب التّاسع؟

وضع الفريق في الورقة البحثيّة التي قدّمها أفضل تخميناته عن حرارة الكوكب وكمية الضّوء التي ينتجها. بجمع هذه البيانات مع المسافة المحتملة التي تفصل بيننا وبين الكوكب يمكن أن نتبّأ كيف سيبدو لنا الكوكب التّاسع عندما نرصده من الأرض .

وقد تبين لهذا الفريق (في حال كانت تقديراتهم صحيحة) أنّه يمكن رصد الكوكب التّاسع بالتلسكوبات الموجود حالياً، يجب علينا فقط أن نوجّه التلسكوبات نحو النّقطة الصحيحة من السّماء.

والأفضل من ذلك (حتى لو كانت تقديراتهم غير دقيقة) فإننا سنتمكن من رصد الكوكب باستخدام التلسكوبات التي نخطط لبنائها في المستقبل.

أما الفريق الثّاني بقيادة العالم سيفان جينزبرغ Sivan Ginzburg من الجامعة العبرية في القدس،إسرائيل فقد ذهب أبعد من ذلك. فهو يرى أن خصائص إشعاع الجسم الأسود لهذا الكوكب ستعطينا الكثير من المعلومات عن حجم الكوكب التّاسع وطبيعة غلافه الجوّي.

تنخفض درجة حرارة كواكب المجموعة الشّمسية بشكل بطيء منذ بداية تشكُّلِها حتى اليوم. وتنخفض درجة حرارة الكواكب التي تملك غلافاً جوّياً سميكاً بشكل أبطأ من الكواكب الأخرى، لأن الغلاف الجوّي يعمل كغطاءٍ للكوكب يحافظ على حرارته، مما يبطئ من عملية انخفاض درجة حرارته.

بوضع النّماذج عن الكوكب التّاسع (على افتراض أنه يشبه أورانوس أو نيبتون) تمكّن الفريق الثّاني من إيجاد العلاقة بين كتلة الكوكب وسماكة غلافه الجوّي وإشعاعه الأسود. هذا يعني أنه لو تمكنّا من رصد الإشعاع الأسود سنتمكن من حساب كتلة الكوكب وسماكة غلافه الجوّي أيضاً.

على ما يبدو فقد بتنا قريبين جداً من الكشف عن هذا الإشعاع وبالتالي تأكيد وجود الكوكب التّاسع، وليس هذا فقط ربما لن نستغرق وقتاً طويلاً حتّى نبدأ بدراسة خصائصه أيضاً.

المصدر: هنا