الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

إلى أي عمق تمتد الحياة؟.. رحلةٌ إلى ما تحت قاع المحيط!

استمع على ساوندكلاود 🎧

بَيّنت إحدى الاكتشافات المذهلةِ عن الحياة على كوكب الأرض في الـ 25 سنة الماضية، أنّ بإمكان الحياة أن تزدهرَ تحتَ قاع المحيط في قشرة الأرض الصخريةِ الكثيفةِ والمظلمة. تمكّنَ فريقٌ بحثيّ بقيادة عالمةٍ مشاركة من المختبر البيولوجي البحري من إضافةِ معلوماتٍ جديدة لفهمنا لطبيعة الحياة الموجودة تحتَ قاع المحيط. قدم الفريق ورقةً بحثية جديدةً وصفوا فيها لأول مرة تَجَمُّعاً جرثومياً نشيطاً مدفوناً في القشرة الأرضية الباردة تحت رسوبيات قاع المحيط في البركة الشمالية، وهي بركةٌ من الرسوبياتِ المعزولة موجودةٌ على الجانب الغربي لسلسلة جبال وسط الأطلسي*.

ماتزال المعلوماتُ شحيحةً عن مجمع الحياةِ الجرثومي هذا باستثناء المحيط الحيوي البحري المدفونِ فيه بسبب صعوبة الوصول إليه حيث أن الطريقةَ الوحيدةَ لدراسته تستلزمُ الحفرَ لأمتارٍ خلالَ الرسوبيات حتى الوصول إلى الطبقة الصخريةِ التي يعيشُ فيها.

القشرةُ الأرضيةُ تحتَ قاع المحيط ليست ثابتة بل تجري عبرَ شقوقِها الصخريةِ مياهُ البحر لتشكل طبقةً مائيةً مفعمةً بالحياة، ويتجددُ من خلالها كاملُ حجمِ المحيط خلال 200 ألفِ عام. اكتشفَ الفريقُ أنّ المُجمّعَ الجرثوميَّ في عينات البركة الشمالية هوائيّ (يتنفس الأوكسجين)، غيرُ متجانس، ومختلفٌ بشكلٍ ملحوظ عن العينات المأخوذةِ من مياه قاع المحيط.

كانت المجموعةُ العامةُ من البكتيريا في الطبقة المائية الصخرية وفي مياه قاع المحيط متماثلةً في العديد من الحالات ، لكنَّ مجموعةَ البكتريا في الطبقة المائية الصخرية احتوتْ على أنواعٍ مختلفةٍ عن الأنواع الموجودة في مياه قاع المحيط. هذا يعني اختلافاتٍ واضحةً في النشاط الجرثومي المحتملِ بين الموقعين، مثلِ تثبيتٍ أكبرَ للكربون في الطبقة المائية الصخرية.

هذه هي الورقة البحثيةُ الأولى التي تصفُ مجمعاً جرثومياً يعيش في الطبقة المائية الصخرية الباردة من القشرة الأرضية تحتَ قاع المحيط، حيث أنّ الأبحاث السابقةَ كانت قد اهتمت بالتدفقات البركانيةِ الساخنةِ في سلسلة جبال وسط الأطلسي وبالميكروبات التي تعيش تحت قاع المحيط هناك.

كيف تم الحصول على عينات بهذا العمق؟

تمّ الحصول على العينات اللازمة من مرصدٍ تم تثبيته في البركة الشمالية من قِبَلِ البرنامج الموحـــّـــدِ للتنقيب في المحيط عام 2011. تمكنَ الفريق من فحص عينات المياه من سطح القشرة الأرضية والتي تم استرجاعها عام 2012 من مسافة 50 إلى 250 متراً تحتَ قاع المحيط، علماً أنها تقبع تحت 4.5 كم من مياه البحر وذلك عن طريق دمجِ التقنيات الجينومية مع القياسات الجيوكيميائية. يعملُ الفريق على إنشاءِ سلاسلَ زمنية لرصد شروط وآلية حدوث التغيرات التي تطرأ على المجمع الجرثومي وعلى التركيب الكيميائي للطبقة المائية الصخرية التي تعيش فيها. يقوم الفريق حالياً بتحليل العينات التي جمعها عام 2014، وسيقوم بجمع المزيد من العينات في عام 2017 القادم.

ما هو المكان الجديد الذي تتوقعون اكتشاف حياة نشيطةٍ فيه؟ مازال كوكبنا محتفظاً بالكثير من الأسرار التي تنتظر الاكتشاف، فلا تستغربوا أن يثبت العلم صحة توقعاتكم.

*سلسلة جبال وسط الأطلسي: سلسلة جبال تقع وسط المحيط الأطلسي، وهي عبارة عن صفيحة تكتونية متشعبة تمتد على طول قاع المحيط الأطلسي، وتشكل جزءاً من سلسلة الجبال الأطول في العالم.

المصدر:

هنا

للاطلاع على الدراسة الكاملة:

هنا

صورة للمرصد الذي تم تثبيته في البركة الشمالية