التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

الفايكينغ, بين البداية والنهاية قصةٌ لابدَّ أن تُروى...

استمع على ساوندكلاود 🎧

لَطَالَما تَرددَ إلى مَسَامعِنَا مُصطَلَحُ الفَايْكِينغ والذي تَجَسدَ لَرُبَمَا فِي طُفًولَتِنَا بِرُسُومَاتٍ مُتحَرِكَةٍ وَفي كِبَرِنَا بِتَصَوراتٍ خَيَالِيةِ لأنَاسٍ عَاشُوا فِي الُدوَلِ الإسكَندَنَافِية وَتَلاحَموا مَعَ الُدولِ الأورُوبِيَة. فَمَن هُم الفَايْكِينغ؟ وكَيف تَكَونَت ثقَافَتهُم؟ وكيف كانَت نهايةَ عَصرهم؟ كلُّ هذا سنتعرفُ عليه ضِمنَ مقالنا التالي، فتابعونا...

ظهرَ عددٌ واسعٌ من الِإسْكَنْدَنَافِيين الذينَ قَرَروا أنْ يغادروا وَطَنَهم الأُمْ بحثاً عن الثروةِ في أرضٍ أخرى، وذلك منذُ ما يُقَارب القرن الثامن إلى القرن الحادي عشرَ ميلادي. وهكذا بدأ البحارونَ المحارِبونَ –المعرفونَ باسم الفَايْكِينغ أو النورثمان– بالإغَارَةِ على المدنِ الساحليةِ، وخاصةً الأديرة العُزْل في الجزُرِ البِريطانِيةِ. وعلى مدى القرونِ الثلاثةِ التاليةِ، ترك الفَايْكِينغ بصْمَتَهم كقراصنةٍ وغزاةٍ وتجارٍ ومستوطِنين في عددٍ كبيرٍ من المدنِ البِريطانِيةِ والأوروبية على حدٍ سواءْ، فضلاً عنْ أجزاءٍ منْ رُوسِيا الحَدِيثة، وأيْسلِنْدا وغِرينْلاند ونيوفَاوندلاند.

منْ كانَ الفَايْكِينغ؟

خِلافاً لبَعضِ التَصورَاتِ الشَعْبِيةِ لَمْ يكنْ الفَايْكِينغ عِرقاً ولَم يرتَبِطوا بِرَوابِطِ النَسَبِ المُشْتَرَكِ أو الحِسِ الوَطَنِي المُشتَرَكِ ولا يُمكنُنا أن نربُطهم بالحسِ الفَايْكِينغي. وينحدرُ مُعظَمُ الفَايْكِينغ منْ المَنَاطِقِ المَعْرُوفَةِ اليَومَ بالدِنِمَاركِ والنَرويج والسُويد فَقَط، ولهم ذِكرٌ في السِجِلاتِ التَارِيخِية الفِنلندِيَة والإسْتِونِيةِ والساميّة. حيث كانَت القاعدةُ المُشتركة بَينَهُم - وهذا مَا جَعَلَهُم مُمَيزين ومُختلفين عَن سُكَانِ أوروبا- أنهم قَدِموا مِن بِلادٍ أجنبيةٍ وَلَم يَتَمَتَعُوا بِصِفاتِ التمدنِ -بكل ما تَحمِلُهُ هذهِ الكَلِمَةُ مِن مَفَاهِيم- والأكثر أهمية هو عَدَمَ اعتِنَاقِهم المَسِيحِية.

إن مُصطَلَحَ الفَايْكِينغ مُشتَقٌ مِن اللُغَةِ الإسكَندنافية نَفسِها وَالتي أصَلها كَلِمةُ"vik" أي الخَلِيج أو النَهر والتي تُشَكِلُ بِدَورِهَا جَذرَ كَلِمَةِ "Vikingr" أي القُرصَان.

وَكَانت الأسبَابُ الحَقِيقِيةُ وَراء خُروجِ الفَايْكِينغ مِن أوطَانِهم مَجهُولة؛ واقتَرَحَ البَعضُ أن السَبَبَ يَعُودُ إلى الاكتظاظ السكاني في أرضِهمْ الأُم، ولكِن الفَايْكِينغ الأَوَائل كَانُوا يَبحَثُونَ عَن الثَروة لا عن الأرَاضِي.

ازدَادتْ أورُوبا ثَراءً في القَرنِ الثامن الميلادي، وَنَمتْ مَراكِزُ التِجَارة مِثل دُوريسَتاد وكُوينتَوفِيك وَهَامُويك (ساوثهامبتون حالَياً) ولُندن وإيبسُويتش تَاون ويُورك في إنكلترا. وفي هذه المَرَاكِزِ الِتجَارِية الجَديدَة، كَان الفِراء الإسكَنْدَنَافِي مِن أهَمِ السِلَعِ، وتَعَلمَ الإسكَنْدَنَافِيين مِن التُجَارِ الأورُوبِيين تِقَنِيةً جَدِيدةً في الإبحَار فضلاً عَن تَنمية الثرَوات، وذلك مَع بِدءِ ظُهُورِ الصِرِاعَاتِ الدَاخِلِيةِ بَين المَمَالِكِ الأورُوبِية. وقد اسْتَخدمَ الفَايْكِينغ الأواَئل -القَرَاصِنةُ مِنهُم- هَذِهَ المَعَارِف في اصطِيادِ السُفُنِ التِجَارِيةِ في بَحرِ البَلْطِيق لَتَتَوَسَعَ بذلك أنشِطَتَهُم وَبَحثهُم عَن الثَروةِ نَحوَ بَحرِ الشَمَالِ وَمَا بَعده.

أولَى غَارَاتِ الفَايْكِينغ:

اعتُبِرَ الهُجُومُ في عام 793 مِيلَادي على دَيرِ لِيندِسَفارُن قُبَالَة سَاحِلِ نُورثَمبِرلاند في شَمَالِ شَرقِ إنْكِلترا بِدايَةَ عَصْرِ الفَايْكِينغ. لَم يُدَمر الغَازيون -النَرويجِيو الأَصل والذِينَ أبحَرَوا مباشرةً عَبْرَ بَحرِ الشمَالِ على الأغلب- الدَيرَ كُلِياً، بَل كَانَ هُجُوماً لهَزِ الأوسَاطِ الدِينِيةَ الأورُوبِيةَ في جَوهَرِهَا. وخِلَافَاً لِلِمَجمُوعَاتِ الأُخرَى، كَانَ هَؤلاء الغُزاة الجُدُد الغَرِيُبونَ لا يملكون أيَّ احتِرَام لِلمُؤسَسَاتِ الدِينِيَةِ كالأدْيرِةِ التِي كَانَت غَالِبَاً مَا تُترَكُ دُونَ حِرَاسةٍ وضَعِيفَةَ قُربَ الشَاطِئ. فقد ضَرَبَت غَارَاتُ الفَايْكِينغ بَعدَ مرورِ عَامَين الأديَرةَ العُزلَ في جَزِيرَةِ سكَاي ولُونا (في هِبرٍيدَس) بالإضافة لرَاثلَين (قُبَالَة الجزءِ الشَمالِي الشرقِي مِن سَاحِلِ إيرلَندا). وسُجِلّت أولى غاراتهم في أورُوبَا عِام 799 مِيلادِي، وشَمَلت دَير سانت فِيليبيرِت في جزيرة نُويرمُوتِير قُرب مَصَبِ نَهرِ اللَوَارَ.

اقتَصَرَت غَارَاتُ الفَايْكِينغ لعِدَةِ عُقودٍ على الكَرِ والفَر ضِدَ المواقع السَاحِلِيةِ في الجُزُرِ البِريطَانِيةِ (إيرلِنْدا خَاصَةً) وأورُوبَا (مَركَزِ دُورِيستَاد التِجَارِي والذي يقع على بعد 80 كم مِن بَحرِ الشِمَال، والذي أصْبَح هدفاً مُتكَرِراً بَعد عام 830 ميلادي). ثُم اسْتَغلَ الفَايْكِينغ الصِرَاعَاتِ الدَاخِلِية في أورُوبَا لتَوسِيعِ نَشَاطهم فِي تِلْكَ الأرَاضِي، وبَعدَ وَفَاةِ "لِويس التقي" إمْبَرَاطُور فرَانْكِيا/فرنجة (فَرَنْسَا وألْمَانيا حالياً) في عَام 840 ميلادِي، طلبَ ابنه لُوثَا الدَعمِ مِن أسطُولِ الفَايْكِينغ في صِرَاعِهِ عَلى السُلطَةِ مع إخْوَتِهِ. وأدْرَكَ جِزءٌ آخَرٌ مِن الفَايْكِينغ أن حُكَامَ الفرنجةِ كَانُوا عَلى اسْتِعدَادٍ لدفعِ مَبَالغَ كَبِيرَةً لَهم لِمَنعِهِم مِن مُهَاجَمَةِ رَعَايَاهُم، هَذَا مَا جَعَلَ مِن فَرَانكِيا هَدَفَاً لا يُقَاوَم لنشاطاتِ الفَايْكِينغ المستقبلية.

الفتوحات في الجزر البريطانية:

أصبَحَتْ إيرلِندا واسكُتلَندا وإنكِلتَرا في مُنْتصفِ القَرنِ التَاسِعِ المِيلادِي أحَد أهَمِ الأهدَافِ لاستيطان الفَايْكِينغ وغَزَوَاتِهم. فاستطاع الفَايْكِينغ السيطرة على الجُزرِ الشَمَالِيةِ من اسكُتلَندا (شَايتلاند والأورِكِنَيز) وَهَبرِيديس وَجِزءٌ كبيرٌ من اليابسة الاسكُتلَنديةِ. وَأسَسَوا أولى المُدنِ التِجارِية في إيرلَنْدا: دِبلِن ووتَرِفُورد وَويكسفُورد وَويكِلُو وَلِيمِريكِ واستخدموا السَاحِل الإيرلَندي كَقَاعِدةٍ لِشَنِ هَجَمَاتٍ للدَاخِلِ الإيرلِندَي وَعَبْرَ البَحرِ الإيرلِنْدي إلى إنْكِلْتَرَا. وَبالتَزامُنِ مَعَ بِدءِ المَلِك "تشَارلز الأصلَعِ" الدِفَاعَ عن فَرانَكِيا الغَربِيةِ بِقُوةٍ أكبَر في عَامِ 862 مِيلادِي، كقيامه بِتَحصِينِ المُدُنِ والأديرَةِ والأنهَارِ والمَناطِقِ السَاحِلِيةِ، بَدَأتْ قُوَاتُ الفَايْكِينغ بِالتَركيزِ على إنكِلتِرَا بِشَكلٍ أكبَرَ مِن فَرانَكِيا.

وَخِلَالَ مَوجَةِ الهَجَمَاتِ التي شَنهَا الفَايْكِينغ فِي إنكِلتِرَا بَعدَ عَامِ 851 مِيلَادِي، استَطَاعَتْ مَملَكةُ -وسكس- فقط المُقَاوَمَةَ بِنَجَاحٍ. فَغَزَت جُيُوشُ الفَايْكِينغ (ذَاتَ الغَالِبِيةِ الدِنِمَاركِيَةِ) شَرْقَ أنْغِلَيا وَنُورثَمبِرلَاند ودَمَرَتِ مُرسِيَة أيضَاً، فِي حِينِ أَصبَحَ المَلِكُ ألفَرِيد "عظيم وسكس" فِي عَامِ 871 مِيلَادِي المَلِكَ الوَحِيدَ الذِي استَطَاعَ تَحقِيقَ هَزِيمَةٍ حَاسِمَةٍ للِجَيش الدِنَمَاركِي فِي إنكِلتِرَا. استَقَرَ الدِنِمَاركِيُون فِي الشَمَالِ، فِي مَنْطِقِة تُعْرَفُ بِاسْمِ "دَانْيلُو". حَيثُ أصبح العَدِيدُ مِنهمُ مُزَارِعِينَ وَتجَاراً وَأسَسوا يورْك كَمَدِينَةٍ رَائِدَةٍ فِي البُورْصَةِ. بَدَأت الجُيوشُ الإنْجِلِيزِيَةِ فِي النِصْفِ الأَوَلِ مِنْ القَرْنِ العَاشِرِ المِيلَادِي وبِقِيَادَةِ أحفَادِ ألفَرِيد حاكم وِسْكَس بِاستعادةِ المَنَاطِق تحت السيطرة الإسْكَندَنَافِيةِ في إنكِلتِرَا؛ حَيثُ طَرَدَت وقتلَت هَذِهِ الجُيُوشُ آخِرَ ملك إسكَنْدَنَافِي "إيْريك بُلُودِاكَسي" حَوَالِي عام 952 ميلادي، وَعَمِلت عَلَى تَوحِيدِ اللُغَةِ الإنْجِلِيزِيةِ فِي المَملَكَةِ بِشَكْلٍ دَائِمٍ.

الاسْتِقرَارُ الفَايْكِينغِي فِي الأَرَاضِي الأورُوبِيَةِ:

وَفِي الوَقت نَفسَهُ، بَقِيَتْ الجُيُوشُ الفَايكِنْغِيةُ نَشِطَةً فِي القَارَةِ الأورُوبِيَةِ طِوَالَ القَرنِ التَاسِع، وَبِالتَزَامُنِ مَعَ إِقَالَةِ نَانْت المُسَيطِرِ عَلَى السَاحِلِ الفَرَنسِي فِي عَامِ 842 مِيلَادِي اقتَحَمَ الفَايْكِينغ بِوَحشِيةٍ المُدُنَ الدَاخِلِية الفَرَنْسِية كَبَارِيس وليموغيز وأورَلِيانَزِ وتُورز ونِيمَزْ. اقتَحَمَ الفَايْكِينغ إِشْبِيلٍيَةَ فِي عَامِ 844 مِيلَادِي (التي سَيْطَرَ عَليهَا العَرَب فيما بعد)؛ ثم قَامُوا فِي عَامِ 859 مِيلَادِي بِنَهبِ مَدِينَةِ بِيزَا، عَلَى الرُغمِ مِن المُنَاوَرَاتِ مَعَ الأسَاطِيلِ العَرَبِيةِ فِي طَرِيقِ عودتهم شَمَالاً. قَامَ مَلِكُ الفِرَنْجَةِ الغَرْبِيةِ "رَوان" فِي عَامِ 911 مِيلَادِي بِعَقدِ مُعَاهَدةٍ مَعَ قائد الفَايْكِينغ "رولو" تحْرِمهم مِن المُرُورِ مِن نَهرِ السِينِ كَغُزَاةٍ. وتُعرف هَذِهِ المَنْطِقَةُ في الشَمَالِ الفَرنسَي اليوم بـ نُورمَانْدِي أوْ "أرْضِ نُورثِمَانْ".

بَدَأتْ الدُولُ الإسْكَنْدَنَافِيةِ (ذَاتِ الأصُولِ النَرْوِيجِيةِ) فِي القَرنِ التَاسِعِ بِاسْتِعْمَارِ أيسلِندا، وَهِيَ جَزِيرَة تَقَعُ فِي شَمَالِ المُحِيطِ الأطلَسِي لَم تُسْتَوطن بِأعدَادٍ كَبِيرَةٍ من قبل. وقد قَرَرَ بَعضُ الفَايْكِينغ (بِمَا فِيهِمُ الشهيرُ "إيريك الأحْمَر") في أوَاخِرِ القَرنِ العَاشِرِ بِالاتِجَاهِ إلى غِرينلَاند، التي تقعُ غَربَ أيسلِندا. وَتِبعَاً لِلتَارِيخِ الأيسْلِندي، فإن عَدَداً من أوَائِلِ الفايكينغ المُستَوطِنين في أرَاضِي غِرِينلَاند - يُفتَرَضُ أنْ قَائِدَهم كَانَ البَطَلُ الفَايْكِينغي النَرويجِيُ "لِيف إِرِيكسُون" ابْن إيريك الأحْمَر- هم من أوَائِلِ الأورُوبِيينَ الذين قاموا بكشفِ واستِكْشَافِ أمرِيكَا الشَمَالِيَة. وأطلَقَوا عَلَى مَكَانِ استِقرَارهم اسم فَاينْلَاند (أي أرضُ النَبِيذِ)، حَيثُ بَنَوا مُستَوطَنَة مُؤقَتَة فِي لانِس أوكس ميدوز (نِيوفَاوندلَاند حَالِياً). والجديرُ بالذكرِ أنَّ هُنَاكَ أدِلَة تَذكُرُ وجُودَ الفَايْكِينغ في العَصرِ الحَدِيث، عَلَى الرُغمِ مِن أنهَم لَم يُشَكِلُوا مُستَوطَنَات دَائمة.

الهَيمَنَةُ الدينَمَاركِية:

فِي مُنتَصَفِ القَرنِ العَاشِرِ حكم "هَارالد بَلٌوتُوث" كمَلِك للدنمارك الموحدة حديثاً والقوية والمسيحية، وكان هذا بِدَايَة عَصرِ الفَايْكِينغ الثَانِي. فَأصبَحَت غَارَاتُ الفَايْكِينغ وَاسِعَةَ النِطَاق، غَالِباً مَا يُنَظِمُهَا الزُعَمَاءُ المَلَكِيونَ، مُوَجَهَةً إلى السَوَاحِلِ الأورُوبِيةِ وغَالِباً مَا تَخْتَارُ إنْكِلتَرا هَدَفَاً لَهَا، هناك حَيث تنحَدرُ سُلالة مَلُوكِ ألفَرِيد العَظِيمُ.

وَقَامَ الفَايْكِينغ بِقِيادةِ ابنِ هَارالِد المُتَمَردِ "سفين فُوركِبيرد" بشن غَارَاتٍ فِي إنكِلتَرَا ابتِدَاءً مِن عَامِ 991 واحتَلَ المَملَكَةُ بِأكمَلِها فِي عام 1013، وَأرسَلَ المَلِكُ إثيلريد إلى المَنفَى. تُوفِي سِفِين في السَنَةِ التَالِيَةِ تَارِكَاً ابنَهُ كُنوت (أو كَانوت) لِيحكم الإمبِرَاطٌورِيَة الإسكَندَنَافِية (التِي تَضُمُ إنكِلتَرَا والدَنِمَارك والنَرويج) فِي بَحرِ الشَمَالِ.

بَعدَ وَفَاةِ كُنُوت، خَلِفَهُ اثنَين مِن أبنَائِهِ، توفي كِلَاهُمَا بحلول عام 1042. ثم عَادَ مِن المَنفَى بَعدَ ذَلِكَ "إدوَارد المُعتَرف" ابن المَلِكِ السابق (غَيرَ الدِنِمَاركِي) واستَعَادَ العَرشَ الإنْكِلِيزِي مِن الدِنِمَاركِيين. وعِندَ وَفَاتِهِ (دُون وِرثَةٍ) فِي عَامِ 1066، قام "هَارَولد جُودُوينسون" نَجلُ إدوَارد القوَيّ والنبيلُ بشَق دَربه ووَصَلَ إلى العَرشِ.

وَكَانَ جَيشُ هَارُولد قَادِراً عَلى هَزِيمَةِ الغَزو الذي قَادَه آخِرُ مَلِكٍ عَظِيمٍ مِن الفَايكِينغ "هَارالد هاردرادا" النَرويجِي فِي سْتَامفُورد بِريدج قُربَ مَدِينَةِ يُورك، لَكِنَهُ خَضَعَ بأسَابِيع قَلِيلَةٍ إلى سُلطَةِ الدُوقُ النُورمَاندِيُ "وليم" (أحَدُ أحفَادِ المُستَوطِنِين الإسكَندَنَافِيين فِي شَمَالِ فَرَنسَا). وَمِن ثُم تُوِجَ وليم مَلِكاً على إنكِلتِرَا فِي يَومِ عِيدِ المِيلَادِ فِي عام 1066، وَاستطاع استَعَادَة العَرش والاحتَفَاظ بِه رُغمَ التَحَدِيَاتِ الدِنِمَاركِيةِ.

نِهَايَةُ عَصرِ الفَايْكِينغ:

كَانَت أحدَاثُ عَامِ 1066 مِيلادِي فِي إنكِلتَرا النِهَايَة الفِعلِيةَ لِـ "عَصرِ الفَايْكِينغ". وقد اعتنقت جَمِيعُ المَمَالِكِ الإسْكَندَنَافِية المَسِيحِيةَ بِحُلُولِ ذَلِكَ الوَقتِ، وَكان مَا تَبَقَى مِن ثَقَافَةِ الفَايْكِينغ قد اندَمجَ مَعَ الثَقَافَةِ الأورُبِية المسِيحية. أما اليَوم، فيُمكِنُنَا مُلَاحَظَةَ آثارِ التراثِ الفَايْكِينغي في بَعضِ المُفرداتِ ذاتُ الأصولِ الإسْكًنْدَنَافِية، بٍالإضَافَةِ إلى أَسمَاءِ الأمَاكِن فِي المَنَاطِقِ التي استَقَروا فِيها، بِمَا فِي ذَلِك شَمَالِ إنكلتِرِا واسكُتلَنْدَا ورُوسِيا. وَقد تَرَكَ الفَايْكِينغ فِي أيسلِندَا مَجمُوعَة وَاسِعَة مِن الأدبِ والمَلَاحِم الأيسلِندِية، التي احَتفَلُوا بِهَا وَصَوَروا مِن خِلَالَها أَعظَمَ انتِصَارَات مَاضِيهم المَجِيد.

إن الحَضَارَة الإنسَانِية مُعتَمِدة فِي تَكونِيهَا عَلَى الإندِمَاجِ بَينَ الثَقَافَاتِ المُتَعَدِدَةِ وَكَمَا رَأينَا فَقَد كَانَ للفايْكِينغ تَأثِيراً كَبيراً فِي العَدِيدِ مِن الحَضَارَاتِ وإسْهَامَاتٍ فِكرِية بَسِيطَة لَكِنها جَدِيرَةٌ بِالذِكرِ، وهَذَا ما يَجعَلُ مِنها قِصَةً وَرِوَايَةً وَتَارِيخاً يَستَحِقُ الِذكرَ وَالوقُوفَ عَلًيهِ .

المصدر:

هنا