الفيزياء والفلك > علم الفلك

خمسُ مهماتٍ فضائية نَتطلعُ إليها في العَقدِ القادم

استمع على ساوندكلاود 🎧

كانَ عقد الرحلات الفصائية الأخير ساحراً حيث شهدت البشرية تحطيم رواد الفضاء للرقم القياسيّ لأطول مدة قضاها إنسان في الفضاء، بالإضافة إلى تجارب زراعة الطعام وإبقاء البكتيريا حيّةً في الفضاء وقد حصل تضخم هائل في مجال الرحلات الفضائية التي تمولها الشركات الخاصة مما وفَّر سبل الوصول إلى الفضاء، بما في ذلك إمداد محطة الفضاء الدولية (ISS) بما تحتاج.

وسيشهد العقد القادم مزيجاً رائعاً من الدول والشركات الخاصة التي ستعمل معاً في قطاع الرحلات الفضائية.

كما أنّ هناك خططاً عديدةً تتضمَّن نقل البشر من مدارات منخفضة حول الأرض إلى القمر أو حتى إلى كويكبات في عشرينات القرن الواحد والعشرين. وضعت كلُّ هذه الخطط بحيث تمهِّد الطريق نحو الهدف الرئيسي وهو الرحلة المأهولة إلى كوكب المريخ خلال ثلاثينات القرن الواحد والعشرين.

1- أول محطة فضائية تجارية مطاطية "قابلة للنفخ": تخطِّط شركة بيجلو إيروسبيس "Bigelow Aerospace " لإطلاقِ محطّة "B330" أوّل محطة فضائيّة مموّلة من القطاع الخاص بحلول عام 2020. ستكون هذه المحطة قادرةً على استيعاب طاقمٍ من ستَّة أشخاص، مع مساحة أوسع من منزل نموذجي شبه منفصل بحجمها الداخلي البالغ 330 متراً مكعباً.

وقد بدأت الشركة بالفعل بتنفيذ هذا المشروع حيث حملت سفينة الشَّحن الفضائية "Dragon" المطوَّرة من قبل شركة "SpaceX” في 8 نيسان الماضي وِحدة "Bigelow " القابلة للتمدُّد (BEAM) ليتِمّ اختبارُها في محطة الفضاء الدولية.

سيتم وصل هذه الوحدة بمحطة الفضاء الدولية ومن ثم ستتمدَّد إلى حجمها النهائي، مما سيتيح الفُرصة لروادِ الفضاء في محطة الفضاء الدولية ليكونوا أول من يختبر هذا المسكن القابل للنفخ في الفضاء. تعمل شركة "Bigelow " حالياً مع NASA على اختبار هذه التقنية وتأملان أن تساعد هذه التقنية في إطلاق مهمات إلى القمر والمريخ في المستقبل. في حال نجاح هذه التقنيّة فإنها ستتيح المجال لإنشاء محطات فضائية أكبر بتكاليف أقل بكثير مما تتيحه التقنيات الحالية وهذا يمهِّد الطريق لعددٍ أكبر من محطات الفضاء التجارية.

2- محطات فضاء روسية و صينية : كان من المفترض ان تنهي محطّة الفضاء الدولية مهامها بحلول عام 2016 ولكن تمَّ تمديدُ ذلك إلى عام 2020 على الأقل، ولكن قبل تقاعد محطة الفضاء الدولية فإن روسيا تخطط لأخذ الأجزاء الروسية من هذه المحطة في وقت ما من عشرينات القرن الواحد والعشرين واستخدام هذه الأجزاء في بناء محطة فضاء تجريبية تدعى "OPSEK".

ستُستخدم هذه المحطة كنقطة تجمع للمركبات الفضائية المأهولة المتنقلة بين الكواكب في مجموعتنا الشمسية، كالقمر و المريخ و حتى زحل. أي أن هذه المحطة القابعة في مدار منخفض حول الأرض ستكون بمثابة نقطة الإنطلاق من الأرض إلى الفضاء ذهاباً و إيابا.

كما تخطط الصين أيضاً لبناء محطة فضائية متعددة الوحدات شبيهة بمحطة " مير " و محطة الفضاء الدولية ولكن أصغر حجماً. وفي عام 2011 أطلقت الصين محطتها الفضائية الأولى "Tiangong-1 " وفي عام 2013 غادرها آخر طاقَم، وسيتم استبدالها بمحطة "Tiangong-2 " التي سيتم إطلاقها عام 2016، ومن بعدها "Tiangong-3" بحلول عام 2022 والتي من المفترض أنها ستؤمن حياة طاقم مكوّن من ثلاثة أشخاص لمدة 40 يوماً. ومن المفترض أن يتم إكمال محطة الفضاء النهائية قبل نهاية العقد القادم و ستتابع العمل العلمي والتقني الذي تقوم به محطة الفضاء الدولية.

3- القمر : تعتبر استراتيجية وكالة الفضاء الأوروبي لاستكشافِ الفضاءِ القمر جزءاً من خارطة الطريق للرحلات المأهولة و الآليَّة والتي ستقودنا في نهاية الأمر إلى المريخ، وقد تحدّى رائد الفضاء "Buzz Aldrin" هذه الأفكار واصفاً العودة إلى القمر بأنها حنين لأمجاد الماضي وليست كفاحاً لإنجاز جديد.

ولكن مازال القمر مثيراً للاهتمامِ علمياً، كما تشكل المبادرات باتجاه القمر في العقد الثالث والرابع اهتماماً متجدداً، ومع أن الخط الزمني للمهمات المأهولة إلى القمر غير محدد تماماً فقد نشاهد بعض هذه المهمات في العقد القادم. كما ناقشت كل من روسيا والصين إرسال مهمات مأهولة إلى القمر في منتصف العقد الثالث، إضافةً إلى أن القمر يمثِّل وجهة سياحية محتملة فشركة "Space Adventures " والتي أطلقت أول رحلة فضائية سياحية في عام 2001 تقوم حالياً بتطوير جولة تنطلق نحو القمر وتدور حول جانبه البعيد.

4- الكويكبات : تخطط ناسا في نهاية هذا العقد لإطلاق سفينة فضائية آلية (مسبار فضائي) لتقوم بالتقاط صخرة يبلغ وزنها عدة أطنان من سطح كويكب ضخم وذلك باستخدام ذراع آلية. سيعاد توجيه هذه الصخرة (التي تشكل كويكبا بحد ذاتها) في مدار مستقر حول القمر، كما سيسافر رواد الفضاء لدراستها أثناء قيامهم بالمشي في الفضاء في عشرينات القرن الواحد والعشرين وسيعودون بعينات منها إلى الأرض.

وبما أن الكويكبات هي جزء من الحُطام الناتج عن تشكُّل نظامنا الشمسي، ستكون هذه العينات بمثابة دفعة كبيرة في فهمنا لولادة نظامنا الشمسي.

كما ستكون هذه المهمة بمثابة اختبارٍ حيوي لمركبة ناسا الفضائية أوريون "Orion" والتي صُمِّمَت لتأخذ البشر في رحلاتٍ لمسافاتٍ أطول من أي وقت مضى، وهي جزء من خطط ناسا للرحلات المأهولة إلى المريخ في ثلاثينات القرن الواحد والعشرين.

5-المريخ : تقوم ناسا حالياً بتطوير صاروخ إطلاق قويّ، يعرف باسم منظومة الإطلاق الفضائي، وهو قادر على إرسال البشر إلى المريخ واختصار سنواتٍ من مدّة الرحلات الآلية إلى النظام الشمسي الخارجي. ومن المتوقع أن يتم إطلاقه في السنوات القليلة القادمة، لاختبار مركبة قادرة على إرسال 20 طُنّاً إلى القمر أي ضعفي ما تتيحه التكنولوجيا الحالية، ولكي نتمكن من بلوغ المريخ يجب أن نتمكن من إرسال ما مقداره 50 طن. و ناسا التي تهدف لإرسال البشر إلى المريخ في ثلاثينات القرن الواحد والعشرين، تقوم بالفعل بتحليل البيانات الواردة إليها من العربة"Curiosity" الموجودة على سطح المريخ، لتعلم المزيد عن كيفية حماية رواد الفضاء من الإشعاعات والمخاطر الأخرى.

ومن المخطط إرسال عربة أخرى في عام 2020 للبحث عن إشارات للحياة على سطح المريخ والمساعدة في تكوين تقنيات جديدة تساعد في نهاية الأمر على إبقاء رواد الفضاء أحياء على سطح المريخ.

ومن بين المشاريع التي حظيت بدعاية إعلامية كبيرة المشروع الطموح "Mars one" والذي يطمح إلى استيطان المريخ بحلول عام 2027. وقد جذبت هذه الرحلة الكثير من الأشخاص فهناك آلاف الطلبات لحجز أماكن فيها، ولكن على الشركة أن تقوم بجمع مبلغ 6 مليار دولار لعملية الإطلاق الأولى، ولدى العديد من الخبراء شكوكٌ حول إمكانيّة إنجاز هذا المشروع، لاعتقادهم بأن التكنولوجيا التي تتطلبها هذه الرحلة غير متوفرة بعد. كما أنّ لدى وكالة الفضاء الأوروبية برنامجها الخاص باستكشاف المريخ والذي يتضمن مهمة "Exo Mars " والتي تم بالفعل إطلاق أولى مركباتها الفضائية "مسبار تتبع الغازات". وهي خطة طويلة الأمد تتضمن مهمات آلية ستعود بعينات من سطح المريخ في عشرينات القرن الواحد والعشرين وإيصال البشر إلى المريخ في ثلاثينات القرن الواحد والعشرين.