البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

نجاح العلماء في تصنيع أصغر جينوم في العالم

استمع على ساوندكلاود 🎧

من خلال تجريد جينوم بكتيريا الميكوبلازما mycoplasma إلى الحد الأدنى من الجينات اللازمة للحياة، قام Craig Venter وزملاؤه بإنشاء كائن جديد يحوي أصغر جينوم معروف حتى الآن. تم نشر هذا العمل في مجلة Science، وهو بحث يحاول فهم جينات الكائنات الحية والتعديل الجيني،والذي نجح الباحثون في فهمه.. إلى حد ما..

إنَّ السعي لتصنيع جينوم مصغّر يضم الجينات الأساسية للحياة هو أحد الأهداف التي حاول الباحثون إدراكها خلال عقدين من الزمن في معهد ( J. Craig Venter (JCVI في سان دييغو. ويقول Clyde Hutchison، وهو باحث في هذا المعهد والقائم الرئيسي على الدراسة موضحاُ دوافعهم للبحث: "نريد أن نفهم كيفية نمو وانقسام الخلية الحية على المستوى الميكانيكي"، فحتى الآن لم يتمكن العلم من معرفة وظيفة كل جين في الخلية، إن معرفة هذه المعلومات الأساسية يمكن أن يساعد الباحثين في تعديل الخلايا لصنع منتجات معينة كالأدوية والمستحضرات الصيدلانية.

كانت نقطة الإنطلاق التي بدأ بها الفريق هي بكتيريا الميكوبلازما التناسلية Mycoplasma genitalium، والتي تملك أصغر جينوم معروف حتى الآن إذ يتضمن 525 جيناً فقط. لكنها من جهة أخرى ذات معدل نمو بطيء للغاية، الأمر الذي يجعل التعامل معها صعباً.

للتدرّب على اصطناع الجينوم وبناء كائنات جديدة، توجّه الفريق إلى استخدام أقرباء الميكوبلازما M. Genitalium وهما M. Mycoides و M. capricolum، واللتان تملكان جينومات ذات معدلات نمو أسرع.

في عام 2010، نجح فريق Venter بتركيب نسخة من جينوم M. Mycoides (JCVI-syn1.0) وإدخاله في خلية M. Capricolum بعد إزالة جينومها. وهذه كانت أول خلية تتضمن جينوماً اصطناعياً قادراً على الحياة.

وبعد إتقان مهارات اصطناع الجينوم ونقله، كانت الخطوة التالية هي تصغير الجينوم، وبحسب Hutchison فإن إحدى الطرق لذلك هي حذف الجينات الواحد تلو الآخر ومعرفة أي منهم يتعذّر على الخلية العيش دونه. وقد اعتقد الفريق أن تصميم الجينوم، تصنيعه وإدخاله إلى الخلية سيكون سريعاً، إلا أن العملية في الحقيقة أصعب وأطول من المتوقع.

باستخدام JCVI-syn1.0 كمادة لانطلاق الدراسة، قام الفريق بتصميم الجينوم المصغر في البداية بالاعتماد على دراسات سابقة عن الطفرات والتي أشارت إلى الجينات التي يُرجّح أنها أساسية في الجينوم. قام الفريق بتقسيم الجينوم إلى ثمانية أجزاء متداخلة، واختبروا كل جزء منها في تركيبة من الأجزاء السبعة الباقية لجينوم JCVI-syn1.0 النموذجي. جميع الأجزاء المصممة فشلت في الحفاظ على الخلايا حية باستثناء واحد فقط.

قرر الفريق إجراء تجارب الطفرات على JCVI-syn1.0 لتحديد الجينات الضرورية للحياة بشكل قاطع. وكشفت تجاربهم أن الجينات تنقسم إلى ثلاث مجموعات: أساسية، غير أساسية وشبه أساسية، وهذه الأخيرة لا تكون مطلوبة بشدة، لكن غيابها يسبب ضعفاً شديداً في النمو.

ويفسر Hutchison :"إن عدم إدراج هذه الجينات شبه الأساسية في التصميم الأول يفسر إلى حد كبير سبب فشله، إذ أن مفهوم الجينوم المصغّر يبدو بسيطاً، ولكن عند الوصول إلى الجزء العملي، نجد أنه أكثر تعقيداً، فهناك علاقة ارتباط عكسية بين حجم الجينوم ومعدل النمو".

بعد وضع هذه المعلومة في الحسبان، قام الفريق بإعادة تصميم الجينوم، تصنيعه واختبار أجزاء جديدة من الجينوم مع الإبقاء على الجينات شبه الأساسية. وبعد ثلاث دورات متكررة من التجارب، نجح الفريق في الحصول على جينوم قادر على البقاء حياً. تعتبر هذه الخطوة رائدة في استخدام البيولوجيا الاصطناعية.

في نهاية المطاف، قام الفريق بإزالة 428 جين من جينوم JCVI-syn1.0 لاصطناع JCVI-syn3.0 يتضمن 473 جين (438 جين مشفراً للبروتين و35 جين مشفر للـ RNA ) وهو أقل بكثير من 525 جين في M. Genitalium. ومن المثير للاهتمام أن وظائف نحو ثلث الجينات حوالي (149) جين لا تزال مجهولة كالكثير من الأشياء الأخرى التي يسعى الباحثون لاكتشافها، فمن يعلم، قد تكون هذه الجينات المجهولة الوظيفة تقوم بوظائف لم نكتشفها بعد، والدراسات المستقبلية ستكشف لنا مدى صحة مثل هذه التكهنات.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا