الكيمياء والصيدلة > صيدلة

هل تؤثر الأدوية النفسية على السلوك الأخلاقيِّ للفرد؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

وَجد الباحثون في جامعة College London أنَّ مضاداتِ الاكتئابِ المُستخدَمةَ والمُوصوفةَ بشكلٍ شائع، تستطيع أنْ تؤثر على طريقة اتخاذ القرار لدى البشر، وفيما إذا كانوا سيتصرفون بشكل أنانيٍّ أم لا. وكانت الغاية من التجربة، تحرّي مدى استعداد الناس لإيذاء أنفسهم والآخرين مقابل المال، ومدى تأثير الدوائين السيتالوبرام Citalopram وليفودوبا Levodopa أوالأدوية الوهمية (التي لا تحوي على أيّ مواد فعّالة) على طريقة اتخاذ مثل هذه القرارات الأخلاقية.

والسيتالوبرام Citalopram من مضادات الاكتئاب التي تثبط إعادة امتصاص السيروتونين، أما ليفودوبا Levodopa فهو من الأدوية المستخدمة لعلاج داء باركنسون، والذي يعمل على رفع مستويات الدوبامين.

وأُجرِيت التجربة على 175 شخصاً بالغاً سليماً، 89 منهم اختيروا عشوائياً لتلقي السيتالوبرام Citalopram، أما 86 الآخرين فقد أُعطوا عشوائياً أيضاً إما الدواء الوهمي أو ليفودوبا Levodopa.

وقُسِم المشاركون إلى مجموعتين رئيستين، المتلقون للصدمة الكهربائية وأصحاب القرار بتطبيق الصدمة أو لا. وتم اختيار الأشخاص في كل مجموعة بشكلٍ عشوائيٍّ ووُضعوا بشكل أزواجٍ عشوائيةٍ أيضاً. ثم عُزِل أصحاب الخيار باتخاذ القرار ليقرروا الحد الأدنى للصعقات الكهربائية التي سيقدمها المُجربون مقابل المال. على سبيل المثال، أن يختاروا التعرض ل 7 صدمات مقابل الحصول على 10 يورو، أو التعرض ل 10 صدمات مقابل 15 يورو. وقُسم الأزواج إلى قسمين، قسم يتشارك صاحب القرار مع المتلقي للصدمة، وقسم يتحمل فيه المتلقي الصدمة لوحده. وفي كل الأحوال، سيحصل صاحب القرار على المال وليس المتلقي.

ويمكننا أن نلخص نتائج هذه الدراسة كما يلي:

• أظهر كلا الدواءين تأثيراً مميزاً على اتخاذ القرار بين إيذاء الذات وإيذاء الآخرين.

• تحفيز السيروتونين – بواسطة السيتالوبرام- أدى إلى زيادة في شعور النبذ لإيذاء النفس والآخرين.

• أما تحفيز الدوبامين بالمقابل، أدى إلى خفض الشعور بالغيريّة (أي تفضيل الآخرين على الذات) .

بمعنىً آخر، كان المعالَجون بالسيتالوبرام أكثر استعداداً لدفع ضعف المبلغ مقابل منع الأذى عن أنفسهم أو الآخرين مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي، أما المعالَجين بالليفودوبا كانوا أكثر أنانيةً في الاختيار وفضلوا أذيّة الآخرين للحصول على الجائزة.

تجدر الإشارة إلى أن تأثير السيتالوبرام كان أقوى من تأثير الليفودوبا، كما أنهما لم يؤثرا على المبدأ الفيزيائي للألم، إنما كان التأثير على مفهوم الأذى بحد ذاته.

وتُعَدّ الدراسة مثيرةً للاهتمام نظراً لإشارة الدراسات السابقة على النواقل العصبيّة (دوبامين وسيروتونين) إلى أن مستوياتهما العالية المحفّزة عبر المعالجة الدوائية، قد تسبب العدائية والعنف، وبالتالي بات من الضروري إعادة النظر في استخدام هذه الأدوية ودراسة تأثيرها على السلوك الأخلاقي بشكلٍ أعمق، مع مراعاة أن هذه التجارب، قد أُجريت على بشرٍ أصحاء وليس مرضى، وبالتالي قد يتغير أو لا يتغير شيء، حيث أنّنا لا نملك المعرفة الكافية عن الآليات العصبية الدفينة.

المصدر:

هنا

الدراسة:

هنا00595-3