البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

ترليون نوعٍ من الكائناتِ الحيةِ تعيشُ على الأرضِ!

استمع على ساوندكلاود 🎧

أُجريت في الآونةِ الأخيرةِ أكبرُ دراسةٍ علميةٍ من نوعِها، لتقديرِ عددِ أنواعِ الكائناتِ الحيةِ التي تعيشُ على الأرضِ، وتُوضحُ هذهِ الدراسةِ، أن الأرضَ يمكنُ أن تستضيفَ أكثر من ترليون نوع مختلفٍ، وهذا يعني أننا لم نتعرف فعلياً إلا على نسبةٍ ضئيلةٍ من الأنواعِ، تُقدرُ بجزءٍ من الألف من واحدٍ بالمئةِ فقط.

ولتفصيل هذا الرقمِ، قامَ علماءُ الأحياءِ في الولاياتِ المتحدةِ بتجميع 35000تحليلٍ منفصلٍ، لأشكالِ حياةٍ مجهريةٍ وغير مجهريةٍ، حيثُ تغطي هذه المجموعةُ الضخمةُ من أشكال الحياةِ المُوَّثقةِ ما يقاربُ من 5.6 مليون عينةٍ لانواعٍ مختلفةٍ، جُمَعت من مواقعَ، شملت جميعَ المحيطاتِ وكتلِ اليابسةِ على الأرضِ باستثناءِ القارةِ القطبيةِ الجنوبيةِ، وإذا كانَ العلماءُ محقونَ في تقديراتِهم، فهذا يعني أنَّ أمامنا طريقاً طويلاً قبل تحقيقِ الهدفِ المنشودِ بمعرفةِ جميعِ أشكالِ الحياةِ على الأرضِ.

ويقولُ Joy T.lennon أحدُ المشاركينَ في الفريقِ البحثيَّ، أنَّ تقديرَ عددِ الأنواعِ التي تعيشُ على الأرضِ، يُعدُّ من أكبرِ التحدياتِ في علمِ الأحياءِ، ويضيفُ أنَّ هذه الدراسةِ قامت بجمعِ وربطِ أكبرِ مجموعةِ نماذجِ البياناتِ المتاحةِ مع النماذجِ والقواعدِ البيئية الجديدةِ، لمعرفةِ كيف وصلَ التنوعُ الحيويُّ لهذهِ الدرجةِ من الغزارةِ، وهذا ما أتاحَ لنا تقديراتٍ جديدةٍ وأكثرَ دقةٍ لعددِ أنواعِ الكائنات المجهريةِ على الأرضِ.

ورغمَ أنَّ هذه ليست المرةُ الأولى التي يحاول بها العلماءُ تحديدَ عددِ الأنواعِ الحيةِ على سطحِ الأرضِ، إلا أن التطورَ في موضوعِ التحليلِ الجينيِّ منَ المرجحِ أن يقدمَ لنا تقديراً دقيقاً جديداً، مقارنةً مع الأساليبِ التي اُستخدمت في الماضي وعفا عليها الزمن، وخاصةً فيما يتعلقُ بأشكالِ الحياةِ المجهريةِ الدقيقةِ، فالتقديراتُ القديمةُ اعتمدت على الجهودِ الكبيرةِ التي كانت قد بُذلت لجمعِ عيناتٍ لمختلفِ أنواعِ الكائناتِ الحيةِ الدقيقةِ، وحتى وقتٍ قريبٍ كانَ الباحثونَ يفتقرونَ إلى الأدواتِ اللازمة للحصولِ على تقديرٍ حقيقيٍ لعددِ أنواعِ الكائناتِ الدقيقة في البيئاتِ الطبيعية، ولا بد من الإشارةِ أن ظهورَ تكنولوجيا التسلسلِ الجينيَّ الجديدةِ، وفَّرت وبشكلٍ غير مسبوقٍ كميةً هائلةً من المعلومات، كما تُقدمُ هذهِ الأدواتُ الجديدةُ، وجهةَ نظرٍ جديدةٍ لأعدادِ الكائناتِ الدقيقة الهائلةِ التي يمكنُ أن توجدَ في مساحةٍ صغيرةٍ جداً كحفنةِ ترابٍ مثلاً، فقبلَ وجودِ تقنيةِ High-through put sequencing التي توفر إمكانيةَ الحصولِ السريعِ على تسلسلِ المورثاتِ في الجينومِ بشكلٍ كاملٍ، كان العلماءُ يُحصونَ التنوعَ الموجودَ في جرامٍ واحدٍ من التربةِ بمئةِ فردٍ، بينما نحنُ نعرفُ الآن أنه يوجدُ عددٌ قد يصلُ الى بليون فرد، بينما يصل العددُ الذي يوجد على سطح الأرض الى عشرين ضعفاً من أكبرِ رقمِ تمَّ التوصلُ إليه.

ومعَ الاستفادةِ من مصادرِ البياناتِ الحديثةِ، واستخدامِ الطريقةِ الأحدثِ في تحديدِ أنواعِ الكائناتِ الحيةِ، أصبحَ بمقدورِ العلماءِ، تطويرُ مقياسٍ جديدٍ يُمَكِّنهم من التنبؤِ بوجودِ نماذجَ حياةٍ ما زالت غيرَ معروفةٍ وغيرَ مكتشفةٍ تعيشُ في نفسِ البيئاتِ التي كانت قد دُرست سابقاً.

ويقولُ Kenneth J.Locey الذي قامَ بجمعِ المعطياتِ السابقةِ، أنَّ العلماءَ يتوقعونَ عادةً عدةَ مظاهرٍ للتنوعِ الحيوي، كجدولةِ أنواع الكائنات الحيَّةِ مع غزارة أفراد النوع الواحد، فبعد تحليلِ هذهِ الكميةِ الهائلةِ من البياناتِ لاحظنا وجودَ اتجاهاتٍ بسيطةً ولكنها قويةً، تشرحُ كيفيةَ حدوثِ تغيرٍ في التنوع الحيويَّ من خلالِ جداول الغزارةِ، وأحدُ هذهِ الاتجاهاتِ، وهو من بينِ الانماطِ الأكثرِ اتساعاً في علمِ الأحياء هو الذي يأخذُ بعين الاعتبارِ مقدارُ الغزارةِ في الطبيعةِ.

وبوجودِ هذا المعيارِ قدَّرَ الفريقُ البحثيِّ وجودَ ما يصلُ إلى ترليون (مليون مليون) نوعٍ يعيشُ على هذا الكوكبِ، وما زالَ علينا أن نجِدَ ونُصنفَ ما نسبته 99.99 % منها ويبدو أنه من غيرِ المحتملِ، أننا سنكونُ قادرينَ على فهرستها وجدولتها كاملةً، إذ يُشيرُ التحليلُ السابقُ أنهُ يوجدُ أنواعٌ من الكائناتِ الدقيقةِ على الأرضِ أكثرُ من عددِ النجومِ، وتقودُ هذهِ النماذجُ المختلفةُ من التنوعِ إلى تغيُّراتٍ كبيرةٍ في نظرتنا لشجرةِ الحياة، وبالطبعِ سيتطلبُ ذلكَ، إعادةَ تأليفِ كتبِ الأحياءِ.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا