الطب > مقالات طبية

هل توجد علاقة بين شرب حليب البقر وسرطان الثدي؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

أثبتت دراساتٌ حديثةٌ أنّ التعرّض لفيروسِ سرطانِ الدَّم البقريّ (bovine leukemia virus) يزيدُ من احتمالِ الإصابةِ بسرطان الثّدي.

حيثُ قامتِ الدراسةُ على اختبار 240 امرأة لتحديدِ وجودِ أو عدمِ وجود فيروسِ سرطان الدَّم البقريّ (BLV)، ولوحِظ أنّ 59% من النساءِ اللواتي أصبنَ بسرطانِ الثّدي كُنَّ مصاباتٍ بالفيروس. ولم تتجاوز نسبةُ النساءِ اللواتي أصبنَ بالفيروس ولم يظهر لديهنّ سرطانُ الثّدي 29%.

وبحسبِ افتراضاتِ العلماءِ وتحاليلهم للنتائج؛ وجدوا أنّ احتمالَ الإصابةِ بسرطان الثّدي عند النساءِ المصاباتِ بالفيروس أعلى بثلاثِ مرّاتٍ من المعدّل الاعتيادي مع أخدِ العوامل الممرضةِ الأخرى بعينِ الاعتبار، وهذهِ الزيادةُ أعلى من الزيادةِ الناتجةِ عن العواملِ الأخرى؛ كتناولِ الكحولِ والسّمنة والاعتماد على العلاجِ الهرمونيّ في سن الإياس.

يصيبُ فيروس الـ (BLV) قطعانَ الماشيةِ في الولاياتِ المتّحدة الأمريكيّة، وبالتحديدِ خلايا الدَّم ونسيج الثّدي. وغالباً ما تبقى الأبقارُ سليمةً لا تتأذّى من الفيروس، ولكن قد يتطوّر المرضُ لسرطانٍ يصيبُ الجهازَ اللّمفاويّ في بعض الحالات.

لا تزالُ عمليّة انتقالُ هذا الفيروس من الحيواناتِ إلى الإنسان غيرَ مفهومةٍ حتّى الآن، فالعلماءُ يظنّون أنّ منتجاتَ الألبانِ واللّحم قد تكونُ إحدى هذهِ الطرق. وبالرغمِ من ذلك فإنّ الدراسة الجديدة لم تقم بتحديدِ وسيلةِ الانتقال.

ووفقاً لتصريح جيترود بوهرينج (Gertrude Buehring)، الكاتبةُ المؤلّفةٌ المشرفةُ على الدراسةِ الجديدة ودكتورةُ علمِ الفيروسات في جامعة كاليفورنيا كليّة الطّبّ العامِ في بركلي، فإنّ أهمّ شيءٍ الآن هو معرفةُ كيف ينتقل الفيروس إلى البشر؛ أي هل يأتي من الماشية؟ أم أنه ينتقل من أشخاصٍ آخرين؟

وبحسبِ العلماء، فإنّ الفيروس قادرٌ على الانتقالِ بسرعةٍ بين قطيعٍ من الأبقار، فالعجلانُ تتغذّى من خزّان حليبٍ تمّ جمعهُ من عدّةِ أبقار. وأكّدت بوهرينج أنّ حليبَ بقرةٍ واحدةٍ ممزوجٍ مع حليب بقية الأبقارِ قادرٌ على إصابة أيّ عجلٍ يشربُ من الخزّان -حتّى لو كانت والدته سلبيةَ فيروسِ سرطان الدَّم البقري-.

في عام 2007 قامَ العلماء باختبارِ خزّانات الحليب -والتي تحتوي على حليبٍ من أبقار عديدة-لأكثر من 500 مزرعةً لمشتقّاتِ الألبان، وذلك ضمن إحصائيةٍ تمّت من قِبل قسم الزراعة في الولايات المتّحدة الأمريكية. ووجدوا أنّ فيروس الـ(BLV) موجودٌ بنسبة 100% في المزارع ذات القطعانِ الكبيرة والتي يزيدُ عدد الأبقار فيها عن 500 بقرة. وبلغت هذهِ النسبةُ 83% في المزارع ذات القطعانِ الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد الأبقار فيها 100 بقرة.

في العامِ السابقِ قامت بوهرينج بدراسةٍ تمّ نشرها في مجلّة الأمراضِ المعديةِ حديثةِ الانتشار (Emerging Infectious Diseases)، حيث تمّ في هذه الدراسة مناقشةُ إمكانيّة انتقالِ فيروسِ سرطان الدَّم البقري إلى الإنسان. واقتُرِحَ أنّ تناولَ الحليب غير المعقّمِ واللّحوم غير المطهوّة جيّداً يمكنُ أن ينقلَ الفيروس إلى الإنسان.

تجدرُ الإشارة إلى أنّ تلك الدراسة لم تتابعِ المرضى مع مرورِ الوقت؛ فهي توضّح أنّ تناول الأطعمةِ غير المطهوّة جيداً، يمكنه أن يسبّب انتقال العدوى، ولكن لم توضّح وجود علاقةٍ (سببٌ ونتيجةٌ) بين الإصابةِ بالفيروس وظهورِ سرطان الثّدي. وبالرغم من ذلك، أشارت بوهرينج أنّه في حال أثبتتِ الدراساتُ المستقبليّة العلاقةَ بين الفيروس وسرطان الثّدي، فإنّ هذا يمكن أن يكون خطوةً على طريق منع الإصابة بالسرطان -عن طريق تطويرِ لقاحاتٍ للفيروس-.

هنالك العديدُ من اللّقاحات التي تمّ تطويرها للحمايةِ من ظهورِ السّرطان؛ كلقاحِ التهابِ الكبد الوبائي B والذي يمكنهُ أن يسبّب سرطان الكبد، ولقاح فيروس الورم الحُليميّ البشريّ (Human papilloma virus) والذي يمكن أن يسبّب سرطان الشّرج وعنق الرحم. وحذّرت بوهرينج أنّ تصنيع لقاحاتٍ كهذهِ قد لا يكونُ ممكناً دائماً.

يرغبُ بعض العلماء بنقلِ الاهتمام من علاجِ سرطان الثّدي، إلى الاهتمامِ بمنعِ الإصابة بالمرض، وبحسب بوهرينج: "في حال كان المرض بسبب فيروس، فإنّ اللقاح يمكنُ أن يكون وسيلةً وقائيةً مناسبة، ولكن لا يمكن دوماً الحصول على لقاح لأنّ كلّ فيروس مختلف بنفسه."

حتّى الآن لا يعلمُ العلماء ما إذا كان الفيروس قادراً على التسبّب بسرطان الثّدي. ووفقاً للدكتور مايكل جريجر (Dr. Michael Greger)، مدير الصحّة العامّة والزراعة الحيوانيّة في المجتمع الإنسانيّ، في الولايات المتّحدة والمجتمع الإنسانيّ الدولي، فإنّ النسيجَ السرطانيّ قد يكونُ هو من يجذبُ الفيروس. وبالرغمِ من أنّ الطبيب لم يكن مشاركاً بالدراسة، فقد درس تأثيراتِ الصحّة العامّة على قسم الزراعة الحيوانيّة الصناعيّ باعتباره طبيباً متخصّصاً بالتغذية. وصرّح الدكتور جريجر لموقع (Live Science): "ربّما توجد خواص معيّنة للأنسجة السرطانيّة تجذبُ الفيروسات أو تشكّلُ وسطاً ملائماً لنموها. والخطوةُ التاليةُ بالنسبةِ لنا سوف تكونُ متابعةَ النساء اللّواتي أصبن بالفيروس، والنساء اللّواتي لم يصبن بالفيروس -من خلال متابعة نسب الأضداد-ومن ثمّ ملاحظة ما إذا كان التعرّض له يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الثّدي".

المصادر:

هنا