الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

الثروة العالميّة لعام 2015

استمع على ساوندكلاود 🎧

يسمى مجموع ما يمكن تقييمه على كوكب الأرض بالثروة العالمية وهو لايزال واحد من أكثر المؤشرات دلالةً على اتجاهات التطور الاقتصادي العالمي. فزيادة الثروة العالمية لا يعني أن وضع كوكب الأرض صار أفضل وإنما يعني زيادة الفرصة في تحسين الوضع العالمي من خلال القدرة على التحكم في توزيع الدخل.

في هذا المقال سنتعرف على أخر اتجاهات وتطورات ثروتنا العالمية.

الثروة العالمية لعام 2015: الاتجاهات الضمنية لا تزال إيجابيةً

انخفضت الثروة العالمية بعض الشئ في عام 2015 بسبب قوة الدولار الأمريكي وفقاً لتقرير الثروة العالمية لعام 2015. و مع ذلك فإن الوضع العام لا يزال إيجابياً بشكل ضمني على الرغم من استمرار تفاقم سوء توزيع الثروة.

و قد بلغت الثروة العالمية 250 ترليون دولار في عام 2015، وهي أقل بنسبة طفيفة من مقدار الثروة في العام الماضي، وذلك بسبب تراجع أسعار صرف العملات، وبكل الأحوال فإن الإتجاهات الضمنية للثروة العالمية لاتزال إيجابية بحسب التقرير السنوي للثروة العالمية و الصادر عن معهد أبحاث كريديت سويس Credit Suisse Research Institute.

و قد ازدادت ثروة القطاع الأهلي و تحديداً في الولايات المتحدة و الصين بشكل ملحوظ بين منتصف عامي 2014 و 2015، ومع ذلك فإن الثروة لاتزال متركزة في الولايات المتحدة و أوروبا، إلا أن نمو الثروة في الأسواق الناشئة قد كان مذهلاً بما في ذلك التضاعف بمقدار الخمس أضعاف و الذي شهدته الصين منذ بداية القرن. هذا ما يقوله تيدجيان تيام Tidjane Thiam المدير التنفيذي لمصرف كريديت سويس. و تشكل الصين اليوم خمس التعداد السكاني العالمي بينما تملك حوالي 10% من الثروة العالمية، و تعتبر الطبقة الوسطى في الصين هي الأكبر عالمياً للمرة الأولى.

الدور الرئيسي لتوسع الطبقة الوسطى

ارتفعت ثروة الطبقة الوسطى في هذا القرن في كل الأقاليم و تقريباً في كل الدول، ويعتبر حجم وصحة وموارد الطبقة الوسطى عوامل رئيسية في تحديد سرعة واستقرار النمو الاقتصادي في العالم. وبشكل عام فإنها في قلب الحركات السياسية و الاتجاهات الاستهلاكية الجديدة وتعد مصدراً رئيسياً لرجال الأعمال و أصحاب المشاريع الذين يهدفون إلى تلبية حاجات استهلاكية جديدة.

و قد شكلت الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة رمزاً للطبقة الوسطى في العالم لعدة أسباب، إلا أنه في هذا العام فقد فاقتها الطبقة الوسطى في الصين بالعدد، حيث بلغت حوالي 109 مليون شخص بالغ وهو رقم أكبر بنسبة لابأس بها من تعداد بالغي الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة الأمريكية و البالغ 92 مليون شخص.

و في العالم ينتمي 14% من الأشخاص البالغين إلى الطبقة الوسطى وبلغ عددهم في عام 2015 حوالي 664 مليون شخص، و في هذا العام نمت ثروة الطبقة الوسطى بشكل عام ولكن بوتيرة أبطأ من نمو الثروة في النهاية العليا.

ويؤكد تيدجيان تيام على أن الطبقة الوسطى ستستمر بالتوسع في الاقتصادات الناشئة بشكل عام، ولقارة أسيا حصة الأسد في هذا التوسع وبالنتيجة سوف نشهد تغيرات في الأنماط الاستهلاكية و تغيرات اجتماعية مختلفة، حيث أن الطبقة الوسطى تاريخياً لعبت دوراً وسيطاً في الاستقرار والازدهار.

إن تقرير الثروة العالمي يحدد الطبقة الوسطى بحسب مفهوم نطاق الثروة و ليس تبعاً لمدى معدلات الدخل، وذلك بهدف تحقيق المرونة تجاه الانتكاسات المؤقتة كالبطالة.

استمرار سوء توزيع الثروة بالتفاقم

منذ الأزمة المالية العالمية استمر سوء توزيع الدخل حتى هذا العام، حيث أدى ارتفاع أسعار الأسهم و حجم الموجودات المالية إلى زيادة ثروة الدول الغنية، الأمر الذي أدى بدوره إلى زيادة سوء توزيع الثروة. و قد أصبحت الطبقة المالكة للحصة الأكبر من الثروة تمتلك أكثر من نصف الثروة العالمية والـ 1% الأغنى في العالم يمتلكون حوالي 87.7%. ويؤكد تيدجيان تيام على أنه بالرغم من انحراف توزيع الثروة باتجاه الأغنياء في العالم، إلا أن ذلك لا يعني إهمال الأهمية الاقتصادية لقاعدة هرم الثروة و الطبقة الوسطى فيه، حيث أن كلاهما يشكلان معاً 39 ترليون دولار، وهو ما يمثل حجم طلب هائل على السلع الاستهلاكية و الخدمات المالية.

و لتكون أحد أفراد النصف الأغنى في العالم فأنت بحاجة إلى 3210 دولار بعد طرح الديون، ولتكون واحداَ من الـ 10% الأغنى في العالم فأنت بحاجة إلى 68،800 دولار، أما لتكون من الـ 1% الأغنى في العالم فالمبلغ المطلوب هو 759،900 دولار.

الثروة العالمية مستمرة بالنمو لذلك سيظهر ملايين الأغنياء الجدد

من المتوقع أن تنمو الثروة العالمية بمعدل 6.5% في السنوات القليلة القادمة لتصل إلى 345 ترليون دولار بحلول عام 2020 أي ما يقارب 38% فوق المقدار الحالي للثروة. وتتربع الولايات المتحدة على عرش الثروة العالمية بلا منازع حيث تملك ثلث الثروة العالمية. وبكل الأحوال فإن الدافع الاساسي لنمو الثروة العالمية يكمن في الاقتصادات الناشئة، حيث ترتفع الثروة الإجمالية لهذه الدول من 17% اليوم إلى 19% في 2020، ومن المتوقع أن تنمو ثروة كل من الهند والصين بما يفوق 9% سنوياً في الخمس سنوات القادمة، حيث تمكنت كل منهما من مضاعفة حصتهما من الثروة العالمية إلى 10.5% في الخمسة عشر سنة الماضية.

إن نمو الثروة الصينية بشكل خاص كان سريعاً جداّ حيث بلغت ثروة الصين في عام 2000 ما يعادل ثروة الولايات المتحدة في عام 1939، وبمرور 15 عاماً أصبحت ثروة الصين تعادل ثروة الولايات المتحدة في عام 1972 أي أن الصين حققت في 15 عاماً ما حققته الولايات المتحدة في 33 عاماً، و استطاعت ثروة القطاع الأهلي أن تحقق معدلات نمو عالية كمثيلاتها في الدول المتقدمة. ونتيجة لذلك فإنه من المتوقع أن يصل عدد أغنياء الصين إلى 2.3 مليون شخص بحلول عام 2020 و هي زيادة مقدارها 74% عما نراه اليوم. وعلى المستوى الدولي فإن عدد الأغنياء سيرتفع بمقدار 46% في الخمسة أعوام القادمة ليصل إلى 49.3 مليون شخص يعيش منهم 22 مليون في أمريكا الشمالية و15.5 مليون في أوروبا و 8 مليون في آسيا و المحيط الهادئ (بدون أخذ الصين و الهند في الحسبان) أي أنه سيضاف 15.5 مليونيراً على قائمة الأغنياء في العالم في خلال خمسة أعوام فقط. ولأخد العلم فإن هذا العدد من الاغنياء سيشكل فقط 0.7% من الأشخاص البالغين في العالم.

المصدر: هنا