الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

سلوك الأكل العاطفي Emotional Eating –1– التعريف والدوافع

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل يدفعُك التوترُ، أو الغضبُ، أو الحزنُ، أو حتى الملل لتناولِ الطعام؟ إذا كنتَ تتناولُ الطعامَ في كثيرٍ من الأحيان لأسبابٍ عاطفيةٍ، أو استراحةٍ من الدراسةِ الطويلة بدلاً من تناوله لأسبابٍ جسديةٍ أو جوعٍ حقيقيّ فأنتَ تعاني ممّا يسمّى بسلوكِ الأكلِ العاطفيّ Emotional eating.

إنّ اتّباعكَ لرغبتكِ في تناولِ كمياتٍ تفوقُ حاجةَ جسمِكَ من الطعام ظنّاً منكَ أنّ الأكلَ سيحسّنُ من مزاجِكَ أو يخفّفُ الضغطَ عنكْ هو في حد ذاتِهِ مشكلة، كونَه يلعبُ دوراً كبيراً في زيادةِ الوزن، بالإضافةِ لبعضِ المشاكلِ الصحيّةِ الأخرى كالسكري، والبدانة، وارتفاعِ ضغط الدم.

الخبرُ الجيّد أنهُ بإمكانكَ التغلّبُ على سلوكيّة الأكل العاطفي لديك، والمفاجأة أنّ الحلّ لا يتعلقُ بالطعامِ على الإطلاق.. دعونا في البداية نتعرّفُ على ماهية سلوكِ الأكلِ العاطفيّ ودوافعِه، لنتطرق إلى الحلول المناسبة في مقالنا اللاحق.

سلوك الأكل العاطفي:

الأكلُ العاطفيّ هو استخدامُ الطعام كوسيلةٍ للتعاملِ مع المشاعرِ بدلاً من كونه وسيلةً لإشباع الجوع، كتناول كيسٍ كاملٍ من رقائق البطاطا بسببِ الملل، أو تناولِ كعكةٍ تلوَ الأخرى أثناء التحضير للامتحان، وهو سلوكٌ من شأنه أن يؤثّرَ على الوزن والصحة بشكلٍ عام.

الدوافعُ وراء سلوك الأكل العاطفي:

• ربطُ تناول الطعام بالمشاعر:

يربطُ العديد من الأشخاص سلوك الأكل العاطفي بالمشاعر السلبية كالحزن، أو الوحدة، أو الملل، أو التعرّض لضغوطاتِ الحياةِ المختلفة، ولكنّ هذا السلوك يرتبط في الواقع بالمشاعر السلبية والإيجابية على حدّ ٍسواء، كتلك المشاعرِ المرتبطةِ بتناولِ الطعام مع من نحبّ دون الشعور بالجوع كما في الاحتفالاتِ وولائمِ الأعياد. لذا فإن فهم ما يدفعنا لاتباع سلوك الأكل العاطفي يمكن أن يساعد في اتخاذ خطواتٍ لتغيير هذا السلوك.

• عاداتٌ مكتسبةٌ في مرحلة الطفولة:

يكون الأطفالُ عرضةً لتعلّم أنماطِ الأكلِ العاطفي خلال مراحل طفولتهم، فالطفل الذي يُعطَى الحلوى بعد إنجازٍ كبيرٍ سيتعلمُ أن يستخدمَ الحلوياتِ أو الطعام ليحتفلَ ويكافئَ نفسه على العمل بصورةٍ جيدةٍ في المستقبل. كما أنّ الطفلَ الذي يُعطى البسكويت كوسيلةٍ ليتوقفَ عن البكاء سيتعلم أن يربطَ تناول البسكويت بالشعور بالراحة. إنّ تجنّبَ هذه العادات ليس بالأمرِ السهل، ولكن الوعي لنتائجها المستقبيلة واجبٌ علينا.

• متعة تناول الطعام:

لكلٍ منا أطعمةٌ معينةٌ تُشعره بالراحةِ والمتعة، ومن المثير للاهتمام أن أنواعَ هذه الأطعمة قد تختلف وفقاً للمزاج والحالة النفسية والجنس. فقد وجدت إحدى الدراسات أنّ الناس يميلون إلى أكلِ بعض أنواع الأطعمة مثل البيتزا عند الشعور بالسعادة، بينما يفضلون المثلّجات والكعك عند الشعورِ الحزن. أما في حالة الملل فهم غالباً ما يسعَوْن لتناول أشياءَ مالحةٍ كرقائق البطاطا. كما وجدَ الباحثون أيضاً أن الرجال يفضّلون الأطعمة الساخنة منزلية الصنع كشرائح اللحم والسمك المطبوخ، بينما تفضّل النساءُ الشوكولا والمثلّجات.

ولا بدّ هنا من طرح سؤال مهم: هل هناك من يشعر بالراحة عندَ تناولِ الجزر أو القرنبيط أو الكرفس؟

درس الباحثون هذا أيضاً ووجدوا أن الأطعمةَ الغنيةَ بالدّهون قد تعملُ على تنشيطِ بعضَ الموادِ الكيميائيةِ التي تخلقُ شعوراً بالرضا والاطمئنان في الجسم، مما يمتلكُ تأثيراً شبيهاً بالإدمان يعملُ على الأرجح على دفعنا للبحث عن هذا النوعِ من الأطعمة عند الشعور بالحزن أو الضيق، علماً أن العديدَ من الأشخاص قد يلومونَ أنفُسهم على تناول هذه الأنواعِ أو الكمياتِ من الطعام فيما بعد، خاصةً أولئكَ الّذين يحاولون خفضَ أوزانِهم مما سيولّدُ مشاعرَ سلبيةً من جديد.

كيف نميز إذاً بين الجوع الجسدي الحقيقي والجوع العاطفي؟؟

علينا أن نميّز بين الجوع الحقيقي الذي يطالب به الجسم للتزوّد بالطاقة والجوع العاطفي الذي يكون مدفوعاً بالمشاعر قبل أن نُحاول التخلّص من سلوكية الأكل العاطفي، إلّا أنّ ذلكَ قد يكون أصعب مما نتخيل، حيث أنّ الجوعَ العاطفي قد يكون قوياً لدرجة لا نستطيعُ معها تمييزَه عن الجوع الحقيقي. إليكم بعض الأدلّة التي قد تساعدُ في التمييز بينهما:

• عادةً ما يأتي الجوع العاطفي فجأةً، ليشعر الشخص أنه بحاجةٍ ملحةٍ لتناول الطعام، بينما الجوعُ الحقيقي يأتي بشكلٍ تدريجي ولا تكون الرغبة بتناولِ الطعام ملحةً جداً - إلا في حال عدم الأكل لفترة طويلة – ويكون الشعور عندها متركّزاً في البطن على عكس الجوع العاطفي.

• عادةً ما يشعر الشخص برغبةٍ ملحّةٍ لتناول أنواعٍ محددةٍ من الأطعمة في حالة الجوع العاطفي، وخاصةً السكرية أو الدهنية، بينما في حالةِ الجوعِ الحقيقي، فإن أيّ شيء سيبدو جيداً بما يكفي لإسكات جوعنا بما في ذلك الخضروات التي ثبتَ أنها ليست وادةً من الخيارات في حالة الجوع العاطفي.

• يقود الجوعُ العاطفي عادةً إلى تناولِ الطعام بطريقةٍ شبه جنونية، كأكلِ كيسٍ كبيرٍ من رقائق البطاطا أو علبةٍ كبيرةٍ من المثلّجات دون الاكتراث بالشبع أو حتى الاستمتاع بالطعام، وغالباً ما يكون ذلك متبوعاً بشعورٍ بالتخمة والندم، بينما في حالة الجوع الحقيقي فإنك تكون أكثر وعياً وغالباً ما تتوقف عند الشعور بالشبع.

لذا وقبل التوجّه إلى الطعام، عليك أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:

• هل أتناول كمياتٍ من الطعام أكبرَ من المعتاد؟

• هل آكل في وقتٍ غير المعتاد؟

• هل أشعر بعدم القدرة على ضبط النفْس عندما يتعلق الأمر بالطعام؟

• هل أنا منزعجٌ حيالَ أمرٍ ما، كالمدرسة أو الحياة الاجتماعية أو أي شيءٍ آخر؟

• هل وزني زائدٌ أو اكتسبتُ مؤخراً وزناً إضافياً؟

إذا أَجبتَ بـ "نعم" على العديدِ من الأسئلة السابقة فأنت على الأغلب تعاني من سلوكية الأكل العاطفي، وما عليك إلا انتظار مقالنا التالي حول بعض الحلول والتقنيات التي يمكن اتباعها لتجنب هذا السلوك.

المراجع:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا