العمارة والتشييد > التشييد

Laerdal Tunnel أطول أنفاق العالم السريعة

استمع على ساوندكلاود 🎧

لم تعد السلاسل الجبلية والأنهار والبحيرات عوائق طبيعية تقف في وجه حاجة الانسان المتزايدة للتنقلات السريعة. في هذا المقال نتعرف على النفق الأطول في العالم بين أنفاق الطرق السريعة.

في شهر تموز من عام 1992م قرر البرلمان النرويجي إنشاء طريق سريع يصل بين مدينتي Bergen وOslo حيث أن الحلقة الأخيرة من هذا الطريق تصل بين مدينة Auralnd ومدينة Leardal، ولكن كان هنالك عائق ضخم بين هاتين المدينتين و الذي يكمن في سلسلة جبال Filefjell العالية. تم حل المشكلة باقتراح حفر نفق يخترق هذه السلسلة الجبلية ويشكل الحلقة الأخيرة من الطريق السريع الواصل بين Bergen و Oslo، ويوفر عناء استخدام العبارات والطرق الجبلية في الشتاء.

في عام 1995م تم البدء بإنشاء نفق ليردال Leardal Tunnel بطول يبلغ 24.5 كم، وهو يعد النفق الأطول في العالم بين الأنفاق التي تحوي طرق سريعة حيث بلغت تكلفة هذا النفق والطريق الذي بداخله 1082 مليون كرون نرويجي ( 130 مليون دولار )، ويمتلك قدرة استيعابية هائلة فهو حوالي 400 سيارة في الساعة الواحدة.

لم يكن حفر مثل هكذا نفق بالأمر السهل حيث أن الصعوبات خلال الحفر كانت جمّة ولعل أبرزها :

أولاً: نوعية الصخور، فقد كانت الصخور الصوانية القاسية المتكونة قبل العصر الكامبري Cambrian ،وهو يعتبر أول العصور الجيولوجية من عصور الحقبة الأولية ، وكان هذا نوع من الصخور الأكثر تواجداً وصلابةَ.

ثانياً: المخاطر المرافقة لعملية الحفر، حيث أنه خلال عملية الحفر واجه المنفذون ظاهرة تدعى انشطار أو انفجار الصخر Rock Burst فقد كان النفق يخترق سلسلة جبلية لذلك فهو يحتجز فوقه 1400متر من الصخور، هذه الكمية الضخمة من الصخور فوق النفق تمارس ضغوط هائلة على الطبقات السفلى، إضافة إلى الضغوط الناتجة عن التوتر الأفقي للقشرة الأرضية. كل هذه الضغوط تؤدي إلى تساقط قطع صخرية كبيرة من سقف النفق وجدرانه وكأنها تنفجر، مما يستوجب اتخاذ تدابير سلامة مناسبة قبل استمرار أية عمل.

ولكن السؤال الأبرز هو كيف تم حفر هذا النفق في هذه الصخور الصلبة ؟!

تم الحفر باستخدام آلات ضخمة يتم التحكم بها عن طريق الحواسيب، إضافة إلى آلات حفر تقليدية، وكذلك استخدم التفجير في حفر النفق. كان من المهم جداً تقليص حجم الخطأ إلى أقل نسبة ممكنة، لذلك تم تنفيذ الحفر والتفجير بدقة عالية باستخدام الأقمار الصناعية لتحديد نقاط المسح الثابتة التي اعتمدت عليها كل القياسات الأخرى داخل النفق. وقد حددت اتجاهات الحفر بواسطة أشعة الليزر التي وضعت من أجل أن تلتقطها الحواسيب الموضوعة على آلات الحفر الضخمة مما يحقق أعلى درجات الدقة وفق الخطة الموضوعة. ( انظر مقالنا الستبق عن آلة حفر الأنفاق العملاقة TBM هنا)

أما التفجير فقد كان يتم عن طريق حفر مئة حفرة تقريباً كل حفرة بقطر 45-51 مم وعمق 5.2 متر وموزعة على المقطع المراد تفجيره، يوضع في قاع كل حفرة عصا صغيرة من الديناميت ثم يضخ داخل الحفرة مادة تسمى Anolit وهي مادة متفجرة تستخدم كثيراً في النرويج وهي أكثر دقة في التنفيذ من الديناميت. كان يستخدم في كل تفجير 500 كغ من المواد المتفجرة ليزيل 500 متر مكعب من الصخر. وتم استخدام التفجير 5000 مرة خلال المشروع. لا بد من ذكر أن حجم الصخر المزال خلال حفر النفق كاملاً بلغ 2.5 مليون متر مكعب من الصخر.

لم يكن موضوع التهوية أمراً غائباً خلال عملية التصميم فقد عمل المصممون على أن يكون نفق ليردال مهوّى على كامل طوله، فهو يحتوي على محطة تنقية Cleaning Plant لتهوية النفق على بعد 10 كم من نهايته مثبته في الجانب القصير من النفق، تنقي محطة التنقية هذه الهواء المار في النفق من المكونات الملوثة الخطيرة و بالتالي الحفاظ على نوعية هواء مقبولة في جميع أنحاء النفق حتى أثناء الفترات التي تكون فيها حركة المرور كثيفة. تتكون محطة التنقية من مرسّب كهربائي Electrostatic Precipitator لإزالة جسيمات الشوائب ووحدة تنقية الغاز والتي مهمتها إزالة المكونات الغازية الملوثة و الخطيرة من الهواء.

وسنعرض أحد أهم ثلاث نقاط تتعلق بالراحة و السلامة أخذت في الحسبان أثناء تصميم النفق:

1. أن تكون المنحنيات سلسة وبأقسام مستقيمة قصيرة تجعل القيادة خلال النفق أقل رتابة دون أي خرق للتوجيهات التي تؤمن مسافة لرؤية سليمة وآمنة .

2. في أي نقطة في النفق يجب أن تكون مسافة الرؤية الآمنة تكون 100 متر على الأقل.

3. تقسيم النفق إلى أربع أقسام في كل قسم يكون هنالك جزء عريض للالتفاف و الدوران دون الحاجة للرجوع في المركبة للوراء.

إن حفر الأنفاق لا يعد بالتأكيد من ضمن المشاريع السهلة التصميم والتنفيذ، فهو يحتاج إلى دقة في العمل و التحليل والأخذ بالاعتبار جميع أخطار التنفيذ. وأخيراً لابد من الإشارة بأن نفق ليردال يتمتع بمنظر جميل جداً وآسر من الداخل مما سيضفي متعة للسائق عند المرور بهذا النفق الطويل.

المصدر:

هنا