الهندسة والآليات > الصناعة والأتمتة

مواد مُتحوّلة الشّكل يُمكنها رفع كتلة أكبر من كتلتها بألف مرة وتتمتّع بذاكرة تعودُ إليها عند تعرضها للحرارة.

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعتبر البوليمرات الذّكية نوع من المواد الذّكية أو التكيّفيّة التي تعرض بشائر للأمل في العديد من التطبيقات. بشائر الأمل هذه تعتمدُ على الخواصّ التي تُميّزهم عن غيرهم من المواد كالسبائك الذّكية والسيراميك. فتخيّل أنْ يقومَ روّادُ الفضاءِ باصطحابِ تشكيلةٍ من هذه الموادّ إلى الفضاء، ثم يقوموا بجعلها تعودُ إلى شكلها الأصليّ عند تعريضِها لدرجةِ حرارةٍ مُعيّنةٍ واستخدامها عند الحاجة، أو استخدام هذه الموادّ لرفع أحجامٍ ضخمةٍ جدًا تقومُ بتخفيفِ العبء عن البشر. تعالوا معنا نقرأ المزيد عن هذه المادة في المقال التالي:

تمكّن مهندسون في جامعة روشستر من إنتاج بوليمر جديد مُتحوّلْ الشّكل يستجيبُ بسرعة لحرارة الجسم. تستطيع هذه المادة الجديدة الجبّارة رفعَ أوزانٍ تفوقُ كتلتَها ألف مرة، وتمّ نشر هذا البحث في مجلة علوم البوليمر Journal of Polymer Science Part B: Polymer Physics.

في البداية، يتمّ شدّ هذه المادة وسحبها حيث تُؤدي القوّة المُطبِقة عليها إلى تبلور بُنيتها الدّاخليّة ضمنَ قطاعاتٍ تُسمّى السّلاسل، حيث تتحاذى هذه السّلاسل بسرعة في نفس اتجاه تشكّل البلورات داخلها، وبالتالي تحتفظ بالشكل الذي آلت إليه بعد رفع القوة. وتُعرف عمليّة التثبيت هذه باسم "التبلور النّاجم عن الالتواء".

شاهدوا معنا الفيديو التالي الذي يوضح عملية بلورة المادة بعد مطّها و من ثمّ عودتها إلى شكلها الطبيعي عند ملامستها للجسم:

وبالرغم من أنّ البوليمرات متحوّلة الشكل ليست جديدة، إلا أنّ هذه المواد قادرة على الاستجابة بشكل ديناميكي لحرارة الجسم. حيث أنها تُحافظ على شكلها الصّلب حتى تتعرض لدرجةِ حرارةٍ حوالي 35 درجة مئوية، ما يعادل 95 درجة فهرنهايت، عندها تبدأ البلّورات بالذّوبان فتنهار المحاذاة والسّلاسل الداخلية.

ويُعتبر مفتاح اكتشاف طريقة مُعايرة مادة ما لتستجيب بشكل سريع إلى درجةِ حرارةٍ معينة كامنٌ في هيكلها الجزيئيّ. حيث عملَ الباحثون على إضافة وصلات جزيئيّة - دعامات صغيرة لا تتبلور - إلى السّلاسل الفرديّة، بحيث تتّصف هذه الوصلات بأنها تُثبّط التبلور ولا تمنع حدوثه. وبدمج المواد بهذه الطريقة، تمكّن الفريق عبر إضافة كميّة كافيةٍ من هذه الوصلات من إعطاء عتبة درجة حرارة مُحددة للبلورة.

يُمكن أنْ تكون هذه المادّة في حالةٍ مرنة وصلبة حول جسم الإنسان، وهذا ما يُسِّهل استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات الطبيّة، بما في ذلك خلقْ وتصنيع الجلد الاصطناعي المُزَوَّر.

يقول أُستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة روشسترMitchell Anthamatten: "إنّ ضبط درجة الحرارة التي تتبلور عندها المادة هو الجزء الأهمّ في هذه العملية، كما أنّنا قُمنا بهندسة هذه المواد لأداء أعمال ميكانيكيّة أثناء عودتها إلى شكلها الأصليّ".

تمّ تصميم الهيكل الداخليّ للمادة بحيث يُمكنه احتواء وتخزين كميّة هائلة من الطاقة المرنة أو طاقة الإجهاد بشكلٍ مُشابه لكيفيّة تخزين النابض للطاقة عندما يتمّ ضغطه. وعلى نحوٍ لا يُصَّدق، يُمكن لغرام واحد من هذه المواد الجديدة متحوّلة الشكل رفْع ليتر من الماء، كما يُمكن لكيلوغرام منها (2.2 باوند) أنْ يقومَ برفع أربعة أُسود إفريقيّة بالغة. أمّا فيما يخصّ التطبيقات الطبيّة لهذه المادّة، فيُمكن أنْ نستخدمها في صناعة الأطراف الاصطناعيّة التي تتمتّع بقوة لم يسبق لها مثيل.

شاهدوا معنا هذا الفيديو الذي يوضّح قدرة المادّة على اختزان الطاقة و تحريرها للقيام بأعمال ميكانيكية:

في النهاية، يجب أنْ لا نُقلّل من تقدير الأشياء الصغيرة للغاية. حيث قام مهندسون في وقتٍ سابقٍ بصناعة النّظام الشبكيّ الأصغر في العالم. وعلى الرغم من أنّ 150 من هذه الشبكيّات يُمكنها أنْ تُوضع على رأس دبوسٍ واحد إلا أنّه يُمكنها الصّمود أمامَ ضغوطٍ عاليةٍ قدْ تصلُ إلى آلاف أضعاف الضغط الجوي.

المصدر: هنا