التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

انتقاء جنس الجنين

استمع على ساوندكلاود 🎧

بدايةً تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ جنسَ المولودِ يتحددُ بأحدِ الصبغيين الجنسيين (X) و(Y)، ففي حين أنّ الصيغةَ الصبغيةَ للبويضة ثابتةٌ وهي (X) فإن النطافَ المحددةَ لجنس المولود تُقسَم إلى صبغيات (X) وصبغيات (Y) مناصَفةً؛ أي أنّ احتمالَ ولادةِ الذكور إلى الإناث يكون 50/50، مما يعني - وبعكسِ الخرافات الشائعة - أنَّ الأبَ هو المسؤول عن تحديد جنسِ مولودِه القادم، لا الأم. ولكن لماذا يشهدُ عالمُنا تفاوتاً بنسبة المواليد الذكور والإناث؟ وهل هناك طرقٌ تؤثرُ على تحديد جنس المولود؟

الطرق ذات التأثير الضعيف:

1- الحمية:

وجدت الأبحاثُ أن النساءَ اللاتي فضلْنَ تناولَ فطورٍ مكون من الحبوب وغنيٍ بالبوتاسيوم قد ولَدْنَ ذكوراً أكثرَ من اللاتي تجنَّبْن وجبةَ الفطور واعتمدْنَ على حميةٍ منخفضة السعرات الحرارية. ولكن بشكلٍ عام فقد كانت نسبةُ ولاداتِ الذكور إلى الإناث مقارِبةً لـ 50/50. ورُغمَ أنّ العديدَ من الخبراء صرّحوا بعدم وجود رابطٍ حقيقيٍّ يثبت أنّ ما يتم تناوله سيؤثر على محصولِ الحمل، فذلك لن يمنعَ كلَّ شخص ابتداءً من جدتك وانتهاءً بالغريب الجالس إلى جانبك في عيادة أخصائي التوليد من اقتراحِ وسائلَ متعددةٍ لترجيح كفة محصول الحمل نحو الجنسِ المرغوب.

وحيثُ أن العديد من النظريات التطورية توحي بوجود عِلاقةٍ بين نوعِ الغذاء عند بعض الحيواناتِ وجنس المولود، فولاداتُ الذكور تكونُ بنسبةٍ أعلى عند الأمّهاتِ اللاتي يتغذيْن بصورةٍ أفضلَ من أولئك اللاتي يفتقرُ طعامُهن الموادَ المغذية. ولهذا فقد تمّ إجراءُ دراسةٍ ضمّت 740 امرأةً بريطانية خَروسٍ (بِكر أي حملها الأوّل) دون أن يعلموا جنسَ مولودهن، وجميعهن كُنّ غيرَ بدينات من ذواتِ البشرةِ البيضاءِ ودونَ أيِة سوابقَ مرضية. أتمَّت النساء استجواباً مفصلاً عن نوعية طعامهن خلالَ الفترةِ الأولى من الحمل وطُلِب منهن أن يدوِّنَّ بشكل مُفصَّل كلّ ما يتناولْنه حتى الشهرِ الرابع للحملِ، كما طُلب منهن تذكُّر حميتِهنّ في السنةِ السابقة للحمل. وبهذه المعطيات تمكنّ الباحثون من تحديدِ العِلاقة بين تناولِ كمياتٍ أكبرَ من السعرات الحرارية وولادة الذكور وذلك بنسبة 56% من مجمل الولادات في حين ارتبطت ولادة الإناث وبنسبة 45% بالحميةِ مُنخفِضَة الحريرات.

إذاً هل يتوجبُ على النساءِ اللاتي يفضلن إنجاب الإناث تجنّبَ وجبة الفطور للحد من السعرات الحرارية؟

بالتأكيد لا، فوجبةُ الفطور وعلى الأخصِّ تلكَ الغنية بالحبوب تعدّ من أفضل المصادر لحمض الفوليك (فيتامين ب9( الواقي من التشوهات الخَلقية، خاصةً خلال الثلث الأولِ للحمل.

2- التوقيت:

ويُقصَد به توقيتُ حدوثِ اتصالٍ جنسيٍّ نسبةً إلى تاريخ الإباضة؛ فالاتصالُ الجنسي في فترة قريبةٍ من موعد الإباضة يرجّح النسبةَ نحو ولادة الذكورِ بينما تكونُ ولادةُ الإناثِ أرجحَ كلما ابتعدنا عنها. ويكمن السبب في كونِ الصبغي (X) أكثرَ صلابةً فيما يكون الصبغي Yهشاً.

وتُعتَبَر تقنية (shettles) الطريقةَ الطبيعيةَ الأكثرَ معرفةً لتحديد جنس المولود، والتي تمّ تطويرها منذ ثلاثةِ عقود من قِبل Landrum B. Shettles، MD، PhD والتي تفترضُ أنّ الصبغيَّ الذكوري Yأصغرُ وأسرعُ وذو حياةٍ أقصرَ من نظيرِه الأنثوي (X) ولهذا السبب يُنصح الأهلُ الراغبون بمولودٍ ذكرٍ باتصال جنسيٍّ أقربَ ما يمكن إلى فترةِ الإباضة مما يزيدُ فرصةَ وصولِ النطاف السريعةِ الحاملةِ للصبغيY إلى البويضة. كما تبين أن فرصةَ ولادة الذكور تزدادُ في حال تم القذفُ أقربَ ما يمكن إلى فتحةِ عنقِ الرحمِ، والذي يمكن تحقيقه عندما تنحني المرأةُ معطيةً ظهرها للرجلِ خلالَ الاتصال الجنسي، في حين يُنصَح الأهلُ الراغبون بمولودة أنثى بممارسة الجنسِ وجهاً لوجه (والرجل في القمة) قبيل الإباضة بيومين إلى أربعة أيام، بحيث تبقى النطافُ الأكثرُ مقاومةً فقط في الطريقِ التناسليِّ في الوقتِ الذي تتم فيه الإباضة.

3- كيميائية الجسم:

تقترحُ بعضُ النظريات أن الدوشاتِ المهبليةَ بالماءِ والخلِّ لها دورٌ في جعل البيئةِ حامضيةً ومثاليةً للمولوداتِ الإناث في حين تزيد الدوشات المهبلية بالماءِ وخميرة الصودا من قُلوية البيئة مما يجعلها أكثرَ ملائمة للذكور.

الطرق ذات التأثير المرتفع:

يُعتبَرُ انتقاءُ جنسِ المولودِ لأسبابٍ طبية (كتجنبِ انتقالِ بعضِ الأمراضِ الوراثية المُرتبِطة بالجنس للجيل القادم) مقبولاً بشكلٍ واسعٍ على المستوى العالمي. في حين يُنظَر له كمسألةٍ أخلاقيةٍ في العديدِ من الدولِ إن لم يكن له أيُّ استطباب وإنما فقط ليخدمَ متطلبات الأهل. ففي السابق، اختارَ العديد من الأهل المصابين بأمراضٍ وراثية أن يمتنعوا عن الإنجاب كلياً بغيةَ تجنّب تمريرِ هذه الأمراض للأجيال القادمة. لكننا اليومَ - وبفضلِ تقنيةِ (PGD) - حصلَ العديدُ من الأهلِ على فرصة ولادتهم لأطفالٍ خالين من الأمراض الموروثة المرتبطة بالجنس

Preimplantation genetic diagnosis (PGD) تعني بالتحديدِ كون أحدِ أو كلا الوالدين يعاني من مرضٍ وراثي مرتبط بالجنس، حيث يتمُّ إجراءُ اختباراتٍ على المضغة لتحديد فيما لو كانت حاملةً لخللٍ جينيٍّ أم لا، وبعدها يتمُ نقلُ المضغاتِ الخاليةِ من العيوبِ الجينيةِ إلى رحمِ الأم، وبالتالي تنقصُ خطورةُ انتقالِ الأمراضِ الجينيةِ الموروثة وتخفُّ احتماليةُ الإجهاضاتِ المتأخرة.

ولكن من هم المرشحون لإجراء (PGD) ؟

1- مَن لديهم قصة عائلية لأمراض مرتبطة بالصبغي (X)

2- مَن لديهم إزفاء صبغي chromosome translocations

3- حَمَلة الأمراض الوراثية الجسدية المتنحية

4- حَمَلة الأمراض الوراثية الجسدية السائدة

ومن الطرقِ الأخرى المُتبعة في انتقاء جنس المولود (the Microsoft technique) والتي تُعتبَر الطريقةَ الأكثرَ فعاليةً في مجال انتقاء جنس المولود، خاصةّ عندما يتم استخدامها جنباً إلى جنبٍ مع الإلقاح ضمن الزجاج in vitro fertilization (IVF) ، وتتضمن هذه الطريقةُ تصنيفَ النطافِ عبرَ تلوينها بصبغةِ الفلوريسينت التي تم توجيهها عبرَ حزمةٍ من أشعةِ الليزر، حيث تتوضح الفروقُ الهامةُ بين محتويات الـ(DNA) مما يمكّننا من فصل النطاف، ثم نقوم بإعادة العيناتِ إلى الرحمِ مجدداً بوسائلَ صنعيةٍ كالإلقاح ضمن الزجاج (IVF) على سبيل المثال "ما يُعرَف بطفل الأنبوب".

وفي النهاية تجدرُ بنا الإشارة إلى أن انتقاءَ الأهل لجنسِ مولودِهِم دونَ استطبابٍ قد يؤثرُ سلباً على التكوين النفسيِّ والجسديِّ للطفل، والذي سيشعر يوماً ما أنه وُجِد فقط لتلبيةِ توقعات الأهل. ومع ذلك فقد يكون لهذه التقنياتِ دورٌ إيجابيٌّ لتعزيزِ العلاقة بين الأهلِ والطفلِ، وتجنب إحساسِه بأنَّهُ غيرُ مرغوبٍ به فقط بسبب جنسه.

المصادر:

هنا

هنا

هنا