الهندسة والآليات > الطاقة

تصميم ثوري لتوليد الطاقة الكهربائية من ظاهرة المد والجزر

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعتبَر حركةُ المدِّ والجزر من الطاقاتِ المُتجدِّدة باعتبار أنه يُمكنُ التنبُّؤ بها بسبب تأثُّرها بحركةِ القمر والشمس، فلنتعرف على هذا النوع من الطاقات المتجدِّدة وماهي آخر التَّصاميمِ الحديثة في هذا المجال.

أعلنت شركة كبلر للطاقة Kepler Energy عن تصميمٍ جديد متميِّز لتوربيناتٍ بحرية، تتمكَّنُ من الاستفادةِ من حركةِ المدِّ والجزر حتى بالسرعاتِ البطيئةِ جداً، على خلافِ التصاميمِ القديمة التي تحتاجُ إلى سرعةِ مدٍّ وجزرٍ عالية لتتمكَّن من توليدِ الطاقة الكهربائية. [1]

لكن قبل التعرُّف على هذا التصميم الجديد، ما هي طاقة المدِّ والجزر؟

تُعرّف طاقةُ المدِّ والجزر على أنها الطاقةُ الناتجةُ عن تأثير جاذبيةِ الشمسِ والقمرِ على المحيطات، يولّد الفرق بين ارتفاعاتِ المدِّ والجزر تيَّاراتٍ مائيةٍ ذاتِ طاقةٍ كافيةٍ لتحريكِ العنفاتِ المائية (التوربينات)، والتي ستحوِّل الطاقةَ الحركيةَ المُختَزَنة في الأمواج إلى طاقةٍ كهربائية. [2]

بإمكاننا الحصولَ على هذه الطاقة من خلالِ ثلاثِ وسائل:

1- بناء السدود:

وهي شبيهةٌ بطريقةِ بناء السُّدودِ على ضفافِ الأنهار، حيث تُركَّبُ العنفاتِ المائيةِ أسفلَ السَّد، وعند حدوثِ المدِّ وارتفاعِ مستوى المياه تُغلَقُ بواباتُ السَّد، وعند فتحِ هذه البوابات يتدفَّق الماء باتجاهٍ واحد عبرَ التوربينات مولِّداً الطاقةَ الكهربائية .[3]

2- تشكيلُ بحيراتٍ صناعية:

تُشبه هذه الطريقةُ سابقتَها، حيثُ يُشيَّدُ سدٌّ لحصرِ الماءِ ضِمنَ بحيرةٍ صناعية، إلا أنَّه تُولَّد الطاقةُ الكهربائيةُ فيها عند تعبِئةِ البُحيرةِ وعند تفريغِها [3] كما في الشكل :

3- بناءُ سلاسلَ من العنفاتِ في طريقِ مياهِ المدِّ والجزر:

وتكونُ غالباً على شكلِ أبراجٍ تحوي عنفةً أوعنفتين تحتَ سطحِ البحر، ولكن يكونُ مكانُ توضُّعِها أكثرَ تعقيداً بسبب كِبَرِ حجمِها، كما أنَّ سرعةَ دورانها تكونُ بطيئةً كي لا تُشكِّلَ خطراً على الكائنات البحرية.[3]

أمَّا اليوم، فقد أعلنت شركةُ كِبلر للطاقة Kepler Energy عن تصميمٍ جديدٍ متميِّز لتوربيناتٍ بحرية.

حيثُ أفَاد فريقُ التَّصميم في الشركة بأنَّ الشبكةَ البحريةَ التي صُمِّمت تمتدُّ مسافة ١ كيلومتر، وترتبِطُ وحداتُ التَّصميمِ مع بعضِها على شكلِ مولِّداتٍ نابضيَّة، ويتحرَّكُ كلٌّ من هذه التوربينات تبعاً لحركةِ الماء حولَه إلى أن يتمَّ تجميعُ الطاقةِ في وحدةِ تخزين. وتصلُ كميةُ الطاقةِ الكهربائيةِ التي تستطيعُ التوربيناتُ توليدَها إلى ٣٠ ميغا واط، علماً أن ١ ميغا واط تكفي لإنارةِ ١٠٠٠ بيت.

يقولُ بيتر بكستر أحدُ مهندسي الشركة: "لو استطعنا أن نجعلَ تصميمَ هذه التوربيناتَ يصلُ لطولِ ١٠ كم، فسيكونُ باستطاعتِنا الحصولَ على استطاعةٍ بمقدارِ ٦٠٠ ميغا واط، وهذا يُعادل الاستطاعةَ الناتجةَ من تشغيلِ مفاعلٍ نوويٍّ صغيرِ الحجم". وُثِّقَ التَّصميمَ الطوليَّ للتوربينات ببراءةِ اختراع، والمادُّة الأساسيةُ المستخدمةُ في التَّصميم هي مركَّبات الكربون، وهذه التوربينات قابلةٌ للتطبيق في أي بيئةٍ بحرية.

تُثبَّت التوربيناتُ بقواعدَ على عمقِ ٣٠ متراً تحت مستوى الماء، ونتيجةً لتحرُّك التوربيناتِ ببُطءٍ فإنها لا تؤذي الأسماكَ التي قد تكونَ بالقُرب منها. على الرّغم من أن هذه التكنولوجيا حديثةٌ ولكنها ستُحدِثُ تغييراتٍ إيجابيةً للبيئة، وسوف تُساهِم في التَّخفيف من استخدام المحطَّات الحرارية لتوليدِ الطاقة الكهربائية.

يقول مصمِّموا التوربيناتِ أنَّ هذه التوربيناتِ المائيةَ تماثلُ في كفاءتها التوربيناتِ الهوائية، حيث صُمِّمَت من مُركَّبات الكربون عاليةِ الكفاءة لضمانِ مقاومةِ التوربيناتِ الأملاحَ البحريةَ وعواملَ التآكلِ التي قد تؤثِّر عليها في المستقبلِ نتيجةَ انغمارِها تحتَ الماء بشكلٍ دائم.[1]

على الرّغم من تصميمِ التوربيناتِ بشكلٍ صديقٍ للبيئة إلا أن شركةَ كِبلر أوضحَت أنها ستُراقبُ عمليةَ بناءِ التوربيناتِ تحتَ البحرِ خطوةً خطوة، للتأكُّدِ من عدمِ التَّسبُّب بأيِّ أضرارٍ للبيئةِ البحريةِ أو للأشخاصِ الذين يستخدمونَ البحرَ للصيدِ أو نقلِ البضائعِ و غيرها.

إن مثلَ هذه المشاريع تُعتبَر أخباراً سارة لأنصار الطاقةِ النظيفة، لأنَّها تَعِدُ بأملٍ ساطعٍ لمستقبلٍ خالٍ من المُشتقاتِ البترولية التي تُؤذي الكائناتِ الحيَّة البريةَ والبحريةَ على حدٍّ سواء.

[4]

تم الانتهاء من أول مشروع تجاري للاستفادة من طاقة المد والجزر في فرنسا عام 1966 باستطاعة تبلغ 240 ميغاواط أما أكبر مشروع من هذا النوع في العالم حالياً فتم تدشينه عام2011 في كوريا الجنوبية باستطاعة تبلغ 254 ميغاواط [5].

كلُّ العقولِ حول العالم منشغلةٌ بإيجادِ حلولٍ للطاقة، ومع تطوُّر التكنولوجيا فإن حاجةَ الإنسانِ للطاقةِ تزداد. تدورُ الكثيرُ من الأبحاث الحاليةِ حولَ استخدامِ الطاقةِ النوويةِ كبديلٍ مُحتمَل، ولكنَّ الطاقةَ النوويَّة سلاحٌ ذو حدَّين، وما زال التحكُّمُ الكاملُ بالطاقة النوويةِ ومفاجآتِها صعبَ المَنال، لذا فإنَّ أهمَّ المصادرِ الحاليةِ التي يُمكن أن تكونَ بديلاً آمناً للطاقة النفطيةِ هي الطاقةُ الشمسية وطاقةُ الرياحِ وطاقةُ المدِّ والجزر، ولكنَّ التَّصاميمَ الحاليَّة لمُجمِّعات الطاقة لم تستطِع إنتاجَ الكميةِ الكافيةِ لجعلِها بديلاً ناجحاً، وذلك لأنَّ التصاميمَ الحاليَّة ما زالت تُعاني من ضعفٍ في الكفاءِة التجميعيةِ للطاقة. كلُّ فردٍ على هذه الكرةِ الأرضيةِ مسؤولٌ عن إيجادِ حلولٍ للطاقةِ البديلة، هل أتى دورُك في المساهمة في نهضةِ البشرية؟ ربما قريباً.. قريباً جداً.

المصادر:

هنا

[1]

هنا

[2]

هنا

[3]

هنا

[4]

[هنا [5]