البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

المواد البلاستيكية وعلاقتها بالسمنة

استمع على ساوندكلاود 🎧

نُشِرت في الآونةِ الأخيرةِ دراسةٌ، مفادُها أن التعرضَ للموادِ الكيميائيةِ الموجودةِ في المنتجاتِ اليوميةِ كالبلاستيك والصابون وطلاءِ الأظافرِ، يمكن أن تؤدي إلى السمنةِ، والمادة الكيميائية الأساسية المعنيةُ في هذه الدراسةِ هي الفثالات، وهي مادة كيميائيةٌ تضافُ لغالبيةِ المنتجاتِ البلاستيكيةِ، تعطي البلاستيك المرونةَ والنعومةَ المعتادةَ، ولكنَّ الأبحاثَ المتلاحقةَ أظهرت أنَّ هذهِ الموادَ الكيميائيةَ يمكنها أن تؤثر على صحةَ الإنسانِ.

تقول Lei Yin الباحثة التي قادت هذهِ الدراسةُ: "أنَّ التعرضَ لمادةِ الفثالاتِ الكيميائيةِ يمكنُ أن يترافقَ مع زيادةِ أنماطٍ مختلفةٍ من الأمراضِ"، وذلكَ بعدَ أن وَجِدَت في دراساتٍ سابقةٍ مستوياتً مختلفةٌ من هذهِ المادةِ في سوائلِ الإنسانِ الحيويةِ، وأراد الباحثونَ معرفةَ ما إذا كانت فثالات محددةٌ مثل (بنزيل بيوتيل الفثالات) والتي يُرمَزُ لها عادةً بـ (BBP) لها دورٌ محددٌ في عمليةِ تراكمِ الدهونِ في الخلايا، ولهذا الغرضِ استخدمَ الباحثونَ في المختبرِ فأراً وقاموا بتعريضهِ للمادة الكيميائية السابقةِ، ثم حللوا نتائج تأثيرِ هذهِ المادةِ على تراكمِ الدهون والزيوتِ والتي تعرف باسم الليبدات في خلايا الفأر، وهنا يشير الباحث المشارك Xiaozhong Johan إلى أن السُمنةَ تعتبرُ حالياً من أهم القضايا بالنسبةِ للإنسانِ، وأننا يجبُ أن لا ننسى العوامل الوراثية التي تساهمُ في تطويرها عند البشرِ، ومع ذلك يمكن أن يلعبَ التعرضُ البيئيُّ لبعضِ العواملِ المحيطةِ دوراً في زيادةِ البدانةِ، وأوضحَ أنه تمَّ اثباتَ حدوثُ تسممٍ في الجهازِ التناسليِّ عند التعرضَ لمستوياتٍ عاليةٍ من الفثالات، ولكن العلاقة مازالت غيرُ واضحةٍ عند التعرضِ لمستوياتٍ منخفضةٍ، ويشرح أن التعرضَ للموادِ الكيميائيةِ بجرعةٍ منخفضةٍ جداً ولفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ وهو ما يعرف "بالتعرضِ المزمنِ"، يمكن أن يُسببَ أمراضاً أكثرَ ضرراً.

وفي هذه التجربةِ استطاع الباحثونَ تحديدَ كميةِ قطيراتِ الليبيداتِ المتراكمةِ باستخدامِ الطرقِ التقليديةِ ومن خلالِ التقييمِ البصريِّ للخلايا تحت المُجهرِ، ولكن تم ابتكارُ طريقةٍ حديثةٍ سُميت Cellmics وهي قادرةٌ على أعطاءِ نتائجَ تحليليةٍ دقيقيةٍ جداً مُعتمِدةً على خوازمياتِ معالجة الصور، وقياس معلوماتٍ موضوعيةٍ سريعةٍ، وتمت مقارنةُ تأثيرِ التعرضِ لمادة BBP مع أعراضِ التعرض لمادةٍ كيميائيةٍ أخرى تُعرَفُ BPA وتسببُ اختلالَ عملِ الغددِ الصماءِ البيئيَّ والذي لهُ دورٌ في التَشحمِ وتطورِ الخلاياِ الدهنيةِ.

وتجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ مادة BBP تسببُ استجابةً في الخلايا تشبهُ الاستجابةَ الحاصلة لمادة البيسفينول (BPA)، وهي مادةٌ كيميائيةٌ مصنعةٌ تُضافُ للبلاستيك المخصصِ لصناعةِ الحاوياتِ التي يُخَزِنُ فيها الطعام والشرابُ كالقوارير البلاستيكية التي تُعبأُ بالمياه)، وتسببُ هاتانِ المادتانِ تراكمَ قُطيراتِ الدهونِ في الجسمِ، وتشيرُ النتائجُ أن القطيراتَ الدهنيةَ المتراكمةَ نتيجةَ التعرضِ لـ BBP كانت أكبر، وبالتالي يُمكننا القولُ أن التعرضَ لهذهِ المادةِ قد يؤدي إلى السُمنةِ، وعلى الرَغمِ من أنهُ لا يمكنُ تعميمُ نتائجَ هذهِ الدراسةِ مباشرةً على البشرِ، لأن الخلايا المستخدمةَ كانت خلايا فأر، إلا أنها تعطي مؤشراً على احتمالِ وجودِ صلةٍ بين التعرضِ لمادة BBP والسُمنةِ، مما يؤثرُ بالتالي على صحةِ الإنسانِ، وتقول الباحثة المشرفةُ إن ذلك يستدعي الباحثينَ لإجراءِ المزيد من الأبحاثِ واستكشافِ العلاقةِ بينَ الموادِ البيئيةِ والسُمنةِ في أبحاثٍ مستقبليةٍ، ودراسةِ فيما إذا كانت الموادُ الكيميائية النباتيةُ يمكنها موازنةُ الآثارِ السلبيةِ المترتبةِ من التعرضِ للموادِ الكيميائيةِ الأكثرِ ضرراً.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا