الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

المناديل الورقية أم المجفف الهوائي التقليدي؟... أيهما أفضل للبيئة؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل علينا أنْ نجففَ أيدينا باستخدام المناديلِ الورقية، أم باستخدام المجففِ الكهربائي التقليدي؟ يعودُ هذا السؤالُ القديمُ ليربكَ الكثيرينَ. يرتبطُ قرارُ استخدام إحدى طريقتي التجفيف السابقتين لدى البعض بعاداته الصّحية، بينما يرتبطُ بأداء التجفيف لدى البعضِ الآخر. يأخذُ الكثيرون الشؤونَ البيئيةَ أيضاً بالاعتبار، مدفوعينَ بحقيقة ارتباطِ أنشطةِ حياتنا اليومية بشبكةٍ معقدةٍ من الضغوطاتِ المتناميةِ على كوكبنا وموارده.

إذاً كيف نستطيعُ أن نحددَ الطريقةَ الأكثرَ فعاليةً والصديقةَ للبيئة من بين طريقتي تجفيف الأيدي الأكثرِ شيوعاً وانتشاراً؟ المناديلُ الورقية أو المجفف الكهربائي؟.

تمَّ استخدام طريقةِ تحليل دورة الحياة " Life cycle analysis" لفترةٍ طويلةٍ لتحديد التأثيراتِ البيئيةِ لدورة حياة المنتجات والخدمات، بما تتضمنه من مواد خام، وتصنيع، ونقل، واستخدام، إضافةً لكيفية التخلص منها مع نهاية استخدامها. نستطيع باستخدام طريقة التحليل هذه أنْ نجدَ النقاطَ الهامة وهي الأجزاءُ من دورة الحياة صاحبةُ التأثيرِ الأكبر، وبذلك نصبحُ قادرينَ على تحديد الجوانبِ الأكثرِ أهمية التي سنُركّزُ عليها في تحليلنا.

ماهي النقاط الهامة في أنظمةِ تجفيف الأيدي الأكثرِ شيوعاً؟

تُظهِر أبحاث دورة الحياة باستمرار أنَّ التأثيراتِ البيئيةَ للكهرباء والمناديل الورقية المستخدمةِ في تجفيف الأيدي كبيرةٌ بالمقارنة مع التأثيرات خلال ما تبقى من دورة الحياة. ويتضمن ذلك المواد الخام والتصنيع وكيفية التخلص من مجففات الأيدي وعبوات المناديل الورقية بعد انتهاء حياتها، هذا لأننا نستخدم المجففات وعبوات المناديل عدةَ مراتٍ قبل أن نقوم باستبدالها، لكننا نستهلكُ من موارد الكهرباء والورق في كل مرةٍ نقوم فيها بتجفيف أيدينا. نتيجةً لذلك يرتبط الأثر البيئي لتجفيف الأيدي بشكلٍ كبيرٍ بنوع وكمية المناديل الورقية المستخدمة، أو بكمية الطاقة الكهربائية التي يستهلِكُها مجففُ الأيدي الكهربائيُّ التقليدي.

الورق في مواجهة الهواء:

توصلتِ الأبحاث التي قارنت بين التجفيف بالمناديل الورقية والتجفيف بالمجفف الكهربائي التقليدي، إلى أنَّ كلا الطريقتين متشابهتان من الناحية البيئية، وكلُّ طريقة تتميز عن الأخرى بشكلٍ بسيطٍ نتيجةَ تَغَيُّرِ بعض العوامل الحرجة المؤثرة عليها مثل:

- وزنِ وعددِ المناديل الورقية المستخدمة في التجفيف، حيث يتم استخدام منديلين وسطياً.

- نسبةِ الورق المعادِ تدويره.

- مقدارِ الطاقة والوقت اللازم للتجفيف باستخدام المجفف الكهربائي.

- تأثيراتٍ أخرى للكهرباء تتعلق بالنواحي الإقليمية.

تُعْتَبَرُ المناديلُ الورقية خَيَاراً أفضل في بعض الحالات وبفارقِ ضئيل، وفي حالاتٍ أخرى تتفوق مجففات الأيدي الكهربائية التقليدية. ويعتمد ذلك بشكلٍ كبير على كيفية توليد الكهرباء وعلى الطريقة المستخدمة في إنتاج المناديل الورقية والتخلص منها بعد استعمالها.

المنافس الجديد:

لابد أنك قد لاحظت في الآونة الأخيرة انتشارَ نوعٍ جديدٍ من المجففات الفاخرة في الحمامات. في الوقت الذي تعتمدُ فيه مجففات الأيدي التقليدية على تدفق الهواء الدافئ لتبخير الماء وإزالته عن الأيدي، تستخدم المجففات الجديدة تياراً سريعاً من الهواء غيرِ الساخن لنزع الماء ببساطةٍ عن اليدين.

قارنتِ العديد من الدراساتِ الحديثةِ بين مجففات الأيدي عاليةِ السرعة من جهة والمناديلِ الورقية ومجففاتِ الأيدي الهوائية التقليدية من جهةٍ أخرى. تتفوق المجففات عاليةُ السرعة التي تمت دراستها على المجففات الهوائية التقليدية من ناحية امتلاكِ المجففات عالية السرعة لزمن تجفيف أقل يتراوحُ مابين 12-20 ثانية، في حين يبلغُ الزمنُ اللازم للتجفيف للمجففات التقليدية 20-40 ثانية. كذلك تستهلكُ المجففات عاليةُ السرعة مقداراً أقلَّ من الطاقة يُقدر بحوالي 1.5 كيلو واط، بمقابل 2.4 كيلو واط تستهلكها المجففات التقليدية لإتمام عملية التجفيف الواحدة. لقد أكدتِ الدراساتُ المزايا التي تتمتعُ بها المجففاتُ عاليةُ السرعة حتى مع أخْذِ استهلاكِ المجففات الهوائية التقليدية لكميةٍ أقلَّ من الطاقة بعين الاعتبار.

قامَ الباحثون أيضاً بمقارنة التأثيراتِ المرتبطةِ بتوليد واستخدام الكهرباء اللازمةِ للمجففات مع التأثيرات والانبعاثات الناتجة عن عمليات إنتاج و الورق والتخلص منه، ومرةً أخرى تتفوقُ المجففاتُ عاليةُ السرعة. تبقى هذه النتيجةُ صحيحةً حتى في حال تمَّ استخدام أقلّ من منديلين خلال عملية التجفيف الواحدة، وكانت نسبةُ الورق المعادِ تدويرُه 100% في كلٍّ من التصنيع والرمي.

بشكلٍ عام، وَجدَتْ دراسات دورة الحياة أنّ استخدامَ المجففات عالية السرعة يُقلل التأثيراتِ البيئيةَ بشكلٍ كبير بالمقارنة مع المجففات الهوائية التقليدية والمناديل الورقية، وهذا يتضمن الاحترارَ العالمي المحتمل، استخدامَ الأراضي، استخدامَ المياه، النفاياتِ الصلبة، وجودةَ الأنظمة البيئية والطاقةَ الكامنة.

ما هي طريقة التجفيف الأفضلُ للبيئة؟

توصلنا إلى حُجّة مقنعة تجعلنا نُفضّل استخدام المجففات الكهربائية عالية السرعة بدلاً من المجففات الهوائية التقليدية وحتى المناديل الورقية. إذ تتزايد الفوائد البيئية لاستخدام المجففات الكهربائية عاليةِ السرعة بدلاً من المناديل الورقية نظراً لانخفاض دورِ شبكات الكهرباء كمسببٍ للاحتباس الحراري. مع ذلك يمكن لهذا أن يتغير في المستقبل في حال أصبحت المناديلُ الورقيةُ أخفَّ وأصغر، قيامِ حملات التسويق في المجتمع بالإضاءة على كيفية جعل المناديل الورقية أفضلَ من ناحية الاستخدام وإعادة الاستخدام، اعتمادِ التقنيات الحديثة التي قد تتفوق على فوائد التجفيف عالي السرعة. النقطة الأساسية هنا هي أنه يجبُ أن يُؤْخَذَ السياقُ الأوسع الذي تتمُ فيه المنتجات كتلك المستخدمة لتجفيف الأيدي بالحسبان، والذي يشمل دورة حياتها الكاملةَ من المهد إلى اللحد. عندما يتم أخذُ النظام بالكامل بعين الاعتبار، نستطيع اتخاذَ القراراتِ المهمة التي من شأنها أن تضمنَ لنا نتائجَ بيئيةً أفضل الآن وفي المستقبل.

على الأقل نستطيع الآن أن نشعر بقلق أقل في المرة القادمة التي نقرر فيها الطريقة التي سنستخدمها في تجفيف أيدينا.

المصدر:

هنا