العمارة والتشييد > التصميم المعماري

ساحة لشبونة، ساحة عامة ومبنى وشارع تجاري بنفس الوقت

استمع على ساوندكلاود 🎧

عندما يفكّر شخص ما بالمدينة تتبادر لذهنه أمورٌ معيّنة كالأبنية والشّوارع وناطحات السّحاب، ولكن عندما يفكّر المختصّ بالتّخطيط العمرانيّ أو العمارة بالمدينة فإنّه لا يستطع أن يتجاهل العنصر الأساسيّ المكوّن لها ألا وهو الناس ونشاطاتهم، لذلك فإن أحد أهمّ العناصر المكوّنة للمدينة هي الساحات العامة، فهي ما يجعل المدينة حيّةً ويربط مكوّناتها المختلفة وهي مكان الالتقاء الأهمّ بالنسبة لقاطنيها وبالتالي كلّما كان تصميم السّاحة العامّة مدروساَ بشكل صحيح كلّما كانت المدينة بأكملها أكثر حيويّة. مقالنا اليوم عن أحد الساحات العامّة ذات الحجم الصّغير نسبيّاَ إلّا أنّها أثّرت بشكل كبيرِ على المحيط العمرانيّ لها وهي ساحة لشبونة. بالرّغم من أن تسميتها قد تشير إلى وجودها في العاصمة البرتغاليّة لشبونة إلّا أن موقعها هو مدينةٌ برتغاليّةٌ أخرى اسمها بورتو، وهي ثاني أكبر المدن البرتغالية فلنتعرف سويّة على هذه السّاحة وتصميمها الفريد.

تمّ تصميم هذه السّاحة بالاعتماد على عدد من المبادئ الحديثة في التّخطيط العمرانيّ وهي أنّ السّاحة العامّة يجب أن تصمّم بشكلِ منفتحِ على المدينة ككل، وبأسلوب يخدم المشاة بشكل أساسيّ، مع الابتعاد عن الانغلاق نحو الدّاخل وتصميم الساحة كأنها عنصر منعزل عن محيطه،لكن طبعاً مع ضمان علاقة جذّابة مع المحيط العمرانيّ للسّاحة.

كان موقع هذه السّاحة قديماً عبارة عن مركزٍ تجاريّ لذا تضمّن تصميم السّاحة خلق عددٍ من الفراغات الداخليّة بارتفاعاتٍ مناسبة، وتتفاعل بشكل حيويّ مع المحيط من خلال تصميمها على شكلٍ طبوغرافي جديد. هذا التّصميم قدّم السّاحة بوصفها حديقةً عامةً ومبنى مع شارعٍ تجاريّ مغطّى جزئيّاً بشكل منحدر حيث تتوضّع الساحة على السقف وترتبط بحديقة كوردوريا وساحة جوميز تيكسييرا *(نسبةً لأوّل رئيس لجامعة بورتو)، أمّا الشّارع التجاريّ فيأتي في المستوى الوسطيّ ويربط مكتبة ليلو ببرج (كليريغوش) التاريخي، وفي الأسفل موقف للسيارات يتم الوصول إليه من الشوارع السفلية.

كان من الضّروري ضمان سلامة مستخدمي هذه السّاحة سواءً من المشاة العابرين أو الجالسين في المقاهي والمحلّات التّجارية، وضمان ديناميكية عمل السّاحة وعامل الجذب لاستخدامها من قبل الناس في محاولة لإعادة أهميّة هذا الموقع بالنسبة لساكني المدينة، وكان ذلك من خلال تقديم مسار وظيفي طبيعي منسجم تماماً مع المحيط وبدون عوائق أو حواجز أمام المستخدم.

تقدّم التغطية الاسمنتيّة مأوىً من المطر و أشعة الشّمس القويّة في الشّارع التجاريّ على الجانبين أمام واجهات المحلات التجاريّة المتوزّعة فيه.

الظّلال الناتجة على الواجهات هي نتيجة لتصميم السّقف بهذه الطريقة والذي يستمر حتى موقف السيارات ومستوى الشوارع المحيطة.

جاءت الواجهات كمزيج من الإسمنت مسبق الصّنع وبعض العناصر الإنشائيّة المعدنية البيضاء، في حين صُمِّم السّقف كمسطّح أخضر تمّت زراعته بأشجار الزيتون كتمثيلٍ رمزيٍ لإحدى بوابات المدينة القديمة والمعروفة تاريخيّاً باسم (بوابة الزيتون).

في النهاية يمكننا ملاحظة أنّ التّصميم المعماريّ لهذه الساحة جاء بإدراكٍ كبير واحترام للمحيط العمرانيّ والتاريخيّ الثقافيّ للمدينة، والذي يسعى لأن يكون متصلاً معها لأقصى الحدود. الآن وبعد اطّلاعكم على هذا المشروع شاركونا بآرائكم.

المصدر:

هنا