الفيزياء والفلك > علم الفلك

المركبة الفضائية "جونو" والأسرار التي ستكشفها عن كوكب المشتري.

استمع على ساوندكلاود 🎧

المشتري هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية، وقد قام البشر بدراسته لمدةٍ طويلة ومع ذلك ما زال هناك العديد من الأسئلة التي لم يتمكنوا من الإجابة عنها. في عام 1995 قامت بعثة غاليلو التابعة لناسا بإنزال مسبار في الغلاف الجوي للمشتري وقد أظهرت البيانات التي تم الحصول عليها عند ذلك بأن تركيب المشتري يختلف عمّا توقعه العلماء مما يشير إلى أن النظريات التي تمّ وضعُها في محاولة تفسير تشكُّل هذا الكوكب خاطئة. ستحاول بعثة جونو Juno الإجابة عن العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا الكوكب وبالتالي عن منشأ المجموعة الشمسية.

حيث تعتبر المركبة جونو هي المركبة الثانية التي صممتها ناسا ضمن برنامج New Frontiers ، حيث كانت البعثة الأولى هي المركبة New horizon والتي وصلت إلى بلوتو في الفترة الماضية بعد رحلة دامت تسع سنوات ونصف في الفضاء. وقد قامت شركة لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء في دنفر ببناء المركبة جونو. ويقوم مختبر الدفع النفاث وهو أحد فروع معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا بإدارة هذه البعثة، وسيتولى ذلك "سكوت بولتون" من معهد الأبحاث الجنوبي الغربي في سان أنطونيو .

حيث يقدم برنامج New Frontiers إمكانية استكمال مجموعة من البعثات المتوسطة الميزانية، لكنها ذات أهمية كبيرة في إتمام الخطة العشرية لمسح المجموعة الشمسية.

الجدول الزمني للبعثة:

الإطلاق: 5 آب /أغسطس 2011.

المناورات الفضائية: أب/أغسطس وإيلول/سبتمبر 2012.

الانطلاق بدعم من الجاذبية الأرضية: تشرين الأول/اكتوبر 2013.

الوصول إلى المشتري: تمّوز/يوليو 2016 .

الدوران حول المشتري لـ 20 شهراً (37 دورة).

إنهاء المهمة (مغادرة المدار والسقوط داخل المشتري): شباط /فبراير2018.

أهداف مهام المركبة الفضائية جونو :

تهدف المركبة الفضائيّة جونو إلى تحسين فهمنا لبدايات تشكّل المجموعة الشمسيّة من خلال الكشف عن منشأ وتاريخ تطوُّر كوكب المشتري.

مهام هذه المركبة:

- تحديد كميّة المياه الموجودة في الغلاف الجوّي للمشتري، الأمر الذي سيساعد على تقييم النّظريات التي تفسّر تشكُّل الكواكب لمعرفة الصحيحة منها، وما إذا كنّا بحاجة إلى نظرية جديدة.

- النظر عميقاً في الطبقات الداخليّة من الغلاف الجوّي للكوكب لدراسة تركيبها ودرجة حرارتها وحركة الغيوم فيها وغيرها من الخصائص.

- رسم خريطة للحقل المعناظيسي وحقل الجاذبية للمشتري، واستكشاف ودراسة الغلاف المغناطيسي للمشتري بالقرب من قطبي الكوكب خاصّةً الشفق القطبي، من أجل دراسة تأثير قوى الحقل المعناطيسي الهائلة على الغلاف الجوي للكوكب.

تاريخ كوكب المشتري هو نفسه تاريخ المجموعة الشمسية:

تهدف المركبة جونو إلى فهم منشأ ومراحل تطوّر المشتري، حيث يخبِّئُ المشتري تحت غلافه الغيمي الكثيف الأسرار المتعلقة بالظروف والعوامل الأساسية التي حكمت المجموعة الشمسيّة خلال فترة تَشكُّلِها. ويمكن اعتبار المشتري مثالاً للكواكب العملاقة، يساعدنا على اكتساب المعارف الضرورية لفهم الأنظمة الكوكبيّة التي يتم اكتشافها حول النجوم الأخرى.

ستقوم المركبة جونو باستخدام مجموعة من الأدوات العلمية بالتحقُّق من إمكانية وجود نواة صلبة للمشتري، ورسم خريطة للحقل المغناطيسي الهائل المحيط به، وتحديد كمية الماء والأمونيا الموجودة في الطبقات الداخليّة من غلافه الجوي، ومراقبة الشفق القطبي للكوكب. سيؤدي كل ذلك في نهاية الأمر إلى فهم أعمق لتشكل الكواكب العملاقة، والدور الذي تلعبه مثل هذه الكواكب في تشكّل الأنظمة الكوكبيّة الأخرى في المجموعة الشمسية.

أصل كوكب المشتري وبنيته الداخلية:

تبدأ كل الفرضيات التي وضعها العلماء عن تشكل المجموعة الشمسية بانهيار سحابة عملاقة من الغاز والغبار (سديم)، مما أدى إلى تشكل الشّمس. وعلى غرار الشمس يتكون المشتري في معظمه من الهيليوم والهيدروجين، وهذا يدل على وجوب تشكله في بدايات عمر المجموعة الشمسيّة، حيث حصل على معظم المادة المتبقية بعد تشكل النجم الجديد (الشمس). لكن كيف حصل كل هذا؟ مازال الموضوع مبهماً.

ربما كانت البداية بتشكل نواة كوكبيّة قامت بالتقاط كل هذه الكميات الضخمة من الغازات بفعل جاذبيّتها، أو ربما إنهارت منطقة غير مستقرة داخل السديم مما أدى إلى تشكل الكواكب. إن الاختلافات بين هذه السيناريوهات هي اختلافات جوهريّة ولا بد من حلّها.

والأهم من هذا كلّه، ما هو الدور الذي لعبته الكويكبات الجليدية صغيرة الحجم planetesimals، أو الكواكب الأولية protoplanets التي تشكّلت منها وما هو تركيبها؟ من المرجح أن تَشكُّل الأرض وباقي الكواكب بدأ بالكويكبات الصغيرة المتجلدة التي تحوي على الماء والكربون، وهي المكونات الأساسية للحياة.

على عكس الأرض، فإن الكتلة الضخمة لكوكب المشتري مكّنته من الحفاظ على تركيبه الكيميائي، وهذا ما سوف يساعدنا على تقصي تاريخ مجموعتنا الشمسيّة.

ستقيس المركبة جونو كمية الماء والأمونيا الموجودة في الغلاف الجوّي للمشتري وتحدد فيما إذا كان يملك نواة صلبة أو لا. وستمكننا هذه البيانات من حسم الموضوع في مسألة تشكل هذا الكوكب العملاق، وبالتالي تشكل المجموعة الشمسيّة ككل.

سوف تكشف جونو عن البنية الداخلية للمشتري وتحسب كتلة نواته عن طريق رسم خرائط الحقل المغناطيسي والجاذبي للكوكب.

الغلاف الجوي للمشتري:

لا يعرف العلماء حتى اليوم عُمق الرّزم الملونة الخفيفة التي تدعى بالمناطق والغامقة التي تدعى بالأحزمة التي نراها على سطح كوكب المشتري، ويعتبر ذلك من الأمور الجوهرية التي يسعى العلماء لمعرفتها.

ستقوم المركبة جونو برسم التغيرات في تركيب الغلاف الجوي للمشتري ودرجة حرارته وأنماط حركته وصولا إلى أعماق غير مسبوقة وذلك من أجل تحديد بنية وحركة الغلاف الجوي للمشتري تحت قمم السحاب للمرة الأولى.

الغلاف المغناطيسي للمشتري:

يتحول الهيدروجين في الطبقات العميقة من الغلاف الجوّي للمشتري إلى الحالة السائلة بفعل الضغط الكبير (فيما يعرف بالهيدروجين المعدني). في تلك الأعماق السحيقة يتصرف الهيدروجين كأنه معدن ناقل كهربائيًا، لهذا يعتقد العلماء أنه مصدر الحقل المغناطيسي الهائل للمشتري. هذا الحقل المغناطيسي القوي يؤدي إلى تَشكُّل الشفق القطبي الأكثر بريقاً على الإطلاق في المجموعة الشمسيًة، حيث تخترق الجسيمات المشحونة الغلاف الجوي للكوكب.

في سابقة من نوعها ستقوم المركبة جونو بجمع عينات من الجسيمات المشحونة والحقول المغناطيسيّة في المناطق القطبيّة من الكوكب، وفي الوقت نفسه ستقوم بمراقبة الشفق القطبي بالأشعة فوق البنفسجيّة الناتجة عن اصطدام كميات مهولة من الطاقة بالمناطق القطبيّة. كل هذه التحقيقات سوف تساعدنا على تعميق فهمنا لظاهرة الشفق القطبي الرائعة. كما أنها ستساعدنا أكثر على فهم الحقول المغناطيسية لأجسام مشابهة كالنجوم الفتية التي تمتلك نظاماً كوكبياً خاصاً بها.

المصدر: هنا