الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

تطبيقات لقياس ضغط الدم على الهواتف الذكية، هل يُمكن الإعتماد عليها؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

في حالِ كنت من مُستخدِمي تطبيقاتِ الهواتفِ الذكية في قياسِ ضغط الدم، فعليك إعادةُ النظرِ في دقَّة هذه التطبيقاتِ، فقد يكون ضررُها أكثرُ من فائدتِها.

دعونا نتعرف في هذا المقال على وجهة نظر الباحثين والمختصين في إحدى هذه الأجهزة.

في دراسةٍ أجراها الباحثون على تطبيقٍ مشهورٍ لقياسِ ضغطِ الدمِ باستخدامِ الهواتفِ الذكية، وجدوا أنَّ القياساتِ التي يُعطيها هذا التطبيقُ تفتَقِرُ إلى الدِّقة، حيث أنه يُخطئ في قياسِ ضغطِ الدمِ المرتفعِ في 4 من كل 5 أشخاصٍ يُعانونَ من ارتفاعِ ضغطِ الدم.

يقول Timothy Plante الطبيبُ الباطنيُّ مع جامعةِ جونز هوبكنز للطب في بالتيمور، أن تطبيقَ "ضغطِ الدمِ اللحظي" (Instant Blood Pressure)، يُعطي قراءةً تقديريَّةً لضغطِ الدم وذلك بوضعِ الهاتفِ الذكيِّ على الطرفِ الأيسرِ من الصدرِ وتثبيتِ السبَّابةِ على الكاميرا.

قام فريقُ البحثِ التابعُ للدكتور Plante بتجرِبةِ هذا التطبيقِ على أشخاصٍ مصابينَ بمرضِ ارتفاعِ ضغطِ الدمِ، نحو 140\90، فكانتِ النتيجةُ -بحسَبِ قياسِ التطبيق-أن 80% من هؤلاءِ المرضى أظهروا ضغطَ دمٍ طبيعي.

يقول Plante أنه في حالِ كانَ أحدٌ ما مصاباً بمرضِ ارتفاعِ ضغطِ الدم، وكان يعتمدُ على تطبيقِ Instant Blood Pressure في قياسِ ضغطِ دمه، فإن التطبيقَ في أغلبِ القياساتِ سيُظهِر نتائجَ طبيعيةً حتى ولو كان ضغطُ الدمِ مرتفعاً.

وقال الباحثون أن هذا التطبيقَ الذي كان ثمنُه 4.99 دولار لم يعُد موجوداً في Play Store أو iPhone App Store، إلا أنه ما تزالُ هناكَ تطبيقاتٌ أُخرى مقلَّدة تعتمدُ نفسَ المبدأ في القياس.

كما قال الباحثونَ أنه منذُ بدايةِ طرحِ هذا التطبيقِ في الأسواقِ في حزيران 2014 وحتى سحبِه في تموز 2015 كان أحدَ أكثرِ التطبيقاتِ مبيعاً، حيثُ كان ولمدةِ 156 يوماً، واحداً من تطبيقات الـ iPhone الخمسين الأكثر مبيعاً، وقد وصلَ عددُ النسخِ المباعةِ منه في اليومِ الواحدِ إلى 950 نسخةً كحدٍّ أدنى، حتى أنه في بعضِ الأيامِ فاقت مبيعاتُ هذا التطبيقِ مبيعاتَ لعبةِ Angry Birds.

يقول Plante أن عدمَ معالجةِ ضغطِ الدمِ المرتفعِ يُمكنُ أن يُؤدِّي إلى العديدِ من المشاكلِ الصحيَّة، كأمراضِ القلبِ والسكتةِ القلبيةِ والفشلِ الكُلوي وغيرِها من المشاكلِ الصحيَّةِ، كلُّ هذه الأسبابِ دفعتِ الباحثينَ إلى التأكُّدِ من صحَّة هذا التطبيقِ.

قام الباحثونَ بقياسِ ضغطِ الدمِ مرتين لـ 85 متطوعاً بالغاً، مرةً باستخدامِ تطبيقِ Instant Blood Pressure ومرةً باستخدامِ جهازِ قياسِ الضَّغطِ العادي الذي يُربَط على العضُد ويُملأ بالهواء.

وجد الباحثون أنه بالنسبةِ لضغطِ الدمِ الانقباضيِّ (وهو الرقمُ الأكبرُ في قياسِ الضغط ويُمثِّل الضَّغطَ أثناءَ النَّبْض) فإن التطبيقَ يُعطي قراءاتٍ أبعدَ بـ 12 نقطةً -وسطياً- عن قراءاتِ جهازِ القياسِ العادي، ويُعطي قراءاتٍ أبعدَ بـ 10 نِقاطٍ -وسطياً- بالنسبةِ لضغطِ الدمِ الانبساطيِّ (وهو الرقمُ الأصغرُ في قياسِ الضَّغطِ ويُمثِّل الضغطَ بين النبْضات).

يقول الطبيب Clyde Yancy رئيسُ قسمِ أمراضِ القلبِ في مدرسةِ فاينبيرغ الطبيَّةِ بجامعةِ نورث وسترن، أنَّ دقَّة القياساتِ مُهمَّةٌ عند قياسِ ضغطِ الدم، وأنَّ هذه القراءاتِ غيرُ دقيقةٍ بشكلٍ كافٍ حيث أن القراءاتِ البعيدةَ بـ 5 أو 7 نِقاطٍ غيرُ مقبولة.

بعد عدةِ أشهرٍ من طرحِ هذا التطبيق في الأسواق، قامت FDA (إدارةُ الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأمريكية) بسنِّ قوانينَ جديدةٍ تتعلَّقُ بالتطبيقاتِ الطبِّية على الهواتف الذكية.

حيثُ وبموجبِ هذه القوانين ستقومُ FDA بالإشرافِ على أيِّ تطبيقٍ طبيٍّ يجعلُ من الهاتفِ الذكيِّ أو الحاسوبِ اللوحيِّ أداةً طبيَّة -كتطبيقِ قياسِ ضغطِ الدم.

يقول Plante أنَّه كان يجبُ أن يحصُلَ التطبيقُ على قبولِ FDA قبل طرحِه في الأسواق، وهو ما تسبَّب في سنّ هذه القوانين.

ويقول Yancy أن الأطباءَ اعتمدوا على أجهزةِ قياسِ الضَّغطِ العاديَّةِ لقرون، وأن أيَّ طريقةٍ جديدةٍ تقيسُ الضغطَ بسهولةٍ أكثرَ ستكونُ خطوةً مُرحَّباً بها، إلا أننا لا نستطيعُ المخاطرةَ بقَبولِ قياساتٍ غيرِ دقيقةٍ لضغط الدم.

كما قال إنه بناءً على نتائجِ الأبحاث العلمية، فإن القُدرةَ الكافيةَ على التحكُّمِ بضغطِ الدم، ولاسيما في الحالاتِ الخطيرة، يُمكن لها إنقاذَ حياةِ العديدِ من الناس.

وبالرغمِ من كلِّ ما سبق، إلا أن شركة AuraLife وهي الشركةُ التي طوَّرت هذا التطبيق، تجاهلتِ الرسائلَ التي تَطلبُ منها التعليقَ على نتائجِ هذه الدراسة، وكذلك الأمرُ بالنسبة لـ Google وApple.

تظهر في موقعِ التطبيقِ على الإنترنت رسالةٌ تحذِّر من الاعتمادِ عليه في قياسِ الضغط وأنّه لا يحلُّ محلَّ أجهزةِ قياسِ الضغطِ العادية، كما يظهرُ في الموقعِ أيضاً تحذيرٌ يقول إن التطبيقَ "للاستخدام الترفيهي فقط".

يقول الطبيب Michael Grosso المديرُ الطبيُّ وكبيرُ المسؤولين الطبِّيين في مستشفى هنتنغتون، أن هذه التحذيراتِ جيدةٌ إلا أن ما يُقلِقُ الباحثينَ هو سوءُ استخدامِ هذا التطبيقِ على أنه جهازُ قياسٍ حقيقي، كما أن واجهةَ المستخدمِ الخاصةِ بالتطبيق مصمَّمةٌ بشكلٍ جذابٍ يجعلُ بعضَ المستخدمينَ يظنُّ أن النتائجَ التي يُعطيها التطبيقُ دقيقة.

يقول Plante أنه غيرُ متأكِّدٍ فيما إذا كان من المُمكنِ لتطبيقٍ كهذا أن يُسحَبَ من المستخدمِ بعدَ أن يقومَ هذا الأخيرُ بتحميلِه إلى حاسوبِه أو هاتفِه الذكي، وأنه يجبُ توعيةُ الناسِ بالمخاطرِ التي يُمكن أن تحدثَ من أشياءَ كهذه.

فعندما يتعلَّقُ الأمرُ بصحتِنا، فإنه من الضروريِّ جداً البحثَ في خلفيةِ الأجهزةِ التي نقومُ باستخدامِها والشركاتِ المصنِّعةِ لها.

المصدر:

هنا