الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

3. نظرية المنفعة والاعتراضات عليها

نظرية المنفعة - الاعتراضات والإجابات

إن الاعتراض الأكثر شيوعاً على تبريرات النفعية أنها خُصصت لعقاب الأفراد في حالات خاطئة من الناحية الأخلاقية بشكل واضح جداً، ويورد "مكلوسكي" المثال الآتي:

لنفترض أن أحد أتباع النفعية كان يزور منطقة تعاني صراعاً عنصرياً، وخلال زيارته اعتدى زنجي على امرأة بيضاء، وحدثت أعمال شغب عرقية كنتيجة للجريمة. الحشود ذوي البشرة البيضاء - بتواطؤ مع الشرطة - يضربون ويقتلون السود... إلخ، وكان هو موجوداً في المنطقة عند وقوع الجريمة، فإن إفادته سوف تدين الزنجي دون أن يعرف ما إن كان هو بذاته الذي ارتكب الجريمة أم زنجي غيره.

وسوف يتوقع أن الاعتقال سيوقف الشغب، ويستنتج بالتأكيد وباعتباره نفعياً أن عليه أن يشهد بالزور لمعاقبة شخص بريء، لأنه برأيه عليه أن يقوم بفعل يحقق السعادة لأكبر عدد ممكن، بالرغم من أنها تطلَّبت شهادة زور ضد شخص بريء!

ذلك لا يمكن أن يكون جائزاً أخلاقياً، لهذا فإن تبرير العقاب لدى المنفعيين ليس صحيحاً وفقاً لمكلوسكي.

إذا أخذنا نظرة أعمق على ردة فعل النفعيين تجاه المثال السابق، نجد بوضوح أنهم غير ملزمين باتخاذ ذلك القرار الخاطئ. وفي رده على "مكلوسكي" يقول "سبريج" أنه إن واجه قراراً كذلك المطروح في المثال، فإن "النفعي العاقل" سوف يتوصل إلى أن وضع رجل بريءِ في السجن سيسبب قدراً هائلاً من التعاسة له ولعائلته، وأن تنبؤه بأن وضعه في السجن سيوقف أعمال الشغب لا يُعوّل عليه، لأن ذلك الشيء مُتوقف على شخصيات المشاغبين.

وبما أن القوانين العامة المصدّقة أكثر موثوقية من الحدس، فإن السعادة تزداد عندما يولي الناس الاعتبار الأكبر لها عند اتخاذ اجراءات أخلاقية. وبما أن القوانين العامة المصدّقة تخبرنا أنه على الأقل عددٌ قليل من الناس - الرجل البريء وعائلته- سوف يصابون بالتعاسة، إذن يتوجب على متبع المذهب النفعي أن يعطي ذلك وزناً واعتباراً وألا يشهد شهادةً زوراً.

يمكن الطعن في هذا النوع من الإجابات بطرق عديدة، ولعل أفضل الطرق هي بالإشارة إلى أنه حتى وإن كان صحيحاً أن رجحان الخير على الشر لن يتم بعقاب شخص بريء في هذه الحالة، هذا لا يعتبر سبباً لكون عقاب شخص بريءٍ أمراً خاطئاً. بل هو خاطئ لأنه ليس عادلاً. الرجل البريء لم يعتدي على المرأة، إذن فلا يستحق العقاب على تلك الجريمة. ولأن النفعية تركز على ترجيح السعادة فوق عكسها، فهي غير قادرة على اتخاذ الاعتبارات الأخرى في الحسبان، كالعدالة والاستحقاقية.

وإذا كان من غير الممكن إدراج العدالة والاستحقاق في النظرية، إذن لا يمكن اعتبار معاقبة الأبرياء فعلاً غير عادل، لذلك فإن الاعتراضات الموجهة ضدها تعتمد على احتمالية وجود عواقب أخرى عديدة لها.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا