الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

2. نظرية المنفعة وتبريراتها للعقاب

أولاً: نظرية المنفعة:

تبــرير المنفعة:

هي النظرية الأخـــلاقية التي تقول أن مفهوم كون الفعل صحيحاً أم خاطئاً يُحدّد بميزان الخير أو الشر الناتج عنه، وتجادلَ الفلاسفة حول كيفيّة تحديد النّتيجة الخيّرة من السّيّئة.

فقد عرّف "جيريمي بينثام" الخير بالمتعة والشّرّ بالألم، وأن الخير هو ما تعود فائدته على العدد الأكبر من البشر. بينما عرّف "جون ستيوارت ميل" الخير بالسعادة والشر بالتعاسة، وكذلك أن الفعل كي يصنّف خيراً يجب أن يحقق السعادة للعدد الأكبر. وسوف نتبع "ميل" في نقاشنا للمذهب المنفعي لاعتباره أكثر رواده جدارة بالملاحظة.

عند محاولة تحديد ما إذا كان العقاب مبرراً، سوف يحاول المنفعيون استباق العواقب المحتملة لتنفيذه. إذا كان عقاب المذنب يؤدي إلى رجحان كفة السعادة على التعاسة مقارنة بالاحتمالات الأخرى المتوفرة - كعدم اتخاذ أي إجراء أو التنديد علناً بالمذنب...إلخ - حينها تكون العقوبة مبررة، وإن وُجد خيارٌ آخر يرجّح كفة السعادة، إذن يجب تطبيق هذا الخيار وتصبح العقوبة غير مبررة.

نحن نعلم بوضوح أن الجرائم تُرتَكبُ لتسبب التعاسة، لذلك في السعي لتعزيز الوضع الذي تفوق فيه السعادةُ التعاسة، سوف يولّي المنفعيون شديد الاهتمام إلى الحد من وقوع الجرائم، فركَّزوا على ثلاث طرق لتحديد أي العقوبات تساعد على ذلك.

1- التهديد بالعقاب يمكن أن يكون رادعاً للمجرمين المحتملين، فإن أراد أحدهم القيام بجريمة محددة وهو يعلم أنها ضد القانون، وأن هناك عقاباً مرتبطاً بخرقه، فلنقل بشكل عام سوف يبدي هذا الشخص رغبة أقل بارتكاب تلك الجريمة.

2- إن العقاب يُضعِف المجرمين. فإن قُيِّد المجرم لمدة معينة من الزمن، سوف يكون أقل قدرة على إيذاء الآخرين خلال هذه المدة.

3- العقاب يستطيع إعادة تأهيل المجرمين. إعادة التأهيل تتضمن خطوات تُحسّن من شخصية الجاني، لكي يصبح أقل رغبة بإعادة ارتكاب الجرم.

وبالإضافة إلى هذه الطرق الثلاثة التي ركز عليها المنفعيون، هناك طرق أخرى يُؤثر فيها العقاب على كفّة السعادة ضد التعاسة. مثلاً ما إذا كان إنزال العقاب بالمجرم سوف يؤثر على نظرة المجتمع للمؤسسات الحكومية المسؤولة عن الرد على انتهاكات القانون، فدرجة إيمانهم بعدالة هذه المؤسسة سوف تؤثر على سعادتهم. فالمنفعيون يُعنَون بكل النتائج المترتبة على العقاب بقدر اهتمامهم بتأثيره على ميزان السعادة والتعاسة.

في المقالة القادمة سنناقش الاعتراضات على هذه النظريـــة والردود عليها.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا