الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

إمكانيّاتٌ خفيّة لمخلّفات المأكولات البحريّة

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتمّ التخلص من مخلّفات المأكولات البحريّة في البلدان النامية عادةً في مطامر النفايات أو برميها في البحار، أمّا في البلدان المتقدّمة فيكون التخلّص منها مكلفاً فمثلاً في أستراليا يصل إلى 150 دولاراً للطن الواحد.

تحتوي القشرة الصدفية للحيوانات البحريّة (السرطان البحري، القريدس، جراد البحر) على عناصرَ كيميائيّةٍ مفيدةٍ، حيث تتألّف قشور الحيوانات البحرية من 20-30% بروتين، 20-50% كربونات الكالسيوم، و15-40% كيتين، بمَ يمكن استخدام هذه المكوّنات؟

البروتين:

جيّدٌ للأعلاف الحيوانيّة، فمثلاً تحتوي قشور القريدس من نوع (بينايوس) على جميع الأحماض الأمينيّة الأساسيّة ولها قيمةٌ غذائيّة مماثلة لما تحتويه وجبةٌ من فول الصويا. لا يتمّ استخدام هذا البروتين حتى اليوم لأنّ طرق المعالجة الحاليّة للقشور تقوم بتخريبه، لكن مع الارتفاع السريع لتربية المواشي يمكن تحويل البروتين من مخلّفات القشور في جنوب شرق آسيا إلى أعلافٍ حيوانيّةٍ غنيّةٍ بالبروتين مع قيمةٍ سنويّة تزيد عن 100 مليون دولار بحسب بيانات البنك الدولي.

كربونات الكالسيوم:

لها تطبيقاتٌ واسعة في الصناعات الدوائية والزراعية والورقية كما تستعمل في البناء، يتمّ أخذها حاليّاً بشكلٍ أساسيّ من مصادر جيولوجيّة مثل الرخام والحجر الجيري، هذه المصادر وفيرةٌ ولكنّها قد تحتوي على المعادن الثقيلة الّتي يصعب إزالتها، لذلك سيكون أخذُ الطباشير من القشور البحرية أفضل للاستهلاك البشري، وخاصّةً عندما يتمّ استخدامها في حبوب الأدوية، فيتقبّلها الناس أكثر عندما تكون من مصادرَ غذائيّةٍ على أن تكون من الصخور.

سعر الجزيئات الخشنة من كربونات الكالسيوم الأرضي التي تُستعمل في البناء والأصباغ والمواد المالئة ومعالجات التربة يصل إلى حوالي 60-66 دولاراً للطن الواحد، أمّا سعر الجزيئات المتناهية الصغر الّتي تُستعمل لتحسين خصائص البلاستك والمطّاط يصل إلى 14000 دولار للطن الواحد، لكن إذا تمّت معالجة كربونات الكالسيوم لقشور الحيوانات البحرية في جنوب شرق آسيا وتحويلها إلى أرخص أنواع الجزيئات الخشنة، فستعطي بمفردها قيمةً سنويّةً تصل إلى 45 مليون دولار!!

الكيتين:

وهو عديد سكاريد خطّي وثاني البوليميرات الحيويّة الطبيعيّة وفرةً على الأرض بعد السيللوز. متوفِّرٌ في الفطريات والعوالق والهياكل الخارجية للحشرات والقشريات، حاليّاً يُستخدَم هذا البوليمير (هو والكيتوزان المشتق منه) في بضع صناعاتٍ كيميائيّة فقط كمستحضرات التجميل، المنسوجات، معالجة المياه والطب الحيوي، بالرّغم من أنّ إمكانيّاتها أكبر بكثير.

خلافاً للسيللوز ولمعظم أشكال الكتل الحيوية الأخرى، فالكيتين يحتوي على النتروجين، لذلك يمكن له أن يكون نقطة الانطلاق الأنسب لإنتاج الإيتانولامين (ETA) المُستخدَم في محطّات توليد الطاقة لامتصاص CO2، وفي صناعة الصابون والمنظفات ويتطلّب إنتاجه عادةً ستَّ خطواتٍ، لكن بوجود الكيتين الذي يحتوي على الكربون والنتروجين والأوكسجين يمكننا إنتاج الايتانولامين بخطوةٍ واحدة فقط.

التحدّيات الكيميائيّة

طرق استخراج المواد الكيميائيّة من قشور الحيوانات البحرية حاليّاً مكلِفةٌ ومُسرِفة، فيتطلّب فصل المكوِّنات المختلفة عمليّةً تسمّى بالتجزئة (fractionation)، حيث تتم إزالة البروتين بمحلول هيدروكسيد الصوديوم، أمّا كربونات الكالسيوم باستخدام حمض كلور الماء. لكنّ التكنولوجيات المتقدّمة أخذت بالظهور ومنها تطوير خليطٍ من البكتيريا التي تقوم باستهلاك البروتينات وتفكيك كربونات الكالسيوم، كما قامت عمليّة تخمير حمض اللاكتيك بتحويل 30-50 كغ من مخلّفات القشور في مفاعلٍ واحدٍ لإنتاج الكيتين في المخبر، كما تُوجد طريقة أخرى لاستخراج الكيتين وهي تصميم واستخدام السوائل الأيونية، ويعمل الباحثون على تطوير المزيد من الطرق لتجزئة مكوّنات القشور كالطحن بالكرات والانفجار البخاري المستخدمة في تكرير كتل الخشب الحيوية على نطاق تجريبي، بعد أن أدركوا جدوى استخدام هذه الأساليب مع القشور البحرية.

تتطوّر عمليّات تحويل مركب الكيتين إلى كيماويّات غنيّة بالنيتروجين بشكلٍ متسارعٍ، وهذا برغم أنّها لا تزال في مراحلها الأولى وربما يتطلّب الأمر 5 سنوات على الأقل لتوسيع نطاق العملية، ثم 10 سنوات أخرى لتسويقها تجاريَّاً ويجدر بالدراسات في المستقبل استكشاف مسارات تحويل مركّب الكيتين إلى الكيماويّات الأخرى، وتحسين المنتجات من خلال تحسين المحفِّزات، والمعالِجات الأوليَة، وتسهيل فصل المنتجات.

المصدر:

هنا