الطب > مقالات طبية

السبخ Narcolepsy

استمع على ساوندكلاود 🎧

"أوشكتُ على النوم أثناء وقوفي" عبارةٌ نسمعها ونرددها كثيراً عندما ينهار الشخص من التعب والنعاس، ولكن في هذا المقال سنتعرف على حالة مرضية تصيب بعض الأشخاص وتجعلهم ينامون في أي وقت ومن دون إرهاق، هذه الحالة تدعى السبخ Narcolepsy.

يعد السبخ أحد أشيع أسباب النعاس المزمن إذ يصيب واحداً من كل 200 شخص ويعرف لهذا المرض نمطان:

- النمط الأول: ينتج عن الخسارة الكبيرة في عصبونات الوطاء (ما تحت المهاد) التي تنتج الببتيدين العصبيين أوريكسين A وB ( يُدعيان أيضاً هيبوكريتين 1و2). هذان الببتيدان مسؤولان عن الصحو وتنظيم نوم الريم (نوم حركات العين السريعة) في جسم الإنسان. ومن النظريات المقترحة التي تفسر خسارة هذه العصبونات: ردود فعل مناعية ذاتية أو فيروسات مثل فيروس أنفلونزا الخنازير أو عوامل وراثية أو الساركوئيد أو زوال النخاعين أو النشبات الدماغية أو الأورام والمتلازمة شبيهة الورمية.

- النمط الثاني: يتشابه مع النمط الأول بمعظم الأعراض إلا أنّ سببه غير معروف حتى الآن.

الأعراض:

تبدأ أعراض السبخ بين عمر الـ10 والـ25 سنة بشكل مفاجئ غالباً، وقد يكون تدريجياً في بعض الأحيان، وتتضمن:

1- النعاس الشديد أثناء النهار: وهو العرض الأول غالباً. يغط المصابون بالسبخ بالنوم العميق أثناء النهار وبشكل مفاجئ في أي مكان وفي أي وقت، فقد يغفو المريض أثناء العمل، أو أثناء الحديث مع الأشخاص الآخرين أو حتى خلال الحصص الدراسية مما يؤدي إلى انخفاض التركيز والإنتاجية.

ينام المريض عادة لفترة تتراوح بين بضعة دقائق وحتى نصف ساعة ليصحو بعدها نشيطاً، إلا أنّ النعاس يعاوده خلال 1-2 ساعة ليغط في النوم من جديد.

2- فقدان المقوية العضلية المفاجئ: وتدعى أيضاً بـ(الجمدة) وهي عبارة عن نوب من الشلل المفاجئ للعضلات الهيكلية الإرادية بينما يبقى عمل عضلات التنفس سليماً. قد تكون هذه النوب جزئية أي تشمل بعض عضلات الجسم وليس جميعها (كأنْ تسبب شلل عضلات الوجه على سبيل المثال)، كما قد تصيب جميع العضلات مؤدية لسقوط المريض على الأرض وهو بكامل وعيه. تدوم هذه النوب لثوانٍ إلى عدة دقائق، وهي وصفية تقريباً للنمط الأول من المرض.

تتفعل نوبات الجمدة بالانفعالات الإيجابية غالباً كالضحك، إلا أنّ الانفعالات السلبية كالغضب والخوف قد تثيرها أيضاً. وليس شرطاً أنْ يتعرض كل مريض سبخ إلى نوبات الجمدة.

3- الشلل النومي: يختبر المصابون بالسبخ حالة مؤقتة من فقدان القدرة على الحركة عند خلودهم إلى النوم أو بعد الاستيقاظ، تكون هذه الفترات قصيرة عادة، ويكون المريض خلالها واعياً تماماً إلا أنه غير قادر على التحكم بعضلاته.

إنّ ما يحصل للمرضى خلال هذه النوب يشابه ما يحصل للإنسان الطبيعي أثناء مرحلة الريم من النوم (مرحلة حركات العين السريعة التي تتميز بمشاهدة الأحلام، ويفقد خلالها الإنسان المقوية العضلية ويصاب بحالة من الشلل المؤقت أيضاً). وقد بينت الدراسات أنّ مرضى السبخ لديهم اضطراب في نوم الريم حيث يدخلون هذه المرحلة بشكل أسرع من الأشخاص الطبيعيين (أقل من 15 دقيقة منذ بدء النوم مقارنة مع حوالي الستين دقيقة عند الناس الطبيعيين)، وقد يحدث نوم الريم عندهم في أي وقت من النهار.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الحالة قد تحدث عند أشخاص طبيعيين لا يعانون من السبخ وخاصة عند البالغين الشباب.

4- الأهلاسات: وتدعى أهلاسات ما قبل النوم إنْ حصلت فور الخلود إلى النوم، وأهلاسات ما قبل الاستيقاظ إنْ حصلت فور الصحو، وقد تكون مخيفةً للمريض حيث تتظاهر أحلامه حيةً أمامه، ويتفاعل معها كأنها واقع حقيقي خاصةً إنْ كان في حالة نصف استيقاظ.

5- تظاهرات أخرى: قد يعاني مرضى السبخ من اضطرابات نوم أخرى مثل توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم والأرق. وقد يتفاعل المرضى مع أحلامهم بأفعال مثل الضرب والركل أو الصراخ.

يسبب السبخ العديد من المشاكل للمصابين، فقد يجد البعض مريض السبخ إنساناً كسولاً خاملاً. وقد يدفع المرض بالمصاب إلى العزلة الاجتماعية بسبب نوبات النوم المفاجئ والجمدة المرافقة للانفعالات العاطفية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك فإنّ مرضى السبخ معرضون أكثر من غيرهم للبدانة، ويُعزى ذلك إلى الأدوية ونقص الاستقلاب وعوز الهيبوكريتين.

إلا أنّ أخطر المضاعفات هو ما يتعلق بالأذية الجسدية التي قد تلحق بالمصابين نتيجة نوبات السقوط أو النوم أثناء القيادة أو بعض المهام الخطرة، مما يجعلهم عرضة للحوادث، الجروح والرضوض المختلفة.

التشخيص:

يتم تشخيص السبخ عادةً من خلال استعراض الأعراض التي يعاني منها المريض، وخاصةً في حال ذكره لنوب الجمود أو النوم المفاجئ المتكرر خلال النهار، ولتأكيد التشخيص يقوم أخصائي باضطرابات النوم بمراقبة المريض لليلة كاملة في مركز متخصص مع إجراء عدة اختبارات أهمها :

- مقياس إيبوورث للنعاس: وهو اختبار يجيب فيه المريض عن عدة أسئلة قصيرة تقيس درجة نعاسه.

- سجل النوم: يوميات مفصلة لأوقات النوم والاستيقاظ يسجلها المريض لمدة أسبوع أو اثنين، وقد يطلب الطبيب من المريض ارتداء جهاز يشبه الساعة يدعى actigraph يسجل مخططاً بيانياً لفترات النشاط والراحة.

- دراسة النوم: يقيس هذا الاختبار عدة إشارات أثناء النوم بواسطة إلكترودات موضوعة على فروة الرأس، ويتم فيه مراقبة تخطيط الدماغ وتخطيط القلب والعضلات، بالإضافة إلى حركات العين لمدة ليلة كاملة في مركز مختص.

- اختبار النوم متعدد الكمون: يقيس هذا الاختبار الفترة التي تستلزم المصاب ليستغرق في النوم خلال النهار. حيث يُطلب منه أنْ يأخذ أربع أو خمس قِيَل، يفصل بين القيلولة والأخرى ساعتان، والمريض المصاب بالسبخ سيغرق في النوم بسهولة ويدخل مرحلة الريم بسرعة.

العلاج:

لا يوجد علاج شافٍ للسبخ، ولكن بعض الأدوية بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة قد يساعد في تحسين الأعراض.

من أهم الأدوية المستخدمة: المنشطات ومثبطات عودة قبط السيروتونين ومثبطات عودة قبط السيروتونين والأدرينالين، والأخيران يثبطان نوم الريم ويُستخدمان للتخفيف من الجمدة والأهلاسات، بالإضافة لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وأوكسيبات الصوديوم وهو فعال جداً لعلاج الجمدة وتحسين النوم أثناء الليل، إلا أنّ له آثار جانبية عديدة كالغثيان والتبول في الفراش وقد يزيد من المشي أثناء النوم. كما أنّ استعماله مع أدوية أخرى كمسكنات الألم أو مع الكحول قد يؤدي إلى صعوبة بالتنفس والسبات أو حتى الموت.

إنّ تغيير نمط الحياة من الوسائل المهمة في علاج السبخ، ومن أهم النصائح التي يمكن تقديمها:

- الالتزام بجدول ثابت للنوم والاستيقاظ بما في ذلك أيام العطل.

- وضع جدول لأكثر من قيلولة أثناء النهار بفواصل زمنية ثابتة ولمدة 20 دقيقة وسطياً للقيلولة الواحدة.

- تجنب النيكوتين والكحول خاصة في الليل لأنها قد تزيد الأعراض سوءاً.

- ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة بشكل منتظم قبل النوم بأربع إلى خمس ساعات على الأقل قد تزيد النشاط أثناء النهار وتساعد على نوم أفضل خلال الليل.

المصادر:

هنا

هنا