البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

الحركة "الزائدة" لا تُعيق التعلُّم دائماً لدى الأطفال، بل ربَّما العكس!

استمع على ساوندكلاود 🎧

- الأطفال ذوي اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه في الواقع يحتاجون إلى الحركة كي يتعلمو!

كثيراً ما يطلُبُ الآباءُ من أبنائِهم الصغار ذوي النشاط والحركة المفرطة أن يلزموا السكون والهدوء بهدف زيادة تركيزهم وانتباههم أثناء التعلّم. لكنّ الدراسات الأخيرة والتي تمّ نشرُها في مجلّة "Journal of Abnormal Child Psychology " أثبَتَت أنَّ الأطفال في الواقع يتعلَّمون بطرقٍ مختلفة؛ فمثلاً الأطفال الذين يُعانون من اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD) في الحقيقة يحتاجون إلى الحركة واللعب والنشاط من أجل التعلّم، أي أنَّ الحركة "الزائدة" لديهم تلزم لتعلُّمٍ أفضل!

إنّ الحركات البسيطة كأرجحة الساق، التمَطمُط، التململ بعصبيّة والتي يقوم بها بعضُ الأطفالِ أثناء استماعهم إلى الدرس قد تكون الأساسَ المُساعِد لهم في حفظ وتذكَر المعلومات أو إنجاز المهام الإدراكية الصعبة.

إنّ نتائج الأبحاث الحديثة تتناقضُ مع المبادئ التوجيهية والتربوية السائدة حول كيفية التعامل مع الأطفال الذين يُعانون من فرط النشاط ونقص الانتباه؛ حيث تُشيرُ طريقة التعليم الجديدة أنَّ إضافة بعض الألعاب والتمارين الرياضية إلى الحصّة الدراسية سيساعد هؤلاء الأطفال على تحسين أدائهم.

يقول أحد الباحثين من جامعة فلوريدا Mark Rapport:"إنّ التصرّف الطبيعي والذي يقوم به أغلب الأهالي المدرّسين في هذه الحالات هو العمَل على تصحيح سلوك الأطفال وتقليل نشاطِهم الحركي خلال حصّة الدرس – وهذا خطأ كبير ويُعاكس تماماً ما يجب فِعلُهُ !! ليس الهدفُ هو تَركُ هؤلاء الأطفال يركضون في الصف، لكن يجب أن نسمح لهم بقَدَرٍ كافي من الحركة ليستطيعوا البقاء متيقّظين ويستمرّوا بالتعلّم".

توصّل الباحثون إلى هذه النتائج بعد دراسةٍ أجروها على مجموعة مؤلّفة من 52 طفل تتراوح أعمارهم مابين 8 إلى 12 سنة، مِن بينِهم 29 طفل يعاني من اضطراب فرط النشاط مع نقص الانتباه (ADHD) و 23 طفل بدون أي اضطرابات ملحوظة. حيث تمّ تصوير حركات هؤلاء الأطفال خلال إنجازهم لمهامٍ إدراكية معقّدة تختَبِرُ إمكانيات ذاكرَتِهِم العمليّة (وهي نوعٌ من الذاكرة القصيرة الأمَد والتي يستخدمُها الإنسان خلال التعلّم، حل المعضلات وتحليل المعلومات المعقّدة).

وقد لاحظ الباحثون أنّ الأطفال الذين يعانون من (ADHD) لم يتحرّكوا أو يتململوا بعصبيّة طيلة فترة الإختبار، وإنّما فقط عندَ محاولاتهم لحلّ مسائل إدراكية صعبة والتي تطلّبَت منهُم استخدام ذاكرتِهِم العمليّة. يقول Mark Rapport:"عندما يتحرّك هؤلاء الأطفال بكَثرةٍ فإنّهم يُبدِعون وينجحون في أداءِ المَهام. إنّهم بحاجة للحركة ليبقوا متيقّظين ونَشِطين". وعلى العكس تماماً، فإنّ الأطفال الذين لا يعانون مِن أيّة اضطرابات والذين تحرّكوا كثيراً خلال إنجازِهِم للمهام الإدراكية المعقّدة حصلوا على نتائج أسواً مُقارنةً مع نتائجهم وهُم هادئون.

في الوقت الحالي وضِمنَ الكثير من المدارس يتمّ تجربة المناهِج والأساليب التعليمية المبتكرة والتي تعتمِدُ على نتائج هذا البحث؛ حيث يتمّ استبدال المقاعد والطاولات الاعتيادية بالكراسي التي تشبه الدرّاجات الرياضية، أو يتم استبدال الأثاث في الصفّ بسجاد ووسائد مريحة لتأمين جوّ مناسب للأطفال ليتحرّكوا ويتعلّموا بأريّحية. وهكذا يسعى العلماءُ والمدرّسون والأهالي يداً بيدٍ لتأمين أفضل ظروف النمو التي تناسبُ احتياجات أطفالنا.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا